ماذا لو جاء معتذراً نادماً ومكسوراً طالباً العفو ؟ ويفيض قلبك تسامحا
ماذا لو جاء معتذراً نادماً ومكسوراً طالباً العفو ؟ ويفيض قلبك تسامحا
ماذا لو جاء معتذراً.. الحمد لله الذي أمر بالعفو والصفح وجعل جبر الخواطر من أعظم القربات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد قدوتنا في التسامح، وعلى آله وصحبه أجمعين.
بقلم الإعلامية/ نادية محمود (ترك)
الحياة مليئة بالمواقف التي قد نتعرض فيها للأذى، ولكن عندما يأتي المعتذر نادماً ومكسوراً طالباً العفو، تتجلى أمامنا قيم عظيمة مثل التسامح وجبر الخواطر.
اليوم نتحدث عن الاعتذار، عن أهميته، كيف نتعامل معه، وكيف ينعكس على علاقتنا بمن حولنا.
الاعتذار شيمة العظماء
الاعتذار ليس ضعفاً كما يظن البعض، بل هو قوة تعكس شجاعة الإنسان على مواجهة خطأه وإصلاحه. الاعتذار دليل على صفاء القلب ونقاء النفس، وهو خطوة تُظهر أن المخطئ يقدر العلاقة أكثر من كبريائه.

قال الإمام الشافعي
“لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا، وَالْمُؤْمِنُ يَعْتَذِرُ وَيَعْفُو عَنْ زَلَّاتِ أَخِيهِ.”
مظاهر الاعتذار في العلاقات المختلفة:
1. بين الأصدقاء:
كم من صداقات تلاشت بسبب غياب الاعتذار؟ الاعتذار بين الأصدقاء يجبر الخاطر ويعيد العلاقة قوية كما كانت. قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه.”
2. بين الزوجين:
الاعتذار في العلاقة الزوجية يبني جسور المودة.
قال أحد الحكماء: “الزواج الناجح يقوم على ثلاثة: العفو عند الزلات، الاعتذار عند الأخطاء، والامتنان عند النعم.”
الكلمة الطيبة والاعتذار عن الخطأ البسيط يمكن أن ينهي جدالاً طويلاً.
3. بين الأخوات والأهل:
الأهل هم أحق الناس بجبر خواطرهم. عندما يُخطئ أحد الأخوة أو الأخوات، فإن الاعتذار ينشر المحبة ويعزز صلة الرحم.
4. بين الجيران:
حسن الجوار من الإسلام، والاعتذار عند أي تقصير تجاه الجيران يدل على الأخلاق العالية. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
“ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.”
جبر الخواطر
جبر الخواطر من أعظم أعمال القلوب. عندما يعتذر شخص منك، استقباله بابتسامة وكلمة طيبة قد تكون سبباً في رفع همته.
النبي صلى الله عليه وسلم كان خير مثال في جبر الخواطر. لم يكن يرد سائلاً أو يصد أحداً مهما كان خطأه.
من يستقبل الاعتذار ومن لا يستقبله
1. من يستقبل الاعتذار:
هو شخص يحمل قلباً متسامحاً، يدرك أن العفو قوة، وأن الدنيا لا تستحق أن نحمل أعباء الضغائن فيها.
2. من لا يستقبله:
ربما يكون جُرحه عميقاً، أو يظن أن قبول الاعتذار ضعف.
هنا نتذكر قول الله تعالى:
“وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى.”
كيف نتعامل مع من يرفض الاعتذار؟
إذا اعتذرت ولم يُقبل اعتذارك، فليس عليك إثم. فقد قمت بما هو واجب عليك.
حاول أن تدعو له، ولا تجعل رفضه يعكر صفو قلبك.
أيها الإخوة والأخوات
الاعتذار جبر للخواطر، والعفو شيمة الكبار. فلا تتردد في الاعتذار إذا أخطأت، ولا ترفض الاعتذار إذا أتى إليك. اجعل قلبك متسامحاً، وسامح كما تحب أن يُسامحك الآخرون.
نسأل الله أن يرزقنا قلوباً صافية متسامحة، وأن يجعلنا من الذين يجبرون الخواطر ولا يكسرونها، إنه ولي ذلك والقادر عليه