دراما زمان وبساطتها ودراما اليوم و …. ؟!! هكذا تغيرت الشاشة؟
دراما زمان ودراما اليوم .. دائما مانقوم بعقد المقارنات بينهما، وبإتفاقنا جميعا شهدت الدراما العربية تحولات كثيرة على مر العقود، ما بين الحبكة، وطريقة التصوير، وأداء الممثلين، وحتى المواضيع المطروحة.
كتبت / ليليان خليل
هل كانت دراما الماضي أفضل، أم أن الحاضر يحمل تجديدًا يستحق التقدير؟
بساطة الدراما فى الماضي
كانت المسلسلات القديمة تتميز بالبساطة، سواء في الإخراج أو السيناريو، لكنها حملت قصصًا قوية ومؤثرة. فمثلاً، مسلسلات مثل ليالي الحلمية ورأفت الهجان لم تكن مجرد دراما ترفيهية، بل حملت قضايا مجتمعية ووطنية أثرت في أجيال كاملة.
كما أن الأداء التمثيلي كان يعتمد على الإحساس العميق، بعيدًا عن المبالغة أو التصنع.
دراما اليوم.. جودة الصورة والإخراج
مع تطور التكنولوجيا، أصبحت الدراما اليوم أكثر احترافية من حيث جودة التصوير والإخراج، مع استخدام المؤثرات البصرية والموسيقى التصويرية بشكل أكثر تطورًا ولكن، على الرغم من هذا التقدم، يرى البعض أن هناك ضعفًا في الحبكة الدرامية، وكأن الشكل أصبح أهم من المضمون.
بين الواقعية والمبالغة
الدراما القديمة كانت تميل للواقعية في تصوير العلاقات الأسرية والمجتمعية، بينما أصبحت بعض المسلسلات الحديثة تعتمد على عنصر الإثارة والتشويق بشكل قد يبتعد عن الواقع.
كما زادت المشاهد المبالغ فيها سواء في الأحداث أو حتى في التمثيل، فهذا جعل البعض يشعر بغياب الهوية الأصلية للدراما العربية.
هل فقدت الدراما قيمتها؟
ليس بالضرورة، فهناك أعمال حديثة قدمت محتوى راقٍ مثل الاختيار مما يدل على أن الدراما لا تزال قادرة على تقديم أعمال ذات قيمة، لكن المشكلة تكمن في تسليط الضوء على الأعمال التي تحقق نسب مشاهدة عالية حتى لو كانت تفتقر للجودة.
أداء الفنانين
بين مدرسة الزمن الجميل وأسلوب الجيل الجديد
من أبرز الفروق بين دراما الماضي ودراما اليوم هو أداء الفنانين.
ففي الماضي، كان التمثيل يعتمد على مدارس فنية قوية، حيث كان الممثلون يهتمون بدراسة الأدوار بعمق ويجسدون الشخصيات بإحساس صادق دون مبالغة. أما اليوم، فقد تغير الأداء بشكل كبير ليواكب العصر، لكنه في بعض الأحيان يبتعد عن الواقعية لصالح الاستعراض والمبالغة في التعبير.
مدرسة الزمن الجميل.. أداء طبيعي وإحساس عميق
الفنانين الكبار مثل محمود مرسي، فاتن حمامة، وأحمد زكي، كانوا يعتمدون على إحساسهم الصادق، حيث يدخلون في أعماق الشخصيات ليجعلوا المشاهد يصدق ما يراه دون أن يشعر أنهم يمثلون.
لم يكن هناك اعتماد كبير على الحركات المبالغ فيها أو الانفعالات الزائدة، بل كان الأداء هادئًا، عميقًا، ومؤثرًا.
أداء الجيل الجديد.. سرعة وإبهار
مع تطور الدراما، أصبح الأداء يعتمد على السرعة والتفاعل السريع مع الأحداث، خاصة مع وجود مشاهد الإثارة والأكشن.
كما أن بعض الفنانين الجدد يعتمدون على “الكاريزما” أكثر من التقمص الحقيقي للشخصية، مما يجعل الأداء أحيانًا يبدو سطحيًا أو متكلفًا. ورغم وجود فنانين شباب موهوبين، إلا أن هناك من يعتمد على الشكل الخارجي أكثر من الموهبة الفعلية.
بين الواقعية والدراما المبالغ فيها
في الماضي، كان الممثل يعيش الشخصية بكل تفاصيلها، أما اليوم، فنجد أن بعض الأعمال تعتمد على الأداء الدرامي الزائد، مثل الصراخ المتكرر أو الانفعالات القوية التي قد تكون غير ضرورية في بعض المشاهد. كما أن هناك تأثيرًا واضحًا لوسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح بعض الفنانين يهتمون بالظهور الإعلامي أكثر من التركيز على تطوير أدائهم الفني.
هل فقد الفن روح الأداء الحقيقي؟
ليس تمامًا، فهناك فنانون شباب استطاعوا أن يثبتوا موهبتهم بجدارة، مثل محمد ممدوح، أحمد مالك، وأسماء أبو اليزيد، الذين يقدمون أداءً طبيعيًا دون تصنع. لكن يظل هناك فرق واضح بين جيل الكبار وجيل اليوم من حيث العمق والتأثير.
فلكل عصر أسلوبه، لكن الأداء التمثيلي يبقى فنًا يحتاج إلى موهبة ودراسة، وليس مجرد حضور أمام الكاميرا. فهل سيستعيد الجيل الجديد روح الأداء الطبيعي أم سيظل متأثرًا بأسلوب السرعة والاستعراض؟
لكل عصر ميزاته وتحدياته، ودراما الماضي والحاضر لا يمكن مقارنتهما بمعايير ثابتة. لكن يبقى السؤال: هل سنرى مستقبلًا دراما تدمج بين جودة الإخراج الحديثة وعمق المحتوى القديم؟
نتمنى أن تستعيد الدراما اليوم ما كان موجود من الدراما قديما .