أولاد الشمس يعيد فتح ملف استغلال الأطفال داخل دور الرعاية..كواليس خطيرة
أولاد الشمس يعيد فتح ملف استغلال الأطفال داخل دور الرعاية..كواليس خطيرة
أولاد الشمس يعيد فتح ملف استغلال الأطفال داخل دور الرعاية..كواليس خطيرة
أولاد الشمس من المسلسلات التى لفتت الأنظار نحوها فى الفترة الماضية وهو يسلط الضوء..كثيرًا ما يجد أبناء دور الرعاية أنفسهم فريسة سهلة للاستغلال المؤلم و يأتي اولاد الشمس يعيد تعريف الشر وممارسة داخل دور الرعاية
كتبت /ماريان مكاريوس
في دراما تلفزيونية جريئة، يأتي مسلسل “أولاد الشمس” ليقتحم العوالم المغلقة لدور الرعاية، أو ما يُعرف مجازًا بدور الأيتام، ولكن من زاوية مختلفة ومغايرة للمعتاد. لم يكن العمل مجرّد سرد للمآسي التقليدية التي ارتبطت بهذه الأماكن، بل ذهب أعمق من ذلك، ليغوص في مآلات تلك التجارب حين يكبر أصحابها… حين تترسخ الجراح في النفس، وتتحوّل الذكريات إلى معارك داخلية يحاول أبطالها كسر دوائر الألم ومنع تكرارها لدى الأجيال التالية.
بابا ماجد… الشر حين يرتدي الأناقة
في قلب هذا العمل، يقف بابا ماجد، أحد أعمدة القسوة المقنّعة، الذي قدّمه الفنان الكبير محمود حميدة بصورة مغايرة تمامًا للصورة النمطية للشر. لم يكن شره صاخبًا ولا مبتذلًا، بل جاء ساكنًا، أنيقًا، مرعبًا في هدوئه. قسوته لم تكن في الكلمات الجارحة أو النظرات المتوحشة، بل في حضوره الطاغي الهادئ، وفي قدرته على ممارسة السلطة دون أن يرفع صوته.
أداء حميدة أعاد للأذهان أناقة عادل أدهم في تجسيد الشخصيات الشريرة الهادئة، التي تزرع الرهبة دون صراخ أو تهويل، بل بمزيج من الواقعية والصمت العنيف. كان ظلم بابا ماجد مرآة لحقيقة أكثر قسوة: أن الشر لا يحتاج دائمًا إلى صخب كي يكون مدمّرًا.
عبيد… حين يصبح القيد هو الأمان
غير أن الشر في “أولاد الشمس” لم يكن حكرًا على شخصية بابا ماجد. هناك نوع آخر من الظلم، أكثر مأساوية… ذاك الذي يولد من داخل النفس. وهنا تبرز شخصية عبيد، التي جسدها ببراعة لافتة الفنان المتميز مينا أبو الدهب. شخصية غارقة في التبعية، تماهت مع القيد حتى أصبح جزءًا من هويتها. لم يعد عبيد قادرًا على تخيّل الحياة خارج سلطة بابا ماجد، رغم الأذى الذي يتلقاه منه.
كان وجود القيد بالنسبة له مرادفًا للأمان، وغيابه شعورًا بالضياع. هذه الشخصية تجسّد بمنتهى الصدق مأساة الإنسان الذي تربّى على الخضوع حتى أصبح لا يعرف طعم الحرية، بل يهابها. أداء مينا أبو الدهب تميز بتوازن مذهل؛ لم يسقط في فخ الميلودراما، ولم يبتز تعاطف الجمهور، بل منح الشخصية مساحة من العمق والواقعية جعلتها أقرب ما تكون إلى لحم ودم.
أداء جماعي متقن يروي الحقيقة
أداء الممثلين جميعًا كان على مستوى عالٍ من الحرفية، حيث بدت كل شخصية مرسومة بعناية فائقة، من الكبار حتى أصغر طفل. لا شيء في العمل جاء عبثيًا، بل بدا أن كل تفصيل فيه يخدم الحكاية الكبرى التي يرويها المسلسل عن القهر، والنجاة، وإعادة تعريف معنى الإنسانية.
وفي لفتة ذكية، جاء الفيلم التسجيلي القصير المُلحق بنهاية المسلسل ليضيف بُعدًا واقعيًا صادمًا، موضحًا حقائق مؤلمة عن نظرة المجتمع لأبناء دور الرعاية، والتحديات التي يواجهونها في كل مراحل حياتهم.
حين تلامس الدراما الحقيقة
ومن واقع اقترابي الشخصي من أبناء أحد دور الرعاية، أستطيع أن أجزم أن شخصيات المسلسل لم تكن مجرّد خيال درامي، بل انعكاس حيّ لواقع يعيشه كثيرون. كان العمل صادقًا، موجعًا، وضروريًا… تذكيرًا بأن بعض الجراح لا تُرى، لكنها تنزف طويلاً، حتى بعد أن يكبر أصحابها.
المزيد:مسلسل «حكيم باشا» الحلقة 17.. اشتعال الصراع بين أبناء العم