أمي … سعيد إبراهيم زعلوك

أمي                                            

سعيد إبراهيم زعلوك                     

لأمي،
كلُّ الهوى،
وكلُّ الحنانِ الدفّاق،
وحنينيَ العائدِ كلَّ مساءٍ
يبحثُ في صمتها عن وِثاق.
لأمي،
دفءُ النهارِ إذا بردَ البيت،
ونورُ الزوايا
حينَ تنطفئُ الأشواق.
لأمي،
رائحةُ الخبزِ
فوق الطاجنِ القديم،
ورجفةُ قلبي
إذا نادتني باسمٍ
فيه الرضا والعِناق.
لأمي،
مِئزَرُها،
ورائحةُ الليمونِ في ثوبِها،
وصوتُها وهي تُرتّبُ الكتبَ القديمةَ
وترتّقُ صمتي بخيطٍ دافئٍ
لا يُراق.
لأمي،
كوبُ الشاي عندَ المغرب،
والدعاءُ الذي تُخفيه حين أبكي،
واللّحافُ إذا ضاقت الدنيا
وصارَ الدفءُ محضَ اشتياق.
لأمي،
العيونُ،
والجفونُ،
والأحداق،
وكلُّ الذي نَسكنُهُ
حين نضيعُ،
وكلُّ الذي نَهربُ إليه
حين يجتاحنا الفُراق.
لأمي،
الصباحُ الذي لا يُشرقُ
إلا بصوتها،
والمساءُ الذي لا يكتمل
إلا بدعائها
إذا أَطبقَ الأُفقُ
واشتدَّ النّساق.
لأمي،
كلُّ الدروب،
وكلُّ البيوت،
وكلُّ الأزقّةِ التي مررتُ بها
وكانت تشبهُ طيفها
أو ظلَّها المشتاق.
لأمي،
صُوَرُنا القديمة،
وشَعري حين كانت تُمشّطهُ
بلُطفٍ
كأنّها تُرتّبُ العالم،
وتُعيده من تفرّقهِ،
بلا أوراق.
لأمي،
البيتُ إذا امتلأ بالورد،
والعُمرُ إذا خَفَّ وزرُه،
والقلبُ إذا انفتحَ على الأمل
بعد اختناق.
لأمي،
كلُّ الذي أكتبهُ،
وكلُّ الذي لا يُقال،
وكلُّ ما ضاع من وقتي
فما ضاعَ معها،
وكلُّ رجائي إذا ما ضاعَ الطريق،
وخُذلَ الرفاق.
لأمي،
قلبي،
ودمعي،
وأجملُ فصولِ القصيدة،
وأغلى ملامحِ بيتي،
وأهدأُ لحظةِ إشراق.
أحبكِ يا أمي،
أحبكِ يا أمي،
يا أصدقَ مَن عرفتُ،
وأجملَ من أهداني اللهُ
طَعمَ الحياةِ بلا ارتباك.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.