بين فخر التكريم وخزي المقارنة “murexdor 2025”
كتبت: ريهام طارق
توجّهت أنظار العالم في ليلة 21 سبتمبر، إلى العاصمة بيروت في صالة السفراء بـ كازينو لبنان، لنشاهد أجمل ليالي مهرجان “الموركس” 2025، في اليوبيل الفضي.
بعد خمسة وعشرين عامًا من النجاح المتواصل حافظ فيها المهرجان على بريقه، جامعا بين الاحتفاء بالإنجازات المعاصرة وتكريم مسيرة فنانين عظماء تركوا أثرا خالدا في عالم الفن.
هذا الحدث الفني العريق، أسسه الطبيبان زاهي وفادي حلو عام 2000، والذي بات محطة سنوية مرموقة ينتظرها جمهور الفن والإبداع، حيث يكرم من خلاله نجوم الوطن عن أعمالهم التي صنعت نجاح كبير وابداعا وبصمه مميزه خلال العام وتركت أثرا قويا لدي الجمهور العربي، وكم شعرت بالفخر وفرحه لا توصف وأنا أرى أبناء بلدي مصر يتألقون فوق منصة التكريم..
حيث حصد المطرب المصري تامر عاشور “موركس نجم الغناء العربي”.
وتألقت المطربة المصرية آمال ماهر: “موريكس نجمة الغناء العربية”.
فيما نالت الممثلة المصرية أمينة خليل: “موريكس الممثلة العربية” في الدراما المصرية عن دورها في المسلسل التلفزيوني “أولاد الشمس”.
كما جاء تكريم الممثل المصري ماجد المصري: “موريكس الممثل العربي” في الدراما المصرية عن المسلسل التلفزيوني “اش اش”.
ونالت الممثلة اللبنانية نيكول سابا: “موريكس الممثلة اللبنانية” في الدراما المصرية عن المسلسل التلفزيوني المصري”وتقابل حبيب“.
حصدت أيقونة السينما المصرية ونجمة الجماهير الأولى نبيلة عبيد جائزة تقديرية عن مجمل مسيرتها الفنية الاستثنائية، التي تجاوزت المئة عمل ما بين السينما والتلفزيون، مسيرة ثرية زاخرة التي طبعت وجدان المشاهد العربي، وتركت أثرًا لا يمحى من ذاكرة الفن، فضلا عن إسهاماتها البارزة في مجال الإنتاج الفني، لتظل علامة مضيئة في سجل الإبداع المصري والعربي.
وفي لفتة إنسانية مؤثرة، كرم مهرجان “murexdor 2025″، الفنان المصري لطفي لبيب، الذي غيّبه الموت مؤخرًا، ليكرّم عن إرثه الفني العريق من أعمال مسرحية و سينمائية وتلفزيونية، ستظل شاهدة على موهبته الفذة وحضوره الاستثنائي، محفورة في وجدان الأجيال وذاكرة الفن العربي، ليثبت أن الفن العظيم لا يرحل برحيل أصحابه، بل يبقى خالدًا.
لقد كنتم جميعًا سببًا في أن يسطع اسم مصر عاليًا في هذا المهرجان العريق، و واجهة مشرفة لـ بلدنا الغالية مصر خير سفراء لها، وهذا ما جعلني أشعر أن مهرجان “الموركس 2025″ كان حريص في اختياراته وكرم حقا ما يستحق التكريم، لمن قدّم فنًا راقيًا وإبداعًا هادفًا.
كيف لبلد كبرى مثل مصر لا تمتلك مهرجانًا واحدا يليق بها ويستحق احترامنا؟!
وبقدر كنت فخوره بكم، وجدت نفسي أغرق في موجة من التفكير المؤلم… كيف لبلد كبرى مثل مصر، بلد الفن والتاريخ والسينما، لا تمتلك مهرجانًا واحدا يليق بها ويستحق احترامنا؟!، وأتذكر أنني كنت كلما أرى إعلانًا لمهرجان مصري، سواء في السينما أو الدراما التلفزيونية وبصوره خاصه المهرجانات الخاصة بالمسرح المصري، اقرأ قائمة أسماء المكرمين فيه، واندهش من وجود بعض الأسماء بعدها تنتابني موجة من الضحك المرير، والممزوج بإحساس من الخزي والحزن، كأني اقف أمام مشهدا من الكوميديا السوداء و أتساءل بدهشة: ما هي مقاييس هذه الاختيارات؟ أهي مصالح شخصية؟ أم مجرد بحث عن أسماء تملأ مقاعد القاعة لالتقاط الصور من أجل “الدعاية”؟!
للأسف المهرجانات في مصر تحولت إلى مجرد حفلات مجاملات، نهدي فيها بعضنا البعض أوسمة لا تستحق حتى اسم “جائزة”، مهرجانات تقام فقط للكسب المالي، لا للارتقاء بالفن أو تكريم المبدعين والنتيجة: صورة مشوهة تسيء إلى اسم مصر بدلا من أن ترفعه.
مأساة حقيقية أن تصبح المهرجانات المصريه مادة للضحك والسخرية، لا لأنها فقط فقيرة في التنظيم، بل لأنها أفرغت الجوائز من قيمتها، وحولت الفن إلى مجرد ديكور على منصات خاوية، لن أنسى أبدا يوما كنت في أحدي تلك المهرجانات ووجدت ممثلة تأخذ ثلاث جوائز وفي نفس الوقت أعتقد أن الجوائز نفذت وأعطوا جائزة واحدة لاثنين من الممثلين الصاعدين كجائزة أفضل ممثل صاعد في هذا اليوم ضحكنا أنا ومن حولي وقلنا لهم بعد انتهاء الحفل “الجائزة يوم تبات عندك ويوم تبات عنده”.
لقد آن الأوان أن نعيد النظر في مفهوم المهرجانات الفنية في مصر، وأن نتوقف عن هذا العبث الذي يضر أكثر مما ينفع،فـ التكريم الحقيقي ليس هدية من صديق إلى صديق، بل مسؤولية عظيمة، ورسالة تقدير لفن يبقى ويدوم.
وإلى كل من يدّعي أنه صاحب مهرجان في مصر، أو يجرؤ على وضع هذا الاسم الكبير على حفل أشبه بـ”عيد ميلاد”، أقول: قفوا دقيقة وتأملوا ما يحدث حولكم، اذهبوا إلى لبنان، العراق، الإمارات، أو حتى المملكة العربية السعودية مؤخرًا، وتعلموا هناك معنى كلمة “مهرجان فني”، و خذوا دروسًا مكثفة في كيفية اختيار المكرّمين بمعايير فنية حقيقية، وكيف يُصنع حفل يليق باسم بلد ومكانة مبدعيه، وكيف تحول المنصة إلى احتفالية تُكرم الفن لا أن تستهين به.
غير ذلك، كفاكم عبثًا! لقد حولتم مهرجاناتنا إلى مادة خام للسخرية والتهكم، من العالم العربي كله بعد أن كنا نحن من نُعلّم العالم كله كيف يكون الفن، وكيف يُصنع التاريخ.