شمس على حافة الانهيار… اعترافات موجعة عن الفقد والسحر والاكتئاب
كتب: هاني سليم
في زمنٍ صارت فيه حياة النجوم مكشوفة أمام جمهور عريض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطل الفنانة المصرية شمس لتكشف جانبًا مختلفًا من قصتها الإنسانية، بعيدًا عن الأضواء والكاميرات. قصة مليئة بالحزن والفقد والخذلان، لكنها في الوقت ذاته تعكس جرأة في الاعتراف بما يمر به الإنسان عندما تثقل روحه الخسارات.
فقد متتالي يفتح أبواب الاكتئاب
اعترفت شمس في تصريحاتها الأخيرة بأنها تمر بمرحلة من أصعب مراحل حياتها على الإطلاق، بعدما فقدت والدتها وثلاثة من أشقائها في فترات متقاربة وبظروف مأساوية متلاحقة. فقدان الأخ الأصغر في حادث مفاجئ، ثم رحيل الأخ الأكبر بسبب جلطة في القلب، ليأتي الدور على الشقيق الثالث الذي فارق الحياة إثر جلطة في المخ.
هذا التسلسل المأساوي ترك جروحًا عميقة في نفس الفنانة، وجعلها أسيرة حزن متواصل لم تنجح في تجاوزه. ومع كل خسارة، كانت تتراكم داخلها مشاعر الوحدة والاكتئاب، حتى وجدت نفسها تفكر بجدية في اللجوء إلى طبيب نفسي. تقول شمس:
“فكرت أروح لدكتور نفسي بعد كل حالات الحزن والاكتئاب والفقدان اللي عشتها، بعد رحيل إخواتي التلاتة ووالدتي.”

هواجس السحر
شمس لم تُخفِ أنها باتت تميل إلى الاعتقاد بوجود “سحر” وراء معاناتها، إذ صرحت بوضوح: “بقيت مقتنعة إن حد ممكن يكون عاملي سحر ومش عارفة مين ممكن يأذيني.”
قد يبدو هذا الاعتقاد غريبًا للبعض، لكنه يعكس حالة من اليأس والارتباك النفسي التي قد تسيطر على أي إنسان يواجه خسارات متكررة في فترة قصيرة. هنا، تمتزج التفسيرات العلمية – مثل الاكتئاب الناتج عن الصدمات – مع الموروثات الثقافية والاجتماعية التي تلجأ لتفسير الأزمات عبر الغيبيات.
الفنانون والصحة النفسية: كسر حاجز الصمت
خطوة شمس في الاعتراف بأنها تفكر في زيارة طبيب نفسي تُعد جريئة، خاصة في مجتمع ما زال ينظر أحيانًا إلى العلاج النفسي باعتباره “ضعفًا” أو “عيبًا”. لكنها في الحقيقة تعكس وعيًا متزايدًا بين النجوم بأهمية الصحة النفسية.
الضغوط التي يعيشها الفنانون ليست أقل من ضغوط أي إنسان عادي، بل ربما تكون أكبر بحكم حياتهم العلنية، والتدقيق المستمر في كل تفاصيلهم. ولعل اعتراف شمس يفتح الباب للنقاش حول أهمية توفير الدعم النفسي ليس فقط للجمهور، بل للفنانين الذين يضحون بالكثير من أجل إسعاد الناس، بينما يعانون هم بصمت خلف الكواليس.
السوشيال ميديا… بين الدعم والنقد القاسي
وفي سياق مختلف، تناولت شمس قضية تشغل الوسط الفني حاليًا، وهي ظهور بعض الفنانين في بثوث مباشرة عبر تيك توك. البعض هاجم هؤلاء النجوم، معتبرين أن الأمر يقلل من قيمتهم الفنية، لكن شمس دافعت عنهم بجرأة، مؤكدة أن الأمر مرتبط بظروف المعيشة. وقالت:
“الفنانين دي بتظهر من أجل كسب العيش، ولو ماشتغلوش على التيك توك هيصرفوا منين؟ ويعملوا إيه؟”
ورأت أن مواقع التواصل الاجتماعي باتت ضرورة لا يمكن الاستغناء عنها، قائلة: “السوشيال ميديا مهمة جدًا في الفترة دي، وعدم ظهوري عليها غباء اجتماعي مني.”
هذا التصريح يعكس وعيها بالتغيرات التي يشهدها الفن والإعلام، حيث لم تعد الشهرة مرتبطة فقط بالسينما أو التلفزيون، بل أصبحت مرتبطة بمدى حضور الفنان على المنصات الرقمية.

أعمال شمس الأخيرة
رغم كل هذه الظروف القاسية، تواصل شمس ارتباطها بالفن. فقد كان آخر ظهور لها في مسلسل “بأثر رجعي” عام 2022، من تأليف فتحي الجندي وإخراج معتز حسام، بمشاركة نخبة من النجوم من بينهم: مي سليم، محمد عز، محمد التوني، هالة فاخر، هاجر الشرنوبي، وإيناس شيحة.
العمل قدّم دراما إنسانية واجتماعية قوية، تعكس قدرة شمس على تقديم أدوار متنوعة ومؤثرة رغم كل ما تواجهه على الصعيد الشخصي.
بين المعاناة والأمل
قصة شمس ليست مجرد حكاية فنانة تواجه مأساة عائلية، بل هي صورة مصغرة لمعاناة إنسانية يعرفها الكثيرون ممن فقدوا أعزاء عليهم. لكنها أيضًا تحمل درسًا مهمًا: أن البوح بالضعف وطلب المساعدة ليس عيبًا، بل شجاعة. وأن الفنان، مهما بدا قويًا على الشاشة، يظل إنسانًا يبحث عن سند في مواجهة الحياة.
في النهاية، تبقى شمس فنانة قررت أن ترفع الغطاء عن جراحها، وأن تواجه العالم بحقيقتها لا بقناع النجومية فقط. وبين الاكتئاب والبحث عن علاج، وبين الشكوك في الأذى والسحر، وبين الفن والسوشيال ميديا، تقف اليوم في مفترق طرق، تحاول أن تبدأ من جديد، وأن تجد لنفسها بصيص أمل وسط ظلام الحزن.