عودة التجمعات العائلية ولماذا أصبحنا نقدّر اللحظات البسيطة

عودة التجمعات العائلية ولماذا أصبحنا نقدّر اللحظات البسيطة؟

بقلم الكاتبة/ زينب محمد شرف

بعد سنواتٍ من الانشغال والابتعاد، عادت التجمعات العائلية لتكون أكثر دفئًا ومعنًى، لم تعد مجرد طقوس اجتماعية، بل أصبحت مساحة للامتنان، ولم الشمل حيث نُدرك قيمة الضحكة التي تتشاركها العائلة، ورائحة الطعام المنزلي التي تُعيدنا إلى الذكريات الأولى، لقد علمتنا التجارب الأخيرة أن السعادة لا تسكن في الأماكن البعيدة، بل في اللحظات البسيطة التي تجمعنا بمن نحب في حديثٍ صادق، أو نظرةٍ مليئة بالحنان، أو حتى في صمت مريح يملأه الشعور بالأمان والانتماء.

من الغفلة إلى الامتنان

من الغفلة إلى الامتنان طريق تضيئه البصيرة لا العيون، حيث كانت اللقاءات العائلية أمرًا روتينيًا، نشارك فيها الطعام والحديث، وربما بعض الطقوس أو الأعياد، ولكن مع إنقطاع هذه اللقاءات لفترات طويلة بسبب ضغوط الحياة، بدأنا ندرك قيمتها الحقيقية، وأصبح لمجرد الجلوس على طاولة واحدة، أو سماع ضحكة أحد الأقارب، أو تبادل القصص القديمة، وقعٌ مختلف ومؤثر، لذلك التجمعات العائلية ليست مجرد لقاء، بل إعادة شحن للروح بالحب والحنين.

اللحظات البسيطة تصنع الذكريات الأجمل:

ما اكتشفه الكثيرون هو أن السعادة ليست دائمًا في المناسبات الكبيرة أو الهدايا الفخمة، بل في أبسط اللحظات، فنجان قهوة مع من تحب، لعب مع الأطفال، أو حتى حوار عابر مع الجد والجدة، هذه التفاصيل الصغيرة تحمل في طياتها مشاعر دافئة، وتشكل أساس الذكريات التي تبقى معنا لسنوات طويلة، وليست العظمة في اللحظات الكبيرة فحسب، بل في التفاصيل الصغيرة التي تترك في القلب أثرًا لا يُنسى، وأجمل الذكريات التي وُلدت من بسمة عابرة، ونظرة صادقة، وحديثٍ بسيط لم نُدرك قيمته إلا بعد زمن.

عندما تكون العلاقة أصيلة، فإن الخطأ يُغتفر، والبعد لا يُنهي الحضور
في زمن طغت فيه العلاقات الافتراضية، كانت العودة إلى التجمعات العائلية بمثابة تذكير بقيمة التواصل الحقيقي، لا شاشة تليفون يمكن أن تحل مكان النظرة الحنونة، أو اللمسة الصادقة، أو الضحكة الجماعية، ببسطة شديدة أن العائلة هى الملاذ الآمن، والمصدر الأساسي للدعم العاطفي والروحي، وحين نتعامل بإنسانية نصبح أوطانًا صغيرة للأمان، لذلك الروابط الأصيلة تشبه النور الذي يجعل كل شيء أوضح.

الأسرة هي الخيط الذي يربطنا بجذورنا مهما ابتعدنا
الاحتياج بعد التجربة جعلتنا نعيد النظر في أولوياتنا، وأصبحًا نتساءل هل نعطي لعائلتنا وقتًا كافيًا؟ هل نُقدر وجودهم في حياتنا، وفي داخلنا؟ هل نُعبر لهم عن محبتنا وامتناننا بإستمرار؟ إنها أسئلة جوهرية تستحق أن نطرحها بصدق، ونعمل على تحويل الإجابات إلى سلوك يومي لإعادة غرس هذه القيم من جديد، ودعم الحقوق النفسية لدى جميع أفراد العائلة، ولكي يعلم الجيل الحالي، والأجيال القادمة أن حين تجتمع العائلة، يصبح العالم أكثر دفئًا، وامانا.

وعلى الرغم اننا في زمن الانشغال، لكن تظل الروابط الأسرية مرساة الإنسان في بحر الحياة
ومن هذا المنطلق، التجمعات العائلية لم تعد مجرد عادة اجتماعية فقط، بل أصبحت رمزًا للدفء، والأمان، لقد علّمتنا التجارب الأخيرة أن اللحظات البسيطة مع من نحب هي أثمن ما نملك، فلنحرص على ألا نأخذها كأمرٍ مسلّم به، بل نُحييها، ونُكرمها، ونحفظها في ذاكرتنا، وقلوبنا، وفي حضن العائلة يعود القلب إلى طمأنينته الأولى، وختامًا أحب عائلتي بالأمس، واليوم إلى أخر العمر.

كاتبة المقال الباحثة/ زينب محمد شرف

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.