مصر تبني مستقبلا رقميا.. الوزراء يحددون خريطة الطريق للذكاء الاصطناعي في مؤتمر القاهرة
الذكاء الاصطناعي يصنع مستقبل مصر: استراتيجية وطنية شاملة في مؤتمر جامعة القاهرة
كتب باهر رجب
اجتمع كبار المسؤولين وصناع القرار في مصر تحت سقف واحد خلال المؤتمر الدولي الأول للذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة، في حدث يرسخ التوجه الاستراتيجي للدولة نحو التحول الرقمي وبناء اقتصاد قائم على المعرفة. بحضور نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية ووزراء التعليم العالي والاتصالات والعمل، تم الكشف عن ملامح المستقبل الرقمي لمصر الذي يليق بمكانتها التاريخية ويرسم ملامح جمهورية جديدة قائمة على الابتكار.
نقلة نوعية في استراتيجية الدولة
كما شهد المؤتمر جلسة وزارية رفيعة المستوى بعنوان “استشراف مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر” أدارتها الدكتورة هالة السعيد، مستشار رئيس الجمهورية للتنمية الاقتصادية، بمشاركة الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء لشؤون التنمية البشرية، والدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وقد مثل هذا التجمع الوزاري غير المسبوق تأكيدا على أن التحول الرقمي لم يعد مجرد خيار تقني، بل أصبح مسارا وطنيا متكاملا تتبناه الدولة في جميع قطاعاتها.
في هذا السياق، أكد السيد محمد جبران وزير العمل خلال كلمته أن “الذكاء الاصطناعي أصبح ضرورة حتمية و شريكا رئيسيا في صناعة القرار وتحليل البيانات والتنبؤ باحتياجات سوق العمل”، مشيرا إلى أنه يمثل أداة فعالة لتوجيه الشباب نحو المهن المستقبلية وخلق فرص عمل تتناسب مع متطلبات العصر.
رؤية استراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعي
كما كشف الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات عن المستهدفات الطموحة للاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي (٢٠٢٥-٢٠٣٠)، والتي من أبرزها الوصول بنسبة مساهمة الذكاء الاصطناعي في الناتج المحلي الإجمالي لمصر إلى ٧٫٧٪ بحلول عام ٢٠٣٠. وتستند هذه الاستراتيجية إلى ستة محاور رئيسية تشمل بناء البنية التحتية والموارد الحوسبية، وإطار حوكمي لتبادل البيانات، والإطار التنظيمي والتشريعي، والتطبيقات ذات الأثر التنموي، وبناء القدرات، ونشر الوعي المجتمعي.
ومن أجل تحقيق هذه المستهدفات، تستهدف الوزارة تدريب ٣٠ ألف متخصص في مجال الذكاء الاصطناعي حتى ٢٠٣٠، كما تسعى إلى تمكين ربع العاملين في الحكومة من استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في أعمالهم، وأن يكون ٣٦٪ من المواطنين قادرين على استخدام تطبيقاته في مختلف نواحي الحياة.
تطبيقات عملية في قطاع العمل
كما استعرض وزير العمل الجهود التي تبذلها وزارته في دعم التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، مؤكدا أن الوزارة تتبنى منظومة تطوير شاملة تهدف إلى تحسين بيئة العمل ورفع كفاءة الأداء المؤسسي، وتمكين الكوادر الوطنية من المهارات الرقمية المستقبلية.
كما كشف عن جملة من المبادرات الرقمية التي بدأت الوزارة في تطبيقها، منها:
– إطلاق فيديوهات توعية ذكية تقدم محتوى تفاعليا مخصصا لمختلف الفئات.
– تطبيق المساعد الافتراضي (Chatbot) الذي يتيح التواصل الفوري مع المواطنين وأصحاب الأعمال عبر الموقع الرسمي للوزارة على مدار الساعة.
– ميكنة خدمات إصدار كعب العمل إلكترونيا.
– تطوير منصة العمالة غير المنتظمة والوظائف بالداخل والخارج.
– الربط الإلكتروني مع بعض الدول العربية.
– تطوير منظومة ذكية لاختبارات مزاولة المهن لضمان العدالة و موائمة المهارات مع احتياجات سوق العمل.
تكامل الرؤى واستراتيجيات الدولة
كما يأتي هذا التوجه في إطار رؤية مصر ٢٠٣٠ التي تضع التحول الرقمي والابتكار في صلب أولوياتها. وقد أكد الدكتور خالد عبد الغفار في مناسبات سابقة على أهمية العمل بروح الفريق الواحد ضمن إطار متكامل للتنمية البشرية. مشددا على أن تحقيق أهداف الدولة في هذا المجال يتطلب تنسيقا فعالا و تعاونا مستمرا بين جميع الوزارات والجهات المعنية.
كذلك من جهة أخرى، أشار الدكتور أيمن عاشور إلى الجهود الكبيرة في مجال بناء القدرات. حيث يتم تدريب طلاب الجامعات على استخدامات الذكاء الاصطناعي في مختلف الكليات. وذلك من خلال ٤٥ مركزا متخصصا لتأهيل الطلاب. بالشراكة مع شركات عالمية مثل “أمازون” و”جوجل” و”مايكروسوفت”.
مستقبل واعد بثوابت راسخة
علاوة على ذلك يؤكد هذا التوجه الوطني أن مصر تمضي بثبات نحو بناء مستقبل رقمي يليق بمكانتها التاريخية. ويحقق جودة حياة أفضل لكل مواطن. كما أن التحول الرقمي لم يعد هدفا تقنيا بحتا. بل أصبح مسارا وطنيا متكاملا يضع الإنسان المصري في قلب اهتماماته.
كما إن الرؤية الشاملة التي تجمع بين القيادة السياسية والوزارات المعنية والأكاديميين والقطاع الخاص. تضع مصر على أعتاب مرحلة جديدة من التطور التقني والمعرفي. حيث تعكس إرادة الدولة في توظيف كل الأدوات الحديثة. وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. لخدمة أهداف التنمية المستدامة وبناء الجمهورية الجديدة القائمة على الابتكار والمعرفة.