الجُرْحُ العَرَبِيُّ … بقلم: فاطمة بنعمار 

الجُرْحُ العَرَبِيُّ            

بقلم: فاطمة بنعمار    

أَحْمِلْتُ وَجْعَ العُرْبِ وَحْدي، وَانْثَنَى
فِي الصَّدْرِ نَزْفٌ، لَمْ يُضَمِّدْهُ الطَّبَبْ
أَمْشِي وَفِي عَيْنِي سُؤالٌ مُرْعِبٌ:
هَلْ ضَاعَ وَجْهُ الْحَقِّ؟ أَمْ مَاتَ الْغَضَبْ؟
كَأَنَّنِي لَسْتُ انْتِمَيتُ لِقَوْمِهِمْ،
مِنْ شِدَّةِ الْوَجْعِ الَّذِي فِيهِ احْتَسَبْ
يَا قُدْسُ، يَا أُنْشُودَةَ الدَّمْعِ الشَّجِيِّ،
يَا جُرْحَ أُمَّتِنَا، وَنَبْضَ الْمُلْتَهِبْ
كَمْ قَدْ صَرَخْتِ، فَمَا اسْتَجَابَ لِصَوْتِكِ
إِلَّا الظَّلَامُ، وَشَاعِرٌ لَمْ يَغْتَرِبْ
كُسِرَتْ مَآذِنُكِ الْجَمِيلَةُ، فَانْطَفَى
نُورُ الْحَقِيقَةِ، وَاسْتَبَاحَكِ مَنْ سَلَبْ
وَالْعُرْبُ فِي نَوْمِ الطُّغَاةِ، كَأَنَّهُمْ
غَرِقُوا بِأَحْلَامِ الْكَرَاسِي وَالْحَرَبْ
سَقَطَتْ عِرَاقُ الْمَجْدِ بَعْدَ حَضَارَةٍ،
وَبَكَتْ شَآمُ الْأَمْسِ مِنْ وَقْعِ الْخَطَبْ
وَالْيَمَنُ الْجَرِيحُ كَأَنَّهُ طِفْلٌ شَقَى،
يَرْنُو لِخُبْزَةِ أُمِّهِ وَسْطَ اللَّهَبْ
لِيبْيَا تَغُوصُ بِبَحْرِ فِتْنَةِ أُخْوَةٍ،
وَتَنَامُ فِي عَيْنِ الْعَوَاصِفِ وَالسُّغُبْ
وَالْكُلُّ فِي حَرْبِ الْبَقَاءِ مُلَوَّثٌ،
بَاعُوا الْعُرُوبَةَ، وَاشْتَرَوْا ثَوْبَ الذَّهَبْ
مَنْ ذَا يُعِيدُ الْمَجْدَ؟ مَنْ ذَا يُنْقِذُ
صَوْتَ الْمَآذِنِ مِنْ جِدَارِ الْمُرْتَقَبْ؟
الْأَنْظِمَةُ الْعَرْجَاءُ تَعْبُدُ كُرْسِيًّا،
وَالشَّعْبُ يَقْتَاتُ الْإسْتيكَانَةَ وَالتَّعَبْ
الْقُدْسُ تَصْرُخُ: أَيْنَ أَنْتُمْ يَا دُمًى؟
أَيْنَ السُّيُوفُ؟ وَأَيْنَ صَيْحَةُ مَنْ غَضِبْ؟
إِنَّ الْأَوْطَانَ إِذَا هَوَتْ مِنْ عِزِّهَا،
تَبْكِي الْقُبُورُ، وَيَضْحَكُ الْحَتْفُ الرَّحْبْ
لَكِنَّ فِي قَلْبِ الْحُطَامِ قَصِيدَةٌ
تُولَدْ، وَتُشْعِلُ فِي الْعُرُوقِ لَنَا الشُّهُبْ
مَا مَاتَ شَعْبٌ مُؤْمِنٌ بِقَضِيَّةٍ،
لَوْ مَاتَ أَلْفُ حُكُومَةٍ عَبْرَ الْحُقَبْ
أَبْكِي عُرُوبَتِي الَّتِي مَا زِلْتُ أَهْواهَا،
لَوْ أَنَّهَا جُرْحٌ بِخَافِقِهَا لَهَبْ
أَنَا ابْنَةُ التَّارِيخِ، وَالصُّرُوحُ تَعْرِفُنِي،
وَجْعِي هُوَ الانْتِمَاءُ، وَلَيْسَ يُحْتَسَبْ.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.