وحيد البلقاسي: شيخ الحفارين الذي حول الخشب إلى لوحات خالدة

وحيد البلقاسي: رحلة شيخ الحفارين من الريف المصري إلى العالمية

توفي في 14 نوفمبر 2022 الفنان التشكيلي المصري وحيد البلقاسي، الملقب بـ”شيخ الحفارين”، بعد مسيرة فنية حافلة امتدت لأكثر من أربعة عقود، وترك إرثا فنيا ضخما يجسد رحلة كفاح وإبداع من مركز بيلا بمحافظة كفر الشيخ إلى أرقى الصالات والمعارض الدولية.

 

النشأة والتكوين

ولد وحيد بدوي محمود البلقاسي في 7 مايو 1962 بمركز بيلا في محافظة كفر الشيخ بشمال مصر . في بيئة ريفية بسيطة، نما شغفه بالفن في وقت مبكر، ليتوج هذا الشغف بحصوله على بكالوريوس الفنون الجميلة قسم جرافيك من جامعة الإسكندرية عام 1986 . وشكلت هذه الخطوة الأساس الذي انطلقت منه مسيرته الفنية المميزة.

المسيرة المهنية والمناصب

شغل البلقاسي عدة مناصب فنية وثقافية مهمة، منها:

باحث فنون تشكيلية لدى الهيئة العامة لقصور الثقافة.

مدير قصر ثقافة بيلا سابقا.

فنان استشاري لنقابة الفنانين التشكيليين بالقاهرة.

مؤسس جماعة بصمات الفنانين التشكيليين العرب.

كما عمل ناقدا فنيا في عدة صحف عربية ومصرية مرموقة مثل المدينة السعودية، البلاد، عكاظ، الأهرام، والأخبار .

 

إسهاماته الفنية وأسلوبه المتميز

كما امتلك البلقاسي موهبة متعددة الأبعاد، فكان فنان جرافيك، ورسام أبيض وأسود، ومتخصص في التصوير الزيتي، ورسام كاريكاتير . لكنه اشتهر بشكل خاص في فن الحفر على الخشب، مما أكسبه لقب “شيخ الحفارين” .

كذلك اتسم أسلوبه بالتركيز على اللونين الأبيض والأسود، معبرا عن رؤية فنية تعكس عمقا و جوديا، حيث وصفه الناقد السوري جمال الشمري بأنه صاحب “جرنيكا هذا الزمن” ، في إشارة إلى لوحة بيكاسو الشهيرة التي جسدت مآسي الحرب.

 

حضور محلي وعالمي

المشاركات المحلية

شارك البلقاسي في عشرات المعارض المحلية، منها:

بينالي بورسعيد (الدورات من الثالثة حتى الثامنة) بين 1996-2009.

المعرض القومي للفنون التشكيلية (عدة دورات).

معارض بقصر ثقافة كفر الشيخ (منذ 1982).

 

المشاركات الدولية

امتد تأثيره إلى الساحة الدولية، فشارك في:

1- صالون الخريف الفرنسي بباريس (2010، 2011).

2- صالون أسطيف الدولي بالجزائر (2010-2012).

3- معرض اليونسكو للإبداع بلبنان (2012).

4- صالون الجرافيك الدولي بتونس (2013، 2014)

الجوائز و التكريمات

حصل البلقاسي على عشرات الجوائز و التكريمات، منها:

الجائزة الأولى للجرافيك من وزارة الشباب والرياضة (1988).

جائزة العداسي للعمارة والفنون بمحافظة جنوب سيناء (2010).

ميدالية ذهبية في سمبوزيوم شرم الشيخ (2011).

درع مركز إبداع للفنون بلبنان ضيف شرف منظمة اليونسكو (2011).

مئات شهادات التقدير من جهات ثقافية في مصر والدول العربية.

 

البلقاسي بعيون النقاد والمثقفين

كما وصفه الناقد د. صلاح بيصار بأنه “صاحب تجارب عديدة في فن الجرافيك.. كان له بصمة خاصة من بين جيل الثمانينيات” . بينما رأى الناقد السوري جمال الشمري أن أعماله “ذات طابع ثقافي وفكري وفني”، واصفا إياها بـ”جرنيكا هذا الزمن” .

كما نعاه الشاعر سعيد شحاته قائلا: “إنا لله وإنا إليه راجعون.. انتقل إلى جوار ربه الفنان التشكيلي الكبير شيخ الحفارين النبيل المحترم الأستاذ وحيد البلقاسي” .

 

إرثه الثقافي وأعماله الخالدة

أصدر البلقاسي موسوعة “معرض في كتاب” التي ضمت 217 فنانا تشكيليا من نخبة فنانى مصر والوطن العربي . كما توضع أعماله في متحف الفن المصري الحديث بالقاهرة ، بالإضافة إلى مقتنيات خاصة في مصر، الكويت، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، والسعودية .

 

المعرض الاستعادي “وحيد البلقاسي لون لا يموت”

حيث يستعد الوسط الفني لاستضافة المعرض الاستعادي للفنان الراحل تحت عنوان “وحيد البلقاسي لون لا يموت“، والمقرر افتتاحه يوم الخميس 18 ديسمبر 2025 بمركز محمود مختار الثقافي .

كما يضم المعرض مجموعة كبيرة من أعمال الفنان على مدار 30 عاما من تاريخه الفني، بما في ذلك أعماله الجدارية الكبيرة التي تعرض لأول مرة، وتتكون من 30 عملا فنيا تبلغ مساحة العمل الفني الواحد 2 متر في 1.70 متر .

 

الرحلة الأخيرة

تعرض البلقاسي لوعكة صحية في بداية نوفمبر 2022، ونشرت صفحته الرسمية صورة له في المستشفى يوم 2 نوفمبر، قبل أن ينتقل إلى رحمة الله في 14 نوفمبر 2022 . وشيع جثمانه في مسقط رأسه ببيلا بمحافظة كفر الشيخ، بمشاركة عدد من الفنانين التشكيليين وأصدقاء الراحل وأهالي المدينة .

خلود الفن الحقيقي

حيث رحل شيخ الحفارين جسدا، لكن إرثه الفني ظل خالدا يشهد على عطاء متدفق لم يتوقف حتى آخر أيامه. ففي أيامه الأخيرة، قبل رحيله بأيام، كان لا يزال يشارك بمعرض للفن التشكيلي في الملتقى التسويقي للتمور المصري الثاني بالوادي الجديد ، مؤمنا بأن الفن رسالة إنسانية تتجاوز حدود الزمان والمكان.

كذلك ترك وحيد البلقاسي وراءه إرثا فنيا ضخما، ومدرسة تشكيلية متميزة في فن الجرافيك والحفر، وحقق حلمه في تأسيس حركة تشكيلية عربية قوامها التواصل الفني بين كل الأجيال، مثبتا أن الفنان الحقيقي لا يموت بموت جسده، بل يعيش من خلال أعماله التي تخلد ذكراه.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.