جدران صامتة أطفال يصرخون بلا صوت
التحرش الجنسي بالأطفال قضية خطيرة تترك آثارًا نفسية واجتماعية عميقة على الضحايا.
كتبت نهير مدحت
في الوقت الذي يشغل فيه العالم نفسه بالتكنولوجيا وتطورات الحياة الحديثة، تظل هناك مأساة صامتة تحدث خلف الأبواب المغلقة، ضحاياها هم الأكثر ضعفًا… الأطفال. التحرش الجنسي بالأطفال ليس حدثًا عابرًا أو خطأً فرديًا، بل هو ظاهرة تتطلب مواجهة مجتمعية جادة وصريحة، لأن آثارها لا تزول بانتهاء اللحظة؛ بل تمتد لتشكل مستقبل الطفل نفسيًا وسلوكيًا.
ما هو التحرش الجنسي بالأطفال؟
التحرش الجنسي بالأطفال هو أي فعل أو محاولة لاستغلال الطفل جنسيًا، سواء باللمس أو الإيحاء أو التعرض لمحتوى غير مناسب، ويحدث غالبًا من أشخاص مقربين يملكون ثقة الطفل أو الأسرة. وهنا تكمن خطورته… فالطفل لا يملك الأدوات التي تساعده على فهم ما يحدث أو الدفاع عن نفسه.
لماذا يصمت الأطفال؟
يصمت الطفل ليس لأنه “لا يشعر بالخطر”، بل لأنه:
- يخاف من العقاب أو اللوم.
- لا يفهم ما يتعرض له.
- يظن أنه ارتكب خطأ.
- يواجه المجرم في صورة شخص يعرفه ويثق به.
هذا الصمت هو ما يسمح للمتحرش بالاستمرار… لذلك، أول خطوة للحماية هي كسر الصمت.
الأثر النفسي… جرح لا يراه أحد
التحرش يترك ندوبًا نفسية قد تتطور لاضطرابات لاحقًا، منها:
فقدان الثقة بالآخرين
القلق والخوف المستمر
الانطواء أو العدوانية
الشعور بالذنب والعار
ومع ذلك، يمكن التعافي تمامًا عند التدخل المبكر والدعم الصحيح.
كيف نحمي أطفالنا؟
الحماية تبدأ من البيت، وليس عندما تقع المشكلة. من أهم طرق الوقاية:
تعليم الطفل أسماء أعضاء جسمه والتفرقة بين “اللمس المسموح وغير المسموح”.
تعليمه أن يقول “لا” لأي تصرف يزعجه.
عد إجباره على السلام أو الأحضان من الغرباء أو الأقارب.
فتح مساحة آمنة للحوار اليومي مع الطفل.
مراقبة التغيّرات السلوكية المفاجئة.
الوعي ليس رفاهية… هو درع الطفل الأول.
مسؤوليتنا كمجتمع
كل طفل يتعرض للتحرش هو مسؤولية مجتمع كامل لم يوفر له الحماية الكافية. والمحاربة ليست فقط بالقوانين، بل بالتوعية، وتمكين الأسر، وفتح نقاشات واعية، وتغيير الثقافة التي تجبر الطفل على الصمت.
رسالة أخيرة
الأطفال لا يملكون أصواتًا عالية، لكنهم يرسلون إشارات.
علينا أن نستمع… أن نرى… وأن نحمي.
فكل طفل نُنقذه اليوم هو مستقبل آمن نزرعه للغد.

