تعويذة الموت.. بقلم/ مصطفى حسن محمد سليم.

“عندما يتحكم الشيطان في النفوس الضعيفة، ويصبح الشر هو الدافع الأول والأخير في تحقيق حلم رواد العديد من البشرية، نحو الخلود وأمتلاك قوة من الشر تفوق قوة الشيطان نفسه، ويصبح تحقيق ذلك الحلم من القتل والتدمير هو الدافع لكل شيء”.
شعر أشرف بأهمية البردية التي يمسكها بين يديه، وهو ينظر إليها في بلاهة شديدة، وهو لايعرف كيف يقرأ رموزها، وجال في عقله وجه صديقه نادر الذي يجيد فك رموز اللغة الفرعونية(الهيرغوليفية) جيداً، مما جعله يندفع نحو باب الشقة في سرعة شديدة، ولم تمر سوى ساعة إلا وكان يجلس في منزل نادر وهو يراقبه بحرص وهو يتطلع إلى تلك البردية بعناية شديدة، في حين القت الشمعة بظلالها على تلك القصاصة الممزقة التى كان يمسكها نادر بين يديه فى عناية شديدة وحرص، وبدأ يقرب عدستة المكبرة من حروفها ليحاول فك رموزها، وقال له اشرف فى توتر:

– لماذا لم تنتظر عودة التيار الكهربائى لتقرأ رموز تلك البردية الممزقة؟، كان ذلك أفضل ألف مرة من تلك الشمعةً التى تشعرني بأننا نجلس في فيلم رعب.

أومأ له نادر برأسه في عدم اكتراث دون أن يجيبه وهو مستغرق في مراجعة رموز البردية، ثم انتفض من مكانه فجأة عندما وصل إلى رمز معين، مما جعل جسد اشرف يرتجف من الخوف وهو يسأله (ماذا وجدت بها؟)، فقال له نادر في عدم اكتراث وهو يلوح بيديه لن تفهم شيء. اعترى وجه اشرف الغضب وهو يحاول أن ينتزع البردية من أمام نادر قائلا له:

-أنا صاحب هذه البردية، ولي كل الحق في معرفة تفاصيلها والتصرف بها، سآخذها لشخص آخر كي يفهمني ماتحتويه.
مد نادر يديه لينزع البردية من أمامه قائلاً له في حدة:
-أنا لم اقصد اهانتك ياصديقي، ولكن هذه البردية ستغير وجه التاريخ كله، ان فيها سر لبعث الأرواح عند الفراعنة، لقد فككت جميع رموزها ماعدا بعض الكلمات القليلة، سأسهر عليها هذه الليلة لكي أستكمل ماتحتويه من رموز، يمكنك أن تمر عليَ في الصباح حتى أطلعك على ماتحتويه هذه البردية.

جلس اشرف على أقرب مقعد بجانبه وهو يقول له:
-لا؛ لن أتركك لحظة واحدة، أنا من الآن مثل ظلك حتى تسلمني النتيجة النهائية لتلك البردية، التي ورثتها عن أبي، ربما لوعرفت ماتحتويه جيداً قد أبيعها بمبلغ خيالي.
فقال له نادر في اشمئزاز:
-تبيعها، تحتفظ بها لاشأن لي بذلك، اذا أردت أن تعرف ماتحتويه حقا عليك أن تلتزم الصمت حتى أستطيع الغوص بداخل بعض الكتب في مكتبتى المتواضعة عن تلك اللغة، التي تحملها البردية حتى أستطيع حل رموزها جيداًً.
ثم تركه وانصرف ليحضر بعض الكتب، وحل الصمت الرهيب على المكان في حين أنهمك نادر في مطالعة البردية باهتمام شديد، وهو يختلس النظر من حين لآخر إلى أشرف الذي بدأ سلطان النوم يلقي بغطائه الشديد عليه..
استيقظ أشرف من النوم وهو يشعر بآلاف المطارق تضرب رأسه بقوة، ولهيب الشعلة التي تقبع فوق رأسه تصل حرارتها إلى وجهه، حاول النهوض ولكنه انتبه إلى أنه مقيد على صخرة كبيرة من يديه وقدميه، ثم حاول فك قيوده ولكنه فشل في ذلك، وشعر بعدة آلام رهيبة في يديه من قوة الرباط المحكم بشدة على معصمه، ثم التفت إلى جهة اليمين، فوجد نادر يجلس على الأرض وقد ألقت النيران المنبعثة من الشعلة ضوءها على وجهه، وقد تبين ملامحه بصعوبة شديدة من الزواية التي يقبع فيها لشدة الظلام المخيم على المكان، وأخذ يصرخ وينادي عليه وهو يتجاهل جميع نداءاته، وقد بدا انه مشغول بقراءة شيئا ما بين يديه، استطاع أشرف أن يشاهد جزء منها أنها البردية، التي وجدها بين المقتنيات القديمة في شقته، حاول أن يستعيد هدوئه وهو يحاول أن يتبين هوية المكان الذي يحيط به، كان يبدو على المكان أنه معبد فرعوني، والشكل الذي يجلس مربوط بداخله يشبه المثلث، شعر بوقع خطوات نادر وهو يقترب منه، وعندما تلاقت نظراتهم ابتسم نادر وهو يقول له:
-الحمد لله أنك أستعدت وعيك سريعاً ياصديقي العزيز، لقد أحضرت لي كنز الخلود، ان هذه البردية تحمل سر الخلود الذي يبحث عنه كل البشر ولايجدونه، أنها تحمل أيضا نهايتك الغير سعيدة التي تنتظرك، اعذرني ياصديقي يبدو أنه من أجل الوصول لأهدافك، يجب أن تقوم بالتضحية بأي شيء مهما كانت قيمة هذا الشيء بالنسبة لك، ان هذه البردية تحمل تعويذة تكملتها تكمن في رموز هذه البوابة التي تقبع فوق رأسك الآن، سأقوم بتلاوتها وتكملتها بعد تقديم دمك كقربان لشياطين الجحيم، وستفتح بعدها بوابة الجحيم علي الفور، وسينطلق منها قوة خارقة ستستقر في جسدي حينما اتلو تلك التعويذة، صدقني ياصديقي أن مصير هذا العالم سيتحدد الآن، سأمتلك العالم كله ومعي قوة خارقة لايمتلكها أي بشر، قوة شيطانية ستحقق لي كل مايتمناه أي إنسان علي وجه الكرة الأرضية، ولن يكتمل كل ذلك إلا بعد التضحية بك، ثم قال له ذلك وهو يطلق ضحكة شيطانية، ولهيب الشعلة يتراقص على وجه لتبدو ملامحه أشبه بالمهرج، صرخ فيه أشرف وهو ينهره ه قائلا له كفي يانادر توقف عن كل ذلك، أستعيد رشدك لاتجعل الشيطان يسيطر عليك.

انحني نادر بوجهه نحوه وهو يقول له:
-الشيطان نفسه سيصبح خادم عندي حين أمتلك هذه القوة، وسينتهي أي إنسان يقف في وجه قدراتي من الآن.
ثم أخرج من جيب معطفه سكين وجرح به يديه، وقد سالت من يديه الدماء بسرعة شديدة، وأخذ يبحث على المكان المربوط فيه أشرف وهو ينثر الدماء حوله في سرعة، وهو يتمتم بتعويذة غريبة بصوت عالي، ثم عندما أنتهى من نثر دمائه حوله أقترب منه وهو يزيد من أرتفاع صوته، وهو مازال يتمتم بتلك الكلمات الغريبة، ثم أقترب منه أكثر وهو يضع السكينة علي رقبته، وفي تلك اللحظة شعر بفوهة مسدس باردة تلتصق برأسه من الخلف، وصوت صاحب ذلك المسدس يتعالى من خلفه قائلاً له أي حركة منك سأضطر إلى تفجير رأسك دون تردد، ثم لعدة ثواني شعر نادر بعدها أن كل أحلامه في أمتلاك تلك القوة التي سعي إليها ينهار، وهو ولم يبقى أمامه إلا خطوة واحدة نحو تحقيق هدفه، وصاحب ذلك الصوت يقول له في عصبية وهو يعرفه على نفسه، أنا الحارس المكلف من الآثار بحماية هذا المكان، ولن أكرر تحذيري لك مرة أخرى، تقدم خطوة إلى الأمام وأخفض يدك المرتفعة بالسكين في بطء، وأي رد فعل آخر سأطلق النار عليك بدون هوادة هل تفهم ذلك، تقدم نادر خطوة واحدة إلى الأمام وهو يخفض يديه في بطء كما أمره الحارس، ثم أستدار في سرعة شديدة وهو يوجه السكين إلي جسد ذلك الحارس، الذي مال بجذعه في نفس التوقيت عندما لمحه يتحرك نحوه، وقد مرت السكين بجواره وهو يطلق جميع رصاص مسدسه، وقد أستقرت جميعها في جسد نادر، ليسقط على الأرض قتيلاً مدرجا في دمائه.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.