البراند أولاً.. والأصل مؤجل حتى إشعار آخر

بقلم:  ريهام طارق 

بنعيش في وقت إسم البراند هو اللي يحدد قيمة البني آدم.. زمن الاسم يلمع فيه أكثر من المحتوى، بقينا نجري ورا كل حاجة جاية من بره كأن “الخواجة” هو بس إللي معاه معاه سر الكاريزما والتميز..

في المقال ده هتكلم عن ازاي حياتنا تحولت لمارثون المظهر و”عقدة الخواجة” اللي احتلت ذوقنا وأصبحت من أولويات اختياراتك، إزاي اتحوّلنا من ناس كانت بتدور على قيمة الشيئ أولا، لـ لناس بتطارد البراند عشان يكسبوا نظره اعجاب واحترام من الناس 

في ناس بتشتري المنتج عشان شكله مش فايدته، تقرا الخبر عشان اسم الموقع مش فكرته، نقعد في كافيه عشان صورته مش طعم قهوته، كل ده تحت راية فخمة اسمها: “البراند”.. اللي تخليك تسيب الحاجة الصح والمناسب علشان تشتري الوهم، تحت تأثير الهاله “الانستجرامية”.

من غير مقدمات كتير، تعالى نرسم المشهد سوا:

فيه اتنين قاعدين بيشربوا قهوة في كافيه بـ اسم شبه فرنسي كده، “كافيه لا بلا بلا”، واحد بيشرب قهوة تركي ع الريحة والتاني بيشرب “موكا فرابتشينو شوكولاته دي كراميل من غير كريمة”، و طبعًا فاكر نفسه يحتسي الثقافة الأوروبية نفسها مش بس مشروب.

وهو بيشرب، بيقولك: “بص أنا مش ممكن ألبس حاجة مش براند!”، طب يا عم البراند، لبست تيشيرت بــ ٢٠٠٠٠ جنيه، بس ناسي تغسل اسنانك، وتهذب كلامك!

الستات الشيك بس اللي بتشترى الشنطة علشان مكتوب عليها اسم بيفكرنا بجملة فرنسية ملخبطة، مش علشان الخامة أو جودتها لا عشان لما تشوفها صاحبتها 

تيجي تقولها: “بس الشنطة المصري دي جلد طبيعي!”

ترد تقول: “no no no، دي مش عالمية!”

ما هو طبعا طالما مش مكتوب عليها Made in Italy، تبقى عيب، أنت عايز الستات في كلب هاوس ياكلوا وشها!!!

يدخل مكتبه يختار كتاب انجليزي لكاتب اسمه”جون ” مش “عبد التواب مصطفى”، مع إن عبد التواب ممكن يكون عالم جليل، بس اسم جون هيدي احساس بالعمق، حتى لو الكتاب عن… “كيف تلمع البانيو في ٣ خطوات”.

يسمع أغنية خواجه مش فاهم منها غير “I love you bay” ويقول عليها تحفة، واسمع أغنية مصرية من طراز فريد وتقول: “ياه، هو لسه حد بيغني كده، ده غير إن حفلة تكون بـ مغني من السويد محدّش يعرفه، ولا نجم مصري بس الحفله في مراسي ولا العالمين تذكّرتها عشروميت ألف جنيه، إنما حفلة فيها فن طربي أصيل، تبقى “شعبية” وقيمة التذكرة لازم تكون ٢٠ جنيه وكيس لب.

بيوت كتير خربت ودمرت بسبب زوجات اتمردت على جوزها و نمط حياتها، لمجرد انها بتبص لصاحبتها اللي عندها شنط غالية وفساتين ماركات، كأن السعادة دلوقتي بقت بعدد الشنط اللي في الدولاب! والبنات بقى… يدخلوا على إنستجرام، يشوفوا صور النجمات وسط بحر من اللوجوهات العالمية، يحسوا بعدها أنهم مكسوفين من هدومهم البسيطة، والكارثة الحقيقة هنا ده بيخلي بنات كتير يركزوا إزاي أجيب فلوس سواء بظهورهم على بعض التطبيقات على السوشيال ميديا عشان يقدروا يكسبوا فلوس كتير توفر فرصة شراء كل ما هو غالي لمجرد أنهم ينشروا صور علي السوشيال ميديا و ينسوا حلمهم الحقيقي و دراستهم ومستقبلهم لان الكلام ده مش بياكل عيش، وطبعا شويه و نلاقي البنات دي متورطة في قضايا ما يعلم بيها إلا ربنا أو بقوا في طريق كله ضياع مافيش منه راجعه.

المصيبة إن شريحه من الرجالة بقوا أهيف من الستات! يعني النهارده مش مهم يبقى راجل جدع ولا عنده كلمة… لأ، المهم يبقى شبشب الحمام اللي لابسه عليه اسم ماركة فخمة! بقوا يقيسوا بعض مش بالقيم ولا بالمواقف، لكن الرجوله يا مان اصبحت بنوع ماركة العربية، و الكومباوند اللي ساكن فيه، أوأماكن السهر اللي بيظهر فيها، لسه ما خلصناش… والبنت اللي معاه بقت جزء من البرستيج، كل ما تكون نافخه وشها اكتر بالهليوم ، كل ما تبقى “ريتشي” زيادة واد إيه هو جامد!

حتى التعليم ما سلمش من “عقدة الخواجة”! بقينا نختار الجامعة مش على أساس العلم ولا الكفاءة، لكن على اسمها ومكانها: البريطانية، الروسية، اليابانية، الألمانية… كأن العلم بقى ماركة مسجلة! وبقينا لما نشوف حد في جامعة القاهرة  اللي خرّجت عقول وعباقرة للعالم كله، و نحس بالشفقه عليه، كأنه في مكان دراسي “مش لائق اجتماعيًا”، مع إن الكارثة الحقيقية مش في الجامعة، الكارثة في العقول اللي بقت تقيس العلم بنفس مقياس الشنطة والجزمه 

في النهاية والملخص لكل ده..إحنا فعلاً محتاجين نراجع فكرة “المظهر و لا الجوهر” أهم ، محتاجين نعمل وقفه ونفهم إن القيمة مش في اللوجو اللي على الشنطة ولا في اسم العربية ولا في عنوان الكومباوند… القيمة الحقيقية في المواقف والمعنى والجوهر اللي بيفضل بعد ما الموضة بتتغير و تروح، البراند بيلمع بس عمره ما هيعمل قيمه بجد للإنسان، الرسالة بسيطة: سيبك من عقدة الخواجة… واعرف أن الأصيل مش محتاج ختم أجنبي عشان يبقى عالمي، والإنسان بيتقاس بأفعاله وأصله وأخلاقه مش بلبسه.

تعالوا نرجع نقفل علينا بيوتنا الهاديه، ونقفل عنينا عن كل اللي يكسر جوانا إحساس الرضا والراحة والسعادة.. اقفل المقال ده و اقفل معاه عقدة الخواجة، وخد لك فنجان قهوة بن فاتح مظبوط من إيد أم سيف… أصلها هي البراند اللي بجد!

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.