أنور وجدي وقصة أقتحامه العرض العسكري / كتب احمد علي
أنور وجدي وقصة اقتحامه العرض العسكري والتي كادت تؤدي به الي الاعتقال والاحالة للمجلس العسكري،أنور وجدي احدنجوم الزمن الجميل قدم عشرات الأعمال السينمائية،مثل وأخرج بل وكتب سيناريو بعض أفلام. نجح أنور وجدي رغم رحلته الفنية القصيرة.
أنور وجدي علامة في تاريخ السينما المصرية
نجح أنور وجدي،أن يكون علامة فارقة في تاريخ السينما المصرية والعربية، حيث قدم أفلام لاتزال في ذاكرة السينما المصرية،من أشهرها ليلى بنت الفقراء وليلى بنت الأغنياء و حبيب الروح وبنت الأكابر وقلبي دليلي وغزل البنات وغيرها، كما كان له الفضل في اكتشاف وتقديم الطفلة المعجزة فيروز ،حيث تبقى مشاهده وأغانيه معها من أبرز لقطات السينما المصرية خلال القرن العشرين.
أنور وجدي وفيلم قلبي دليلي
في حوار صحفي لمجلة الكواكب بتاريخ 13 يناير 1953، تحت عنوان “كدت أحال إلى المجلس العسكري”.ذكر أنور وجدي قصة حقيقة حدثت له أثناء تجهيزه لفيلم قلبي دليلي مع ليلي مراد حيث كان يقوم بدور ظابط ضمن احداث الفيلم.
خطة انور وجدي
قال انور وجدي في حواره لمجلة الكواكب :” كدت أحال للمجلس العسكري،حدث ذلك اثناء تصوير فيلم “قلبي دليلي” وكنت أجسد في الفيلم دور ضابط في الجيش، وحاولت أن من خلال احداث الفيلم ان ابين الدور العظيم الجيش المصري،فخططت لتصوير بعض المناظر الاستعراضية عن الجيش، ليشاهد الجمهور الجنود وصفوفهم المرتبة المنتظمة والضباط الشوامخ،مما يترك أثر طيب في نفوس الجماهير.
طلب تصريح الحربية
ويضيف انور وجدي احدث القصة الطريقة التي حدثت معه:”وشرعت في تنفيذ الفكرة، فكتبت خطابا إلى وزارة الحربية للتصريح لي بتصوير مشاهد لجنود الجيش وأرسلته. ومرت عدة أسابيع في انتظار وصول موافقة وزارة الحربية لكن لم تصل.ففهمت أنهم رفضوا، وذات صباح وقرأت في الصحف،أن الجيش سيقوم باستعراض كبير في ساحة عابدين لإحدى المناسبات،فقفزت إلى ذهني فكرة قررت أن أنفذها بحاذفيرها.
انور وجدي يقتحم العرض العسكري
وانتظرت يوم الإستعراض الذي سيقوم به الجيش، وفي اليوم المحدد لبست ملابس الضباط، إذ كان يجب أن أظهر بينهم بملابس رسمية حتى أنقل للجمهور صورة دقيقة. ووضعت آلات التصوير في سيارة، وركب معي بعض المصورين والعمال والفنيين. وفي ساحة عابدين حيث مكان إقامة الاستعراض،تركت السيارة في شارع جانبي. تقدمت وقد شددت قامتي ورفعت رأسي إلى أعلى، وقد حرصت أن أجذب القبعة إلى الأمام حتى أحجب بها وجهي. وكان الجنود مصطفين والضباط هنا وهناك في ساحة القصر قبل أن يبدأ الإستعراض، وحرصت ألا أنظر في وجه أحد حتى لا ينكشف أمري.
مصور يكشف حياة انور وجدي
وفجأة رأني أحد مصوري استوديو مصر،الذي جاء ليصور الإستعراض ويعمل منه نبأ لجريدة مصر الناطقة، وتعرف علي المصور ووقف يلتقط لي بعض الصور، وحاولت أن أفهمه مهمتي، فضحك واعتقد أنني أمزح، وتركني ومضى إلى داخل السراي، وتملكني الغضب الشديد.. وبعد قليل اقترب مني أحد الضباط قائلا:
ــ حضرتك أنور وجدي؟
ــ أيوه يا فندم!!
ــ عبد اللطيف طلعت باشا عاوز حضرتك.. تفضل جوه!
كان عبد اللطيف طلعت رجل دمث الخلق ويقدرني تقديرا كبيرا ويعجبه كل ما أقدمه من أفلام، فدخلت فصر عابدين في خطوات مرتبكة، فكل أعواني ينتظرون في الخارج.. وفي مكتب عب اللطيف طلعت وجدته جالسا وحوله أقطاب من العهد الماضي، فتقدمت لأصافحه ونسيت من حوله، وبادرني قائلا”
ــ كنت مخبي نفسك عني.. لكن مصور استوديو مصر قال لي.
ــ أبدا يا فندم .. دا احنا يحصل لنا الشرف
ــ انما عجيبة انك جاي في لبس ضابط!
ــ مش عجيبة ولا حاجة .. أنا كنت …
ــ كنت عامل مكياج علشان تتفرج على الاستعراض والجمهور ما يعرفش.. فتاخد راحتك في الفرجة!
ــ أبدا يا فندم..
وسكتت لالتقط أنفاسي ودعاني للجلوس، فجلست على كنبه يتجه طهرها لوجوه الجالسين من حولي.. واستأنفت أشرح له الحكاية، أني أقوم بدور ضابط في فيلم ولابد أن يظهر بين ضباط الجيش، فوجدت أنها فرصة سانحة كي أقف اليوم بين الضباط والكاميرا تسجل صورا طبيعية .
ــ طيب ما طلبتش ليه تصريح بالتصوير؟
* والله طلبت .. وما ادونيش!
ــ مين اللي مارضيش؟
* وزارة الحربية
ــ ده من مدة؟
* أيوه .. وأنا أفضل انك توصي علي.
ورأيت عبد اللطيف طلعت يبتسم لأحد الموجودين خلفي ويبتسم.. فقلت: مسألة التصريح دي اعتقد انها حاجة بسيطة.. احنا اخدنا تصريحات تصوير قبل كده.. ومن خلفي سمعت صوت قوي يقول:
ــ وانت مالك يا فندي بالتصريحات؟
فنطرت لأرى المتحدث، وكان محمد حيدر باشا، فقد وصل أثناء الحديث ولم يعرف شخصيتي، فقلت له:
ــ البركة فيك برضه يا فندم
فأجاب في لهجة أمر: مش شغلك .. انك تتدخل في تصريحات التصوير.. دا اختصاصنا احنا
* أيوه يا فندم أنا فاهم ..
ــ طيب مادام انت فاهم.. اتفضل شوف شغلك!
كان معنى ذلك أن أنصرق بالأمر كما دخلت بالأمر، وأن يفشل كل ما دبرت.. فنهضت وأنا عازم على الخروج، فانطلق عبد اللطيف طلعت ضاحكا وقال:
ــ يا حيدر باشا حضرته الأستاذ أنور وجدي الممثل!
وفحصني حيدر باشا بنظراته ثم ابتسم وهو يقول:
ــ طيب يا أخي مش تقول!
وبدأت أبلع ريقي بعد جفاف وصارت الأمور طبيعية بعد التعارف، هذا وإلا أحالوني إلى مجلس عسكري فيه الويل كل الويل.. للعبد لله !