المتحدث باسم حركة النضال العربي الأحوازي: إيران تخلق ميليشيات داخل الدول العربية برعاية فيلق القدس
حوار: مها البديني
مع تطورات الأوضاع في إيران على – والتظاهرات التي كشفت الوجه الآخر لإيران-تظل الأحواز العربية قضية لها تجاذبات سياسية بسبب وجودها في قلب الصراع الإيراني – العربي، يبقى إقليم الأحواز ذلك الإقليم الغني بالنفط -الجزء المُتناسى- الذي يبحث أفراده عن حرية وحق لتقرير المصير بسبب تعرضهم للسجن والاضطهاد والإعدام والقتل يومياً لمعارضتهم للنظام الإيراني، ويناضل الأحوازيون لتحرير أراضيهم والاستقلال والعودة إلى “العروبة” بدولة عربية مستقلة ولها كيانها بعيداً عن إيران، مع كسب الاعتراف الدولي والعربي في حقوق استرجاع السيادة والعيش بحرية وكرامة، وبناء دولة عربية وأحوازية على أساس نظام جمهوري برلماني ديموقراطي.
مع استمرار الصراع العربي وانتشار الإرهاب في المنطقة العربية، أصبحت إيران محط أنظار لدورها الإقليمي والإتهامات حول نشر ودعم الفكر المُتطرف والإرهابيين، وبالتزامن مع تواجد العمليات الإرهابية حول العالم، أصبحت دولة ايران الوحيدة البعيدة عن تلك العمليات بالرغم من كونها معبراً لتنظيم داعش الإرهابي من وإلى أوروبا، واعتراف الرئيس الإيراني حسن روحاني “الضمني” بالتخريب في المنطقة العربية إذ قال أن” الاستقرار الإقليمي لايمكن استعادته بدون دور ايران” وهو ما يمثل الإعتراف بضرورة اقحام الدولة الإيرانية في البلدان العربية لبسط نفوذها السياسي من خلال طرح حلول لما يحدث في الصراع العربي بالرغم من كونها شريك رئيسي في ذلك الأمر، وذلك بالتزامن مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن ايران باتت خطراً حقيقياً في المنطقة، وأيضاً تأكيدات فرنسا وألمانيا على ضرورة تخلي إيران عن برنامجها للصواريخ الباليستية ونبذ “إغراءات الهيمنة” على منطقة الشرق الأوسط، عن الاتفاق النووي التاريخي المبرم في 2015 بين إيران وقوى عالمية، ومن هنا إنقلب السحر على الساحر، وأصبحت إيران تتهم دولاً أخرى بخلق نزاع داخلي وتأجيج الإحتجاجات التي تصاعدت في الآونة الأخيرة من قبل المواطنيين بسبب إرتفاع أسعار النفط، والذي هو بالأساس مسلوب من إقليم الأحواز.
تاريخياً وتحديداً عام 1920 اتفقت إيران مع بريطانيا على ضم إقليم الأحواز “عربستان سابقاً” لأراضيها وإقصاء حاكمها، ومنذ ذلك الحين أصبح الأقليم محل صراع سياسي واقتصادي بسبب ثرواته، إذ يقوم الاقتصاد الإيراني على احتياطي النفط لدى الأحواز و الذي يمثل حوالي 85% من مجمل اقتصاديات إيران في تعاملاتها البترولية، كما تستغل إيران إقليم الأحواز لخصوبة الأراضي الزراعية والتي يصب فيها نهر كارون، واستغلالها المحاصيل الزراعية بها ومنها السكر والذرة.
جغرافياً، يقع أقليم الأحواز أو ” الأهواز” في جنوب غربي إيران وبالقرب من جنوب العراق والكويت، معظم سكانه من العرب ويبلغ تعدادهم حوالي 5 مليون نسمة، وتعود أصوله إلى قبائل من بني كعب وبني تميم وآل كثير وآل خميس وبني كنانة وبني طرف وخزرج وربيعة والسواعد، كما أن ايران تتنوع الأعراق المجتمعية لديها ومنها الأكراد والتركمان والبلوش والأرمن والعرب، وتوجد العديد من الأقليات الدينية منها الزرادشتيين واليهود والبهائيين والمسيحيين ويشكل المسلمين حوالي 75% من إجمالي التعداد السكاني.
ومع مطالبات الأحوازيين بحقوقهم، حاور “أسرار المشاهير” يعقوب التستري المسؤول الإعلامي بحركة النضال العربي لتحرير الأحواز” والتي تم تأسيسها عام 1999 على يد مجموعة من النشطاء بداخل وخارج الأحواز وتشمل الحركة أنشطة ميدانية وعسكرية وسياسية وإعلامية وحقوقية، مع عقد ندوات و مبادارات ولقاءات إعلامية لخلق الدعم العربي والدولي تجاه قضية الأحواز.
تصريحات “التستري” لجريدة أسرار المشاهير كشف الكثير عن الملف الإيراني ودورها في بث الفتن بين شعوب الدول العربية عن طريق “فيلق القدس” الجناح العسكري للحرس الثوري الإيراني والمعني بتبني العمليات العسكرية داخل سوريا والعراق واليمن وتهريب الأسلحة الإيرانية لدعم المتطرفين والإرهابيين إلى ليبيا واليمن وغزة والسودان ومصر مؤخراً.
كما كشف “التستري” عن دور إيران في العبور الآمن للإرهابيين وأعضاء تنظيم داعش الإرهابي إلى العراق وسوريا وخلق النزاع الطائفي في الوطن العربي لمحاولة السيطرة وفرض نفوذها، بالإضافة لاستمرار الخناق على الأحوازيين واضطهادهم وسجن المُعارضين لها.
التقت مُحررة أسرار المشاهير مع “يعقوب التستري” في القاهرة أثناء جولة له لعرض القضية الأحوازية ونشر تفاصيلها وكان الحوار كالآتي:
حدثنا عن القضية الأحوازية، وتفاصيل الوضع الآن ؟
بدأت مقاومة الشعب العربي الأحوازي للاحتلال الفارسي منذ اليوم الأول للاحتلال عام 1925، لكن التغيير الجذري للقضية الأحوازية بدأ في الظهور في عام 2005 بعد أكبر انتفاضة ضد الاحتلال الإيراني شاركت فيها جميع شرائح المجتمع الأحوازي لأول مرة في تاريخ الأحواز، وكانت تلك الإنتفاضة هي انطلاقة قوية جديدة تحدث عنها الإعلام العربي والدولي، وقبل ذلك كان التعتيم الإعلامي كبير على القضية الأحوازية، بالإضافة لحجب الإعلان ونشر ما يحدث من مظاهرات وإضرابات تحدث داخل الإقليم ضد السياسة الإيرانية والتي نتج عنها الآلاف من الشهداء والمئات من الجرحى والمسجونين بقضايا سياسية، ثم انتفض الشعب الأحوازي مرة أخرى عام 2011 في مُحاكاة لثورات الشعوب العربية، وبعد تلك الانتفاضة نُقلت القضية الأحوازية بشكل أكبر إلى جمعيات حقوق الإنسان العالمية واتجهت الأنظار نحو ما يحدث من انتهاكات في الشعب الأحوازي.
ما نوع الانتهاكات التي تحدث في الأحواز؟
لاتزال الانتهاكات ضد الشعب الأحوازي مستمرة من قِبل النظام الإيراني، بل وزادت في الفترة الأخيرة من خلال تكميم الأفواه وحبس المناضلين والنشطاء الأحوازيين والحرمان من التعليم باللغة العربية وفرض اللغة الفارسية، كما زادت نسبة الإعدامات الميدانية بنسبة كبيرة في عهد “حسن روحانى” رئيس جمهورية إيران بالرغم من ادعائه بالنهج الإصلاحي، وذلك مع استمرار تدمير البيئة ومُصادرة الأراضي ومنازل الأحوازيين، بنفس الوقت زادت مقاومة الأحواز ضد سياسة إيران، مع تكريس فكر المقاومة وتطور الأسلوب في الرد على الانتهاكات التي تحدث.
ماذا عن أساليب تحركاتكم القانونية تجاه القضية الأحوازية؟
نحن كحركة النضال العربي لتحرير الأحواز وباقي الأحوازيين نعمل على مقاومة الإحتلال الفارسي لبلدنا واستعادة السيادة العربية عليها، وتأتي طبيعة عملنا كمقاومة وتحرير الأحواز من الوجود الإيراني من خلال عدة أساليب منها سياسية وحقوقية واعلامية وميدانية، ودائماً ما يظل البُعد الميداني والإعلامي والحقوقي الأكثر تأثيراً لدى نضالنا المشروع ونشر قضيتنا على المستوى العربي والعالمي من خلال التعامل مع مؤسسات المجتمع الدولي، وتتحفظ الدول العربية من تبني قضية الأحواز مُراعاة للبعد الدبلوماسي مع إيران، أما المنظمات الحقوقية الدولية وبالأخص مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة دائماً ما يتحدثون في تقاريرهم السنوية الخاصة بدولة ايران عن القضية الأحوازية ويتحدثون عن الانتهاكات والجرائم اللاإنسانية التي ترتكب يومياً تجاه الشعب الأحوازي، وبعض الدول الأوروبية تتطرق لما يحدث من جرائم بحق الشعب العربي الأحوازي.
وبسبب الصراع الإيراني في العراق وسوريا ولبنان وما يحدث هناك من فتن داخلية وحروب كُشف من خلالها الوجه الحقيقي للدولة الإيرانية المجرمة، ساعد ذلك في دعم القضية الأحوازية، وهيأ لنا الطريق للحديث عن قضيتنا دولياً وعربياً إذ تمكنا من عقد عدة لقاءات وندوات ومؤتمرات في بعض الدول العربية ومنها تونس ومصر والبحرين والكويت وموريتانيا وأصبحت قضيتنا شبه مطروحة في دول الخليج العربي وبخاصة مع تدخلات إيران في اليمن ودعمها للحوثيين وتهديد ذلك لأمن واستقرار المملكة العربية السعودية.
ماهو الموقف الحقيقي للدول العربية تجاه القضية الأحوازية؟
لا يوجد أي دعم عربي حقيقي حتى الآن، وهو ما يجعلنا في حيرة من ذلك الأمر، ومع ذلك فإن تحركاتنا في الدول العربية بشكل غير رسمي وتحت رعاية منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان وأحزاب سياسية، كما تبنى الإعلام الخليجي وخاصة السعودية قضيتنا بشكل كبير وهو ما نلاحظه من تأثير على الرأي العام السعودي والخليجي، وكان أول دعم سياسي وعسكري حدث في تاريخ الأحواز في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر عندما قام بدعم المقاومة الأحوازية، ونحن نطالب الدول العربية بإِفساح الطريق لنا بشكل أكبر ودعم القضية الأحوازية وطرحها بشكل أكبر لدى الرأي العام، لأن دعم القضية الأحوازية هو دور أخلاق وانساني لدى الشعوب العربية.
كانت لكم تحركات للحصول على مقعد في جامعة الدول العربية، ماذا حدث تجاه مطالبكم؟
لم نتمكن من الحصول على مقعد في جامعة الدول العربية او أي اعتراف بالقضية حتى الأن، وهناك مصلحة استراتيجية للتحرك تجاه قضيتنا ودعمها وهو تحصين الشعوب العربية من الطائفية والجرائم التي تحدث من إيران ضد العرب سنة وشيعة، وذلك يكشف زيف إيران في تحريضها فئات المجتمع على بعضها البعض، كما أن الأحواز لديه ثروات نفطية هائلة ومع تحريرها عربياً سيُضاف ذلك في سجل الشعب العربي كقوة إقليمية.
ماذا عن فيلق القدس وميلشيات إيران ؟
“فيلق القدس” هو الجناح العسكري للتحركات الحربية الخارجية للحرس الثوري الإيراني، وله نشاطات عسكرية واقتصادية وسياسية، وهو شبيه لدولة موازية لدولة أيران، وهذا الجيش أو الفيلق يكمن دوره الرئيسي في بناء مليشيات لدى الدول العربية والإسلامية وتشكيل تحالفات مع جزء من هذه المجتمعات أو أي جهة أو منظمة ارهابية هدفها ارباك الأنظمة العربية وخلق الفتن بين أطراف الدولة في النسيج الواحد، والفيلق نشأ ضمن المشروع ” الخمسيني” والذي يسعى في أهدافه خلال 50 عاماً بأن تصبح ايران هي الدولة الإقليمية المُسيطرة على العالم العربي والإسلامي، “فيلق القدس” له أساليب ترهيبية وعقائدية واقتصادية للسيطرة وتجنيد الآخرين من خلال عمل شبكة علاقات ومحاولة نشر أفكارهم وغسل أدمغة رموز المجتمع والإعلاميين واحتوائهم، وفي حالة الفشل في تجنيدهم يقوموا بتصفيتهم، بالإضافة إلى دورهم في دعم المتطرفين والإرهابيين، كما حدث عام 2010 بعد التحفظ على شُحنة أسلحة تم تهريبها إلى نيجريا لدعم المتمردين هناك، ويظهر عمل الفيلق في تحركاته من خلال تأسيس مليشيات في لبنان والعراق وسوريا واليمن وإحداث الفتنة بين طوائف الدول العربية الآمنة لطرح نفسها كبديل للحل وذلك لفرض أجندتها الخبيثة، فيلق القدس له ” أجنحة سرية” وله مركز دراسات ووحدة متخصصة لكل دولة ومنها مصر، وتعمل تلك الوحدات على دراسة ظروف كل دولة على حِد، مثلا في مصر لا توجد مشاكل مذهبية هنا يمكن ايران أن تخلق فتنة من خلالها دعمها بالسلاح لداعش أو التنظيمات الإرهابية بشكل مباشر أو غير مباشر مثلما تم اكتشاف ذخائر وألغام تم تهريبها في أحد المزارع بمحافظة البحيرة والمكتوب عليها باللغة الفارسية ، والدليل على ذلك دعم ايران لحركة طالبان في أفغانستان، دولة ايران تدعي أنها تواجهه الإرهاب في حين أنها الداعم الرئيسي للإرهابيين و المتطرفيين.
كيف تدعم إيران المتطرفين الإسلاميين المُعاديين للطائفة الشيعية؟
ايران تدعم أي شخص وأي جهة لها دور في خلق الفتنة حتى لو كانت داعش، وإيران هي الممر الآمن لعبور الإرهابيين والمتطرفين من وإلى العراق وسوريا، وحتى الآن لم نسمع عن أي عملية تفجيرية أو استهداف للجنود الإيرانيين من تنظيم داعش والسبب لأن ايران تقوم بتدعيمهم بالأسلحة لتنفيذ مخططاتهم.
كيف تمول إيران المقاومة الفلسطينية بالأسلحة؟
إيران تقوم بدعم المقاومة الفلسطينية بالسلاح كنوع من أنواع التجارة واستمرار الأزمة وليس لحلها لطرح نفسها كبديل للحل، وهو ما حدث في تنظيم الجهاد الإسلامي، ومع تدخل إيران في غزة بدعوى دعم المقاومة الفلسطينية حدث لأول مرة في تاريخ القضية الفلسطينية الإقتتال الداخلي، والسؤال لماذا تستمر المقاومة الفلسطينية على توافقهم في دعم إيران لهم في ظل التحركات الإيرانية وقتل السوريين واستمرار الانتهاكات واحتلال الأراضي الأحوازية بالرغم من أنها أيضاً دولة محتلة؟ فالمبادىء هنا لا تجزأ، ويحدث ذلك أيضاً في ظل مفارقة غريبة مع دعم يهود إيران فهم لهم كافة الحقوق والحرية ولهم معابدهم الخاصة وحياتهم ولهم مقعدهم البرلماني بعكس الأحواز الذين يسعون للنضال من أجل أراضيهم وحريتهم.
تحدثتم عن تحركات عسكرية في الداخل الأحوازي، ولكم سجل حول استهداف خطوط الغاز والنفط الإيرانية من قِبل كتائب الشهيد محي الين ال ناصر، ماذا عن تطورات الوضع العسكري الميداني في الأحواز؟
نحن ندافع عن قضيتنا العادلة بكل الأساليب القانونية وفق المواثيق الدولية التي تُمنح للشعوب المحتلة، هدفنا في تفجير خطوط الغاز والنفط هو شل التحركات الاقتصادية لدولة ايران واستغلالها لثروات أقليم الأحواز، ونحن كمقاومة نُلحق الخسائر الاقتصادية والعسكرية فقط ولنا تحركات سياسية وقانونية واعلامية دون أحداث خسائر بشرية.
من ضمن العمليات التفجيرية في مدينة أرجان وتم استهداف أكبر خط غاز طبيعي في ايران تسبب في خسائر لـ500 ألف برميل وتوقف أعمال نقل البترول في تلك المنطقة لفترة طويلة، كما تظاهر كوادر ومناصري الحركة أمام شركة النفط النمساوية لإيقاف التعامل مع ايران وسحب مخزون النفط لدى أقليم الأحواز.
اشرح لي تعاملات دولة إيران مع الشعوب الغير فارسية؟
ايران لها خطة خبيثة وهي خلق الفتن بين الشعوب غير الفارسية المحتلة في جغرافية ما تسمي بإيران وذلك من خلال سياسة تغيير التركيبة السكانية وإذكاء الخلافات التاريخية والمذهبية والعرقية بين تلك الشعوب بهدف منعها من الاتحاد بوجهها.
ماذا عن دور روسيا والحرب على سوريا، وعلاقة ذلك بإيران؟
الموضوع متشابك، ايران قامت بربط مصالحها مع مصالح روسيا في المنطقة وجعلت روسيا مضطرة لدعم والدفاع عن ايران في الملف النووي الإيراني وباقي الملفات. للأسف الدعم الروسي يساعد على تمدد إيران وتسليحها بالقنبلة النووية لتصبح إيران “كوريا شمالية جديدة” في المنطقة وستأخذ من شعوب المنطقة كرهائن لها.