الحب فى اسمى ما يجب أن يكون …بقلم/ هدير حسين

تترسخ بداية الرومانسية فى أذهان  الناس مع أبطال سينما الأبيض والأسود، الذين ضفروا حياتنا بالحلم، ونسجوا قصصهم الجميلة في ذاكرتنا حيث تلقينا منهم أول دروس العشق، وتحلقنا حولهم، وارتبطنا بهم حتى كدنا نصدق أنهم خارج السياق الذي نعيشه. وتمنينا جميعاً أن يملك أحباؤنا بعضاً من ملامحهم”. منذ عهد بعيد، اتسمت السينما المصرية بظاهرة الثنائيات الفنية، وظلت كذلك حتى أوائل الثمانينيات. وإذا كانت هذه الثنائيات حققت شهرة واسعة لأبطالها، نتيجة ارتباط الجماهير بها، فإن الكثير من هذه الثنائيات راجت حولها شائعات. فظن البعض أن نجاح أبطالها وبطلاتها كان تبريراً لوجود علاقات عاطفية في ما بينهم، وحالات زواج. يأتي على رأس هذه الثنائيات حسين صدقي وليلي مراد، عماد حمدي ومديحة يسري، كمال الشناوي وشادية، فاتن حمامة وعمر الشريف، , و تارة أخرى فاتن حمامة مع أحمد مظهر فى أشهر الأعمال السينمائية و على مستوى السينما العربية بوجه عام و دامت هذه الصورة التى كانت تجسد الحب فى اعظم ما يكون القائم على التضحية التى اتضحت بمقتل المهندس دفاعاً عن آمنة و خوفا من رصاص خالها القاتل المستبد صاحب العقلية القديمة القائمة على الجهل مخلوطة بنزعة المجتمع الشرقى عن شرف الأنثى و كانت النهاية الحتمية  لأفلام تلك الحقبة الفنية ،و هى فراق احد الحبيبين، ليظل الآخر وحيداً وفياً حتى آخر العمر. 

و بعد مرور سنوات كثيرة قام هذا الثنائي بأعظم ما سجلته الدراما المصرية ، مسلسل “ضمير أبلة حكمت” ف كانت العلاقة بين ( حكمت هاشم ) مديرة المدرسة وجارها القبطان السابق ( وجيه ) من ارقى العلاقات التى تجسدت فـي عمل درامى مصرى .. ف كانوا الجيران العواجيز ، باب شقتها يقابل باب شقته و كل  منهما اقتربا من نهاية العمر و له حياته المختلفة عن الآخر  لكن بينهم بعض الصفات المشتركة، كالمقابلة كل يوم  فى الساعة السادسة صباحاً على الكورنيش فـى إسكندرية  حتى يمارسوا رياضة المشى و يتنفسوا هواء البحر العليل و يحكى كل منهما للآخر على مشاكله فى العمل و الحياة بوجه عام و يأخذوا  آراء بعضهما فى الأمور المهمة و زى ما بيقولوا “علاقة شيك”  بين اثنين ناضجين بالقدر الكافى ،كانت أغلب مشاهد المسلسل داخلى و بالتالى كان من يشاهد المسلسل اصبح له بمثابة الفسحة هو ايضاً و خاصةً فى مشاهد السير على الكورنيش .

– وفى أثناء هذه المشاهد كنا نشعر  إن ( وجيه ) يحب ( حكمت ) و إنه مكتفى بمساحة وجوده بجانبها فقط والإمتناع عن الإعتراف بحبه لها حتى لايخسرها و إن كانت تعتبره مجرد الصديق فقط . علاقة طاهرة ، نظيفة ليس لها اى غرض غير  القُرب من الحبيب حتى و إن كانت حدود العلاقة لا تتعدى الصداقة و الجيرة ، و بدأت العلاقة تتعقد اكثر عندما ورثت ( أبلة حكمت ) ثروة كبيرة جعلت منها مطمع لكل من حولها و هذا ما جعل (  القبطان وجيه ) يتصرف على النقيض من تصرفات كل المقربين منها ، فكان الوحيد الذى انسحب بهدوء من المشهد ، غير أنه تعمد عدم الظهور فى الصورة بشكل نهائى حتى لا تفهمه بشكل خاطىء ، لكن عندما كانت تحتاجه يكون حاضراً امامها . و هذا يتلخص فى فكرة ” عندما تحب احداً فى صمت ومن بعيد لـ بعيد وتكون فـى نفس الوقت قريب منه ” .

فإذا بحثت و حدقت النظر حولك، بالتأكيد سوف تعرف الشخصية التى تحبك و لا تريد منك شىء غير رؤيتك فى كامل سعادتك ، و بدون نظر و بحث فأنت تشعر من هو بل و تعرف هذا الشخص جيداً و لكن أين الجرأة ؟ و يكون لديك عدة تساؤلات و هى: من أين ستبدأ ؟ و من الذى سوف يقوم بالمبادرة و الإعتراف بالحب؟ و هل هذا واجب عليك ام على الطرف الآخر ؟ و من ناحية اخرى و هى أن سبب امتناعك عن الإحساس بوجود هذا الشخص و الإطمئنان بوجودها جانبك طوال الوقت و عيناك تعاملت معه على اساس مبدأ الحياد دائماً و هذا الخطأ الذى نقع فيه دائماً و عندها نفقد هذا الوفى. ( وجيه ) ليس شرطاً أن يكون حبيب ، يمكن أن يكون فى صديق أو قريب. و كل مننا ( سواء راجل ولا ست ) من المؤكد أن يكون فى حياته نموذج يشبه ( وجيه ) بكل نقاؤه وزُهده وتردده فى أن يتجاوز حدود هو اول من وضعها معك حتى لا يخسرك و هذا من فرط حبه لك ، لا يضايقه منك اى شىء و بنفس الوقت يكون الشخص الذى يبتعد عنك عندما يشعر ان وجوده يسبب لك التعاسة و الضيق و  الشخص الذى تفضفض له، يشعرك بالراحة.. وأول من تلجأ له و يكون بجانبك .. دوّر  على ( وجيهك ) .

 

اتاته

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.