الطب في سلطنة عُمان … إنجازات طبية عالمية بأيدٍ عُمانية تجسد تاريخ مشهود
"إنجازات طبية بأيدٍ عُمانية"
مسقط، خاص:
حرص السلطان قابوس خلال مسيرة بناء الوطن على أن يبقى المواطن العُماني شريكا حقيقياً للحكومة في عملية التنمية والرقي، ومن أجل أن يؤدي المواطن دوره من منطلق ما تقتضيه هذه الشراكة أقيمت المؤسسات التي تتيح له أن ينهض بدوره في خدمة وطنه وتطور مجتمعه.
ومن أبرز القطاعات والمؤسسات التي أولاها السلطان قابوس الرعاية والاهتمام الدائم والمباشر، القطاع الطبي باعتباره ركيزة أساسية من ركائز التنمية الوطنية.
وأتت هذه الرعاية ثمارها، فقد نبغ الأطباء العُمانيين الشباب، وحققوا النجاحات على المستوى العالمي، إذ حازوا المراتب الأولي في الجامعات الغربية، ومحلياً استطاعوا تحقيق نجاحات طبية لم يسبق لها مثيل في العالم، بفضل مهارات العنصر البشري من الأطباء الشباب وقدراتهم على استخدام أحدث التقنيات الطبية عالمياً.
إنجازات طبية بأيدٍ عُمانية
يوماً بعد يوم تتوالى الإنجازات الطبية العُمانية على المستويات كافة سواءً فيما يتعلّق بالتجهيزات والتكنولوجيا، أو فيما يتعلّق بالعنصر البشري الذي أثبت على مدار السنوات الماضية أنه يملك المهارة الطبية التي تؤهله للإنجاز والسبق.
وثمة إنجازات طبية صُنعت بأيدٍ عُمانية ومن أهمها:
أولاً: نجح فريق طبي من مستشفى القوات المسلحة مؤخراً في إجراء عملية زراعة المساعِدات السمعية الدقيقة والتي تعدُّ من العمليات النادرة والدقيقة في مجال زراعة المساعِدات السمعية، وشملت العملية زراعة قوقعة الأذن اليسرى وزراعة جهاز “كارينا”، وهو جهاز لأول مرة يُزرع على مستوى الشرق الأوسط وتمت زراعته بشكل كلي تحت جلد الأذن، حيث يقوم بتحفيز العظيمات السمعية للمريض الذي يعاني من ضعف السمع، وتعدُّ زراعة هذا الجهاز تحدياً فنياً وتقنياً لكونه من الأجهزة الجديدة على مستوى العالم.
ثانياً: نجح المستشفى السلطاني في تحقيق إنجاز طبي نوعي يعدُّ الأول من نوعه بالسلطنة في مجال أمراض الغدة الدرقية حيث تمكن طاقم طبي من استخدام تقنية علاجية نوعية ودقيقة متمثلة في استئصال الغدة الدرقية عبر المنظار دون اللجوء إلى التدخل الجراحي أسفل الرقبة.
ثالثاً: أقدم الفريق الجراحي بقسم جراحة المخ والأعصاب بمستشفى خولة على إجراء أول عملية على مستوى العالم لغلق تمدد شريان المخ عن طريق الحاجب للأطفال، حيث استخدم المستشفى نوعاً جديداً من الجراحة وهو جراحات استئصال الأورام المختلفة للكبار والأطفال عن طريق الحاجب، إذ إن الجراحة التقليدية المتمثلة في شق الرأس تستنزف كميات كبيرة من الدماء يصعب توفيرها.
رابعاً: في عملية تعدُّ الأولى من نوعها في العالم وإنقاذاً لامرأة ثلاثينية وجنينها، تمكن فريق طبي بمستشفى جامعة السلطان قابوس من القيام بنجاح بعملية تتمثل في زراعة صمام داخل صمام في صمامين نسيجيين (الصمام الأبهري والصمام المايترالي) في القلب وذلك عن طريق القسطرة من خلال فتحة صغيرة في الصدر لم يتجاوز حجمها 5 سنتيمترات والقسطرة، وتمثلت صعوبة العملية في أنها تعدُّ الحالة الأولى من نوعها على مستوى العالم والمتمثلة في زراعة صمام داخل صمام بالقسطرة في صمامين نسيجيين زرعا جراحياً قبل ثمان سنين وتعرّضا للتلف بعامل الوقت لامرأة حامل، والذي استوجب التعامل معها بحذر بحكم التعامل مع روحين وهما الأم والجنين، والوفاة كانت أحد الاحتمالات الصعبة المتوقعة بالعملية أو بدونها.
خامساً: استطاع المستشفى السلطاني تحقيق إنجاز نوعي يعدُّ الأول من نوعه في مسيرة الرعاية الصحية بالسلطنة؛ يتمثل في زراعة كبد لمريضة تعاني من تليف وورم سرطاني في الكبد.
سادساً: تمكن فريق طبي من مستشفى جامعة السلطان قابوس من القيام بنجاح بأربع عمليات زرع واستبدال الصمام الأبهري عن طريق فتحة صغيرة في الفخذ (القسطرة) وعن طريق الشريان الأبهري، وليس من الأمام مثلما هو حال العمليات التقليدية، لتفتح بذلك باب الأمل للكثير من المرضى الذين يعانون من ضيق الصمام وكان الأمل في شفائهم ضئيلاً جداً بسبب عدم تحمّلهم لعمليات جراحة القلب المفتوح.
تاريخ مشهود للطب في عُمان
لم تتحقق هذا الانجازات من فراغ ولم تأتي علي سبيل الصدفة، إنما جاءت ترجمة وتجسيد لتاريخ عُمان المشهود في مجال الطب والأطباء، فقد عرف أهل عُمان الطب قديما وحديثا، وتوصل القدماء منهم إلى معرفة الأمراض وكيفية علاجها عن طريق التجربة والاستلهام، ويصنف أطباء أهل عُمان إلى صنفين: الأول أطباء بعقولهم، والثاني أطباء بمنقولهم وتراثهم.
وتأكيداً على عراقة تاريخ الطب في عُمان، تحتفظ دائرة المخطوطات بوزارة التراث والثقافة بسلطنة عُمان على ما يقارب من 128 مخطوطة طبية، لأطباء عرب وعجم، تتوزع هذه المخطوطات بين مؤلفات لأطباء يونان مثل: أبقراط وأرسطو، ومؤلفات لأطباء عرب مثل: ابن سيناء والرازي، ومؤلفات لأطباء عمانيين مثل: راشد بن خلف الرستاقي وراشد بن عميرة الرستاقي.
وقامت وزارة التراث والثقافة العُمانية بطباعة كتاب (فاكهة السبيل) لراشد بن عميرة الرستاقي العيني، يحتوي هذا الكتاب على شرح النظريات المؤسسة للطب، مثل نظرية الطبائع الأربع السائدة عند اليونان ومن جاء بعدهم من أطباء العرب المسلمين، ويوضح فيها ما يجب أن يتحلى به الطبيب من أخلاق عند مزاولة مهنته، واستقصاء المعلومات المتوافرة آنذاك في علوم الأجنة والتشريح والصيدلة، ويعدد طبائع الأطعمة والأدوية ومنافعها، ويذكر ما يصلح للبدن من مأكل ومشرب وحركة ونوم ويقظة، كما يعرض الكتاب الأمراض التي يصاب بها الإنسان، واصفا أعراضها وطرق انتشارها وكيفية علاجها، بداية من الرأس ومرورا بالرئة والباطن وانتهاءً بالمفاصل والعضلات.
من أشهر الأطباء العمانيين الذين ذاع صيتهم، وخلص عملهم:
* راشد بن خلف، من علماء أواخر القرن التاسع والثلث الأول من القرن العاشر الهجريين.
* عميرة بن ثاني.
* راشد بن عميرة بن ثاني بن خلف، وله مؤلفات كثيرة في الطب، وابتكارات لبعض المعدات الطبية مثل آلات الوسم و الجراحة وغيرها، كما نجح في إجراء عمليات جراحية صعبة ودقيقة، فقد قام بإجراء عملية لامرأة حامل نطحها ثور في عام 995هـ، حيث قام بفتح بطنها وإخراج أمعائها، فقام بداية بالمحافظة على الأمعاء من الفساد ، عن طريق تكمدتها وتدفئتها لكي لا تصاب المرأة بالشلل، ثم قام بتنكيس جسد المرأة أثناء العملية وذلك لينحدر الرأس والظهر والإقلال من النزيف، ثم قام بخياطة الموضع، وكانت عملية ناجحة.
* عميرة بن راشد بن ثاني بن خلف.
* علي بن مبارك بن خلف بن محمد بن عبد الله بن هاشم.
* طالب بن علي بن مبارك.
* خميس بن سالم بن خميس بن درويش بن راشد بن نمر بن راشد بن عميرة.
* ويعد أبو محمد بن عبد الله بن محمد الأزدي الصحاري والذي عاش في القرن الخامس الهجري(الحادي عشر الميلادي) من الرواد والمتمكنين في الطب العربي، حيث ألف كتابا أطلق عليه اسم كتاب ( الماء ) وهو عبارة عن كتاب معجم طبي عربي.