القصة الكاملة لحقيقة دفن زينات صدقي في “مدفن الصدقة”..ذكرى عيد ميلادها
القصة الكاملة لحقيقة دفن زينات صدقي في “مدفن الصدقة”..ذكرى عيد ميلادها
زينات صدقي...في مثل هذا اليوم 5 مايو من عام 1912 وُلدت الفنانة القديرة زينات صدقي التي خلدت اسمها في ذاكرة السينما المصرية كواحدة من رموز الكوميديا وأيقونات الفن الأصيل. وبينما تحتفل الأوساط الفنية والجماهير بذكراها، تعود إلى السطح مجددًا شائعة دفنها في “مقابر الصدقة”، وهي الرواية التي أثارت الجدل والحزن في آنٍ واحد. فهل دُفنت زينات صدقي بالفعل في مدفن صدقة؟ أم أن الحقيقة تحمل جانبًا أكثر إنسانية ونبلًا؟
مدفن زينات صدقي.. كرم في حياتها وبعد وفاتها
على الرغم من شهرتها الواسعة ونجوميتها الطاغية، لم تسلم زينات صدقي من بعض الشائعات التي طالت حياتها بعد الوفاة، حيث ادعى البعض أنها لم تمتلك مدفنًا خاصًا بها، وتم دفنها في مقابر الصدقة. غير أن حفيدة شقيقتها نفت هذه المزاعم، مؤكدة أن زينات صدقي كانت تمتلك مقبرة بالفعل، لكنها قررت فتحها للفقراء والمحتاجين، ووهبتها لتكون “مدفن الغرباء”، في موقف نادر يعبّر عن شهامة قلّ نظيرها.
موقف إنساني خالص مع فنان مغمور
بدأت الحكاية عندما توفي فنان شاب مغمور يُدعى محمد فوزي، كان يعمل ككومبارس ضمن فرقة نجيب الريحاني، وتُوفي على خشبة المسرح فجأة. لم يجد أحد مكانًا لدفنه، وهنا ظهرت مروءة زينات صدقي، التي تكفّلت بمصاريف الجنازة، وسمحت بدفنه في مدفنها الخاص، بل خرجت بنفسها بالجنازة مرتدية ملابس الحداد، حتى وُوري الثرى.
فتح المقبرة للغرباء.. وأمنية أخيرة متواضعة
لم تكن تلك الواقعة هي الوحيدة التي كشفت الجانب الإنساني من شخصيتها، فقد تكررت بعد أيام، عندما طلب منها أحد العمال بالمسرح أن تسمح بدفن والدته في نفس المدفن، نظرًا لعجزه عن تأمين مكان للدفن. وافقت زينات صدقي دون تردد، وقررت أن تفتح مدفنها “لوجه الله”، وأوصت بأن يُطلق عليه اسم “مدفن الغرباء” بدلاً من أن يُكتب عليه اسمها، ليكون مأوىً لكل محتاج حتى بعد وفاتها.
وفي لفتة مؤثرة، أوصت بأن يُكتب على شاهد القبر: “لا تنسوا قراءة الفاتحة على روح زينات محمد سعد”، وهو اسمها الحقيقي، في رسالة تحمل تواضعًا عظيمًا ورغبة خالصة في نيل الأجر.
نهاية حزينة لفنانة عظيمة
رغم عطائها الفني الكبير، عاشت زينات صدقي أيامها الأخيرة في وحدة وعزلة، حيث ابتعد عنها الأضواء وتجاهلتها السينما التي طالما أضحكت جمهورها من خلالها. عانت من ارتشاح رئوي لمدة أسبوع، وتوفيت في 2 مارس 1978، عن عمر ناهز 66 عامًا، بعدما تركت بصمة لا تُنسى في قلوب محبيها.
محطات فنية في حياة زينات صدقي
وُلدت زينات صدقي في الإسكندرية، وبدأت مشوارها الفني كراقصة ومغنية في المسارح الشعبية.
انضمت إلى فرقة نجيب الريحاني، وكانت بدايتها الحقيقية في عالم التمثيل من هناك.
تميزت بأدوار المرأة الشعبية خفيفة الظل، مثل الجارة، الخادمة الطيبة، أو العانس، وقدمتها بإتقان لا يُضاهى.
من أشهر أعمالها: ابن حميدو، العتبة الخضراء، عفريتة إسماعيل يس، الآنسة حنفي.
شاركت عمالقة الفن مثل إسماعيل يس، عبد الحليم حافظ، عبد الفتاح القصري، ونجيب الريحاني.
إرث فني وإنساني خالد
لم تكن زينات صدقي مجرد فنانة بارعة، بل كانت إنسانة عظيمة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، جمعت بين الكوميديا والطيبة، وبين الأداء الفني العالي والمواقف النبيلة. دفنها لم يكن في “مدفن صدقة” بسبب فقر، بل لأنه مدفنٌ وهبته للناس، لتبقى ذكراها لا تقتصر على الضحك فقط، بل تمتد إلى عمل الخير والكرم والإنسانية.