القطط وصناديق المتاهة ..!! بقلم / حمادة سعد
القطط وصناديق المتاهة ..!!
إذا كنت متخصصًا في الحقل التربوي فلعلك تستشعر وللوهلة الأولى أنني أقصد بهذا العنوان تجربة عالم النفس الأمريكي “إدوارد لي ثورندايك”
صاحب أبحاث التعلم والتعليم في مطلع القرن العشرين، والذي أجرى تجاربه على القطط ، وعن كيفية تعلمها للهرب من صناديق المتاهة التي أعدها لها خصيصًا في محاولة منه للرد على سابقيه الذين قالوا بأن الحيوانات تتعلم من خلال حدسها وبصيرتها الذاتية ، وقال مقولته الشهيرة” إن أغلب الكتب لا تعطينا علم نفس ، بل تزودنا بقصيدة مدح للحيوانات ، فكل كتاباتهم كانت عن الذكاء الحيواني ، ولكنها لم تكن أبدا عن الغباء الحيواني”.
القطط وصناديق المتاهة ..!!
استطاع ” ثورندايك” في المقابل أن يتوصل إلى حقيقة مفادها أن الكائن الحي يتعلم من خلال المحاولة والخطأ ، ثم من خلال سلوك تعديل الأخطاء بعد محاولات عديدة مصحوبة بالفشل والإخفاق .
الدراما المصرية و مواقع التواصل الاجتماعي
ولكن – عزيزي القارئ – موضوعي الذي رميت إليه لا يحتمل أخطاء قطط ” ثورندايك ” على الإطلاق ، فالمتابع الجيد للدراما المصرية ،بل و لمواقع التواصل الاجتماعي على كافة المسميات والأنماط يلاحظ وجود ثغرات أخلاقية لا حصر لها تتباين ما بين خلاعة ، وتنمر ، وتكريس لقيم غربية دخيلة لا تساير قيمنا المصرية الأصيلة ، بل تتصادم معها تصادمًا حادا ، وكل ذلك لا لشيء إلا من أجل جني ثمار الثروة المحرمة التي لا تأتي إلا من خلال العري والعربدة.
نعم إنها العربدة المطلقة لإرضاء شهوة الشهرة الفارغة كما هو الحال مع نجمات ونجوم “السوشيال ميديا ” والفضاء الأزرق ؛ لحصد أكبر عدد من المشاهدات و اللايكات في جلسات تصويرهم المشبوهة .
أو تلك التصريحات التي لا تنقطع عن المؤخرات من فنانات فاتهن قطار النجومية لبلوغهن من الكبر عتيا فلم يتبق لهن سوى لفت الأنظار إليهن بأشياء لا تنتمي للفن والفن منه براء .
مواطن مصري بسيط
قد تبدو كلماتي قاسية بعض الشيء ولكنها الحقيقة فأنا لست ملاكا ولا أدعي ذلك ، ولكني إنسان ومواطن مصري بسيط يتألم عندما ينظر إلى هذا الوضع المخزي الذي وصلنا إليه من الانحطاط والاسفاف فبعدما كنا منارة للعلم والتدين إسلاميا ومسيحيا بأزهرنا الذي كان منارة لكافة أنحاء المعمورة وكنيستنا التي كانت قلب إفريقيا ، بل وبفنوننا التي أدهشت العالم في العمارة والهندسة والفلك والتحنيط الذي مازال لغزا وبصمة مصرية فريدة تحتفظ بسره لنفسها أصبحنا بلا هوية فلا قيم نرجع إليها ولا حدود لسقطاتنا التي تتعاقب تترا .
وخلاصة القول.. فإن الدراما ينبغي أن تكون في خدمة المجتمع ، وينبغي أن تسير في سبيل تحسين أوضاعه ، وليست من أجل التسلية فقط ، أو التنفيس عن العدوانية الذاتية المكبوتة في الصدور ، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي ما خرجت من رحم التكنولوجيا الحديثة إلا لإشباع النهم الإنساني المتعطش إلى العلم ولإحداث ثورة في عالم الاتصالات بين البشر فتمكنهم من لقاء العقول وكسر حواجز الزمن والمسافات وليست من أجل عرض الأجساد وبث الشائعات وتجويف العقول
فأطفالنا يا سادة !! أمانة بين أيادينا .. فرجاءً انقذوهم من صناديق المتاهة ، واعلموا أنه من السهل أن تعود قطط ثورندايك عندما تضيع في المتاهة ، لكن أبناءنا إذا ساروا في متاهتكم لن يعودوا أبدا .