القطن تحسبه ضعيفا لكنه ليس كذلك! بقلم داليا السيد حسين

 

القطن ليس فقط ذلك النسيج الذي نراه يتنقل بين يدي المنجد والقوس والمطرقة والعصا، فيتطاير أو يتم حشوه بعد تقطيعه في أنواع الفرش المختلفة… بل إن القطن له تكوين ومظهر وقُوَى وخواص جعلها الله سبحانه وتعالى فيه لتكون عامل مرن يمكن تطويعه كمادة نباتية للإستخدام في شتى أنواع المنسوجات سواء ملبس أو فرش أو أدوات متنوعة ومتعددة الأغراض.

الإحتياجات البشرية والبيئية

مع إفتتاح المجمع الصناعي للغزل والنسيج بالروبيكي فضلا من الله ونعمة، ومع الشروحات المقدمة، وكذلك كافة أنواع الشروحات الأخرى التي توفرها التكنولوجيا الرقمية حاليا، تزداد معارف الإنسان وأُفُقه وتتحسن رؤيته للأمور، وبالتالي يكون ذلك باب مفتوح من الله سبحانه وتعالى لمزيد من التعلم من أجل التطبيق والعمل وحل المشكلات وتوفير الإحتياجات البشرية والبيئية.

ولم لا وقد قال الله سبحانه وتعالى: “هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا” هود61.

سبب قوة القطن

كلما قرأت أو اطلعت على معلومات ومعارف، كلما إزداد فهمك للأمور، وكلما زاد إيمانك وحبك لله سبحانه وتعالى، فقد كانت أول كلمة لنا هي في قول الله سبحانه وتعالى: “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ.” العلق1!
عندما ترى شعيرات القطن التي قد تحسبها ضعيفة، وخيوطه التي تنتقل بإنسيابية ومتانة بين قضبان الآلات والمعدات في تصنيعها، وما تتعرض له شعيرات القطن من ضغط وقوة ميكانيكية تناسب صفاته فتضمن تحقيق هدف كل من تقويمه وتهذيبه وتقويته وكذلك الحفاظ على خيوطه لكي لا تنقطع، حتما ستقول إنه ليس بالضعف الذي اعتقدت من قبل، خاصة أن له وظيفة مهمة جدا وفعالة… وستقول سبحان الله الذي خلق لنا هذا وسخره بين أيدينا منفعة ورحمة لنا، وستقرأ الآية الكريمة بروح ومعنى جديد: “يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا” الأعراف26
أول ما ستفعله لكي ترد على تساؤلك عن سبب قوة القطن: ما هي القوة التي جعلها الله سبحانه وتعالى في القطن؟ أو ما هو سبب هذه القوة التي خلقها الله سبحانه وتعالى.

ولعل أول إجابة ستكون كلمة شديدة العمق، وهي: لا حول ولا قوة إلا بالله، فهي الكلمة التي تحتوي في عمقها كل قدرة وقوة وموقف وحال نعيشه… إنها كل حياة الإنسان.

وحتما يكون لكل قوة خلقها الله سبحانه وتعالى وسَيَّرَها سبب علمي ومنطقي يفهمه الإنسان لكي يستفيد منه ويتعلم سواء في هذه الحالة ذاتها أو في حالات أخرى مرتبطة.

مكونات القطن الخام

يتكون القطن الخام بالأساس من مادة السليولوز البوليمرية بنسبة 85.5%، وبقية النسبة عبارة عن زيوت وشموع وبروتينات ومواد ملونة طبيعية وأملاح معدنية وماء.

ويتكون السليولوز من سلاسل من وحدات الجلوكوز المرتبطة بينها وبين بعضها البعض بروابط كيميائية، ويتحمل السليولوز بالحالة الجافة الحرارة حتى 150 درجة مئوية دون حدوث أي تفكك، ولعل هذه الصفة هي أحد المقومات الرئيسية التي جعلها الله سبحانه وتعالى في قوة شعيرات القطن وتجعله يتحمل قوى الضغط والشد أثناء عمليات التصنيع (وفقا للكيميائي بلال عبد الوهاب الرفاعي).

تصنيع القطن

إضافة إلى ذلك، فإن هذه العملية تشمل تسع مراحل يسبقها التخزين، ثم تشرب الرطوبة لإضافة المتانة، وتبدأ بمرحلة التفتيح بإزالة الشوائب، ومرحلة الكرد بتحويل الشعيرات إلى شرائط، ومرحلة السحب الإبتدائي بتجانس شرائط الكرد، ومرحلة الملفات بتحويل الشرائط إلى رص، ومرحلة التنشيط بتحويل شرائط الكرد إلى شرائط ناعمة كالحرير، ومرحلة السحب النهائي للتأكد من تجانس الشرائط وسمكها، ومرحلة البرم بتحويل الشرائط إلى فتل مبرومة، ومرحلة الغزل، ومرحلة تجميع الكوم.

فهي عبارة عن نظام متكامل يتكون من مدخلات وعمليات ومخرجات، وهي تلك العملية المتكررة التي نراها في كافة مناحي الحياة والتي يعبر عنها ويشرحها علم النظم، ونراها في المأكل والمشرب والملبس والمأوى والمال والأدوات المختلفة، فجميعها لها مدخلات ثم تدخل في عمليات معالجة لكي تعطي المخرجات النافعة والتي يستخدمها الإنسان بشكل مباشر…

كما نراها في خلق الله سبحانه وتعالى الذي اتخذه الفاعلين والعلماء على مر العصور كنموذج أساسي لكافة إبتكاراتهم وإختراعاتهم وقاموا بمحاكاته جزئيا لينتجوا المنتجات المختلفة (جزئيا لأن خَلْق الله سبحانه وتعالى أعظم، وبه تراكيب ومكونات أخرى لم يكتشفها العلم بعد).
لقد خلق الله سبحانه وتعالى لنا النبات والماء… بل الأرض والسماء وما فيهما من موارد ونِعم، لكي نعمل ونجتهد وننتفع بالحق.. ثم لنعبده حق عبادة ونشكره حق شكر سبحان الله وتعالى.

بل إنها تلك آيات القرآن الكريم التي ترشدنا لأفضل الأعمال عبادة لله سبحانه وتعالى وعمل وإعمار في قول الله سبحانه وتعالى: “لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”، “لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ”، “لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ”، “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”، “لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، “لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ”.
ولعله هُدَى الله سبحانه وتعالى وما رَزَقَ من خيرات ونعم لا تُعد ولا تُحصى وما أرسل به رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في القرآن العظيم وتركنا به على المحجة البيضاء…. الحمد لله رب

 

العالمين.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.