المال والذوق العام
المال والذوق العام
بقلم الإعلامية د.هالة فؤاد
يعتبر الذوق العام خلقا حسنا تنعكس على سلوك صاحبه وتعامله مع الناس ، والذي يدعوه إلى إحترام مشاعر الأخرين ، ومراعاة القواعد الأساسية الضابطة للسلوك البشري ، وذلك باتباع قواعد الأداب العامة والسلوكيات الحسنة.
الفن والذوق العام
بداية ماهو الفن؟
تعددت تعاريف الفن على مدى العصور وعند العديد من الفلاسفة والأدباء ونذكر منهم الأتي:
أرسطو :
يعرف أرسطو مادة الفن بأنها المحسوسات البيئية ، والفن يقلد الطبيعة (يحاكيها)، وهذا ليس سلبيا بل إنه يقلدها ويطورها نحو الأفضل ،وهذه إحدى مهمات الفن وهكذا يعبر الإنسان عما ينقصه في الطبيعة ، أي أن الفن ليس نسخة من جمال الطبيعة بل هو محاكاة منقحة.
أفلاطون :
يعتبر أفلاطون الفن بأنه طريقة للتعبير بأشياء حسية ، وكل شئ في عالم الفن يرمز إلى عالم أخر ، وعندما يرى الإنسان الأعمال الفنية فإنه يتذكر العالم الذي كان فيه قبل الجسد ، وللفن دور مهم في تذكير النفس بعالم الأرواح ، وهو الذي يدفعها للعودة إلى هذا العالم .
سقراط :
كان سقراط متشددا في الفن المعتمد على إيهام وخداع الجمهور والتأثير فيهم، لأن الفن بهذه الحالة يتحول من غاية إلى وسيلة ، وقد صاغ سقراط نظرية للفن يرى فيها أن الفن والجمال يجب أن يكون هدفه خدمة الأخلاق ، ولا يعني اللذة الحسية.
لالو:
الفن هو الحياة ، والسمات الأساسية التي يصف بها العمل الفني هي سمات مبدعه وجمهوره وناقده ومتذوقه ، توافق عالم الجمال والوجدان والعقل وبين الذاتي والموضوعي وبين روح الإنسان والطبيعة .
وعموما الفن عبارة عن مجموعة متنوعة من الأنشطة البشرية في إنشاء أعمال بصرية أوسمعية أو حركية للتعبير عن أفكار المؤلف الإبداعية أو المفاهيمية أو المهارة الفنية .
إن الفن هو معيار حضارة أي مجتمع ، وله أكبر الأثر على سلوكيات وأخلاق أفراده ، ويستطيع أن يرقى بالذوق العام أو يهبط به إلى أسفل سافلين .
وهذا يبدو جليا في صورة المجتمع المصري فترة الأبيض والأسود ، كان مجتمعا مثقفا واعيا ذو أخلاق عالية ، تسوده المحبة والسلام ، حتى الجرائم كانت قليلة ، ولم يكن متواجدا الجرائم الأخلاقية .
إلى جانب سلوكيات الناس الحسنة في المعاملة في الشارع ، في المواصلات العامة ، لم يكن هناك وجود للألفاظ النابية والبذيئة.
وإذا نظرنا إلى سلوكيات وملابس المطربين والمطربات في الحفلات وطريقة أدائهم على المسرح ستجدها في منتهى الرقي ، وأيضا ستجد جمهورا راقيا واعيا مهذبا .
وذلك لأن الفن كان هادفا لنشر الأخلاق الحميدة متأثرا في ذلك برأي سقراط في الفن .
وأيضا كان السبب في هذا الرقي إشراف الدولة ووجود رقابة على كل ما يعرض على الجمهور .
ومع بداية الإنفتاح الإقتصادي ووجود طبقات جديدة في المجتمع تملك المال ولاتملك ثقافة ولا وعيا ، بدأالإنهيار يدب في الفن ، وبدأ ظهور بعض الكلمات والسلوكيات الغريبة على المجتمع المصري ، وبدأت العشوائيات تنتشر في المجتمع ويظهرها الفن باعتبار أن هذه هي صورة المجتمع المصري .
أما الأن فحدث ولاحرج ، مجتمعنا اليوم تجد فيه أطفال الحضانة يتغنون بأغاني مايسمى بمطربين المهرجانات ،يتغنون بأغاني فيها خمور وحشيش ، بدل كلمات زمان بابا ماما وطني علمي حرية قومية سلام حمام جندي بلدي شجاع ،دي كانت مفردات أغاني أطفالنا قديما .
سنجد في مجتمعنا اليوم إنتشارالعنف والجرائم الأخلاقية التي لم تكن موجودة سابقا .
لماذا ؟
لأن الفن أفسدالذوق العام لأفراد المجتمع من خلال مايقدم في المهرجانات من عري وأغاني هابطة ،وكلمات خادشة للحياء ، أستحي أن أسردها عليكم، وذلك يرجع إلى غياب الرقابة على مايعرض على الجمهورسواء سمعي أو بصري ، وغياب دور الدولة في التصدي لهذا الإنحطاط الفني ، وغياب دور رجال الدين أيضا ، أين دورهم في التصدي لمثل هذه الظاهرات التي تهدم المجتمع ، من إفساد للذوق العام ونشر الأخلاقيات الفاسدة في المجتمع .
فهؤلاء عليهم التصدي لكل من يحاول بماله تبني مثل هؤلاء الذين ينشرون الفساد والرذيلة في المجتمع.
تحية واجبة للفنان الراقي الملتزم والذي أخذ على عاتقه محاربة كل من يفسد ذوق الجمهور وينشر الرذيلة في المجتمع ، ضاربا عرض الحائط بكل من يحاول أن يثبط عزيمتة بعرقلة مجهوده مستغلا أمواله لدعم مطربي المهرجانات .
تحية لأمير الغناء العربي الفنان الراقي /:هاني شاكر .
وأرجو من كل المثقفين والاعلاميين ورجال الدين بل الدولة دعمه للرجوع بمجتمعنا لقيمه وأخلاقياتة الأصيلة وللإرتقاء بالذوق العام ومنع المال من إفساده.
التعليقات مغلقة.