المرتكزات الإبداعية في ديوان أوتوجراف … بقلم: عبده حسين إمام

المرتكزات الإبداعية في ديوان أوتوجراف

ديوان قصائد نثر            

الشاعرة ايات عبد المنعم

بقلم: عبده حسين إمام             

العلاقة وثيقة للشعر بالنظم نظرا للطبيعة العربية وأدب البادية وأشهرها بحر الحداء / الرجز /وحركات الإبل وسرعاتها ارتبطت بأبحر معينة وفق حركات منتظمة كذلك تأثير النظم والإيقاع في الرقى الشعبية والامثال
حتى حدوث الثورة الشعرية في شعر التفعيلة على يد روادها الأوائل ومن ثم ظهور قصيدة النثر وعلى يد بعض رواد الشعر الحر مثل ادونيس ومن بعده ممن تخصصوا في هذا الفن مثل محمد الماغوط وانسي الحاج.
وجدير بالذكر الإشارة إلى المقدمة الرائعة للأستاذ القدير/ أستاذ السيد حسن
” لست بحاجة لتجديد القول بأنني من المفتونين بالموسيقى في الشعر وأنني كشاعر أراها ركناً لا تقوم القصيدة في غيابه، ولست بحاجة لتكرار أنني حين أتعامل مع نصوص خاصة، كالنصوص التي بَينَ ايدينا، أخلع ذوقي في الكتابة وأتعامل بذوقي في التلقي” وإلى كيفية التعامل مع الموسيق الداخلية للنصوص.
في قرائتنا سيتم التناول من ثلاث مرتكزات هي
1- الشعور الوجودي الصوفي للعاطفة.
2- التراسل الحسي في الصور البلاغية.
3- الأسطورة والمرجعية التراثية بأوجه متعددة
الشعور الوجودي الصوفي للعاطفة.
وحالة التوحد ووحدة الوجود مع الآخر والحلول فيه والتصوير اللا نهائي لحالة الوجد العاطفي المعادلة للوجد الصوفي
في قصيدة على الصدر
وَمعرَاجٌ وَقـُبَّةٌ.. وَفتَاةٌ تـُعَانِقُ النـَّجمَاتِ بِالصَّوتِ..
في قصيدة مديح الكسوف
فِي كَهَنُوتِكَ لا أنبياءَ بغيرِ مُرِيدِينَ.. /وَفِي وَرَعِي.. /أَتَعَثـَّرُ بِكَلِمَاتِ الإِطرَاءِ العَرِيضَةِ الرَّخوَةِ/أَتـَوَرَّدُ فَزَعًا..
في قصيدة وَبِالنـَّجمِ هُم يَهتـُدونَ
وَسِمةٌ تـُزهِرُ فِي أَفئِدَةِ الطَّيرِ حُرُوفـًا.. /وَتشدُو بـِربَّانِيَّتِه الصَّلاة.. /لَهُ دَاخِلِي حَضرَةٌ عَامِرَةٌ /مَقاعِدُ صِدقٍ..
مَدَائِنُ وَمَحَارِيبُ../لَهُ الذِّكرَى، وَعَلامَاٌت.. /وَبِالنـَّجمِ هُم يَهتـُدونَ
في قصيدة جِدَارِيـٌّة (2)
وَلا أَدرِي.. /عَلامَ جِئتَ إِليَّ بِحَضرَتِكَ الصُّوفِيَّةِ تـَرتَقـي؟!/وَبِفَيضِ تَوقـكَ.. /تـُحرِق نَذرَكَ بَخورًا فِي أَروِقــَتِي وَالمَقــَامِ؛
فَتُدهِشُنِي ابتِسَامَاتُ الرِّضَا /وَالنـَّدى يَغبِطُ عَينَيكَ..
التراسل الحسي
تراسل الحواس هو صورة أدبيّة. وهي «وصف مدرکات کلّ حاسة من الحواس بصفات مدرکات الحاسة الأخری، فتعطى المسموعات ألواناً، وتصير المشمومات أنغاماً، ٥ وتصبح المرئيّات عاطرة» .
التصوير الحسيّ في اطاره التقليدي للمفاهيم المجردة: ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ ١ نُصِبَتْ﴾ . وهذه الآيات غيض من فيض الآيات الحسيّة تلفت الأنظار.
:﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا﴾ والمعروف أنّ الإلقاء يتم باليد كقولهم: “ألقی عصاه علی الأرض” كناية عن الإقامة في مترل، فلذلك يعدّ الإلقاء مرتبطاً باللمس
:﴿وَلَئِن مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾
إننا أمام صورة استعارية موحية حافلة بالمؤثرات البصرية. والنفحة هي الطيب؛ يقال: أصابتنا نفحة من الصبا والتراسل بادٍ في الآية إذ المسّ من الملموسات والنفحة على ما فسّرناها تعود للمشمومات
(ليَذُوقُواْ الْعَذَابَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا)/(فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ)
في قصيدة في مديح الكسوف
أَقبَعَ مُخَلَّدَةً.. /صَيحَةً فِي عُنُقِكَ.. /صِبغَةً مِن خَمرِ أَدِيمِكَ، /أَتَضَوَّعُ أَفكَارَكَ، /أَسكُنـُهَا.. /فَلا تَهدَأ.
في قصيدة ما تيسر!
أُرَتـِّلُ الأَعوَامَ.. أَهذِيهَا/وَأَحفَظُهَا عَلَى القـَلبِ ظَهرًا.. جَهَارًا
في قصيدة مارشميلو
سَحَابٌ قـُطنيٌّ هَشٌّ مِنْ يَقـَظَةِ الأَلوَانِ.. /عِنَاقٌ طَائِفيٌ، /لا يَحتَفِظُ بِعطرِ نَظَرَاتِكَ /عَلَى جَسَدِي!
وَلا يُطرِّزُ هَمسَك المُتَحَفـِّظَ /أَقرَاطًا فِي أُذُنِ الوَقتِ..
في قصيدة عََلـَى المـَاءِ
أَتَرَنَّمُ بِضعَ شَقَـائِقِ الزَّهرِ.. /وَسُقـيَاهُ!/ثـُمَّ أَضَعُ العَرشَ عَلَى المَاءِ.. /جَزرهُ يَستَرسِلُ فِيَّ، يُغرِقـُنِي
أَتَحَسَّسُ قـَدمَيَّ أَورَاقـًا تَطفُو/لَهِيبًا.. وَتَخسِفُ وَدقًـا..
الأسطورة والمرجعية التراثية بأوجه متعددة
– اولا التراث الديني ونوظيفه في النص.
أيضا في قصيدة وَبِالنجمِ هُمْ يَهتدُونَ كعنوان للقصيدة يستلهم النص القرآني الشريف في سورة النجم
في قصيدة وَلا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أحَدًا وهو عنوان القصيدة
استلهام من سورة الكهف فَابْعَثُوا أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَٰذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَا أَزْكَىٰ طَعَامًا فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا(
في قصيدة ما تيسر! وما يحويه العنوان من دلالة قدسية
في قصيدة عَلـَى استِحيَاءٍ والصورة المركبة في الأسطر التالية
فِي بَادِئِ التَّأويلِ /سُرِقَ صِواعُ المَلكِ /هَاكَ سَوأَتِي /قَـطَِّعْ يَدِي /مَا بَالُ حُسنِكَ فِريَةً /يَشتَهِيكَ!
في استلهام من سورة يوسف (قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)
في قصيدة لِلبَيتِ شَطرٌ
وَلا أَخشَى مَوجَةَََ المَوتِ الصُلبَةَِ القـَادِمَةَِ/حَتَّى تَتَكَشَّفَ عَنْ سَاقَـيهَا، بِجَزرِها وَالمَدِّ
مَرَّةً أُخرَى.. /حَتَّى يَكتَمِلَ النِّصَابُ
الاستلهام من سورة النمل (قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ ۖ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا)
– التراث التاريخي
في قصيدة عرائس النيل واستحضار للمأثور الفرعوني (عروسة النيل) بوجه مغاير من قوة وتمرد مقابل اللضعف والاستسلام
أَنَا.. لا أُشبِهُ الأُخرَيَاتِ!/عَرَائِسُ النـِّيلِ فِي مَرَاكِبِكَ/أَحتَرِقُ كَمَدًا.. ثـُمَّ أَنتَحِبُ/لَيسَ فِيمَا تَضرِبُهُ عَلَيَّ مِنْ حُجُبٍ..
هَذَا الهَوَاءُ المُشَبَّعُ مِلءَ أَنفَاسِكَ/بَحرٌ يَموجُ وَيعلُو فِي صَدرِي..
وفي قصيدة رهاب 2 مع بعض التجاوز نستحضر أسطورة إيزيس لارتباطها الشديد مع النيل إذ تقول
كُنتُ أَدفَعُ بِالأَحجَارِ وَالعَثَرَاتِ وَحدِي/بَعِيدًا عَن مَجرَى النَّهرِ.. /شَدَدتُ عَلَى عَضُدِي لآَلافِ المِرَّاتِ
تَأَبَّطتُ الثغرَاتِ.. /أَدفَعُ.. وَأنتَظِرُ
سمات بلاغية في قصائد الديوان
لم تقف الشاعرة فقط على ما ذكرناه من مرتكزات لصناعة القصيدة بل تم استثمار الكلمة و
– أَتَوَثـَّرُ نَبَضَاتِهِ.. (ونحتاج توضيح لكلمة اتوثر)/تُمَسِّدُ الأَحلامُ الأحَادِيثَ الِّتِي لَم تُقـلْ /لا تُهدِيكِ سَواسِنَهَا المُطَرَّزَةَ/ لا تُهدِيكِ سَواسِنَهَا المُطَرَّزَةَ
– في توظيف وتشكيل جديد للكلمات في تعبيرات مبتكرة
ملاحظة صوتية لم يقبل علماء الاصوات وايضا الذائقة السمعية لا تحتمل تكرار عدد أحرف متحركة في كلمة واحدة
مثل أَحتَرِقُ كَمَدًا في قصيدة عرائس النيل لا بد من حرف ساكن في الوسط يريح الأذن
مراجع
مجلة دراسات في اللّغة العربية وآدابها، نصف سنويّة محكّ مة، العدد الواحد والعشرون
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.