بالتزامن مع ذكرى تفجيرات ١١سبتمبر..أمريكا تتمسك بالتعامل بازدواجية المعايير مع الإرهاب
بقلم.. عبدالرحيم أبوالمكارم حماد
تعتبر تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001م، في مدينة نيويورك الأمريكية، حدثًا فارقًا ليس في تاريخ الولايات المتحدة فحسب، وإنما في التاريخ الحديث كله،
باعتبارها المرة الأولى التي تتعرض فيها دولة كبرى لهجمات إرهابية بهذا الحجم، بعد أن دمرت طائرتان البرجين الشمالي والجنوبي لمركز التجارة العالمي بمنهاتن،.
واصطدمت ثالثة بمبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في أقل من ساعة من بدأ أول هجوم، مما تسبب في وفاة 2973 وإصابة 6000 تقريبًا حسبما رصدت التقارير الرسمية.
حوَّلت هذه الأحداث أنظار أمريكا والعالم إلى تنظيم القاعدة وإخوته من التنظيمات الإرهابية تحت شعار واحد رفعته الولايات المتحدة، وهو «الحرب على الإرهاب»، والذي اتخذته ذريعة لاحتلال أفغانستان ثم العراق،.
إلى جانب العداء المتنامي من الغرب تجاه كل ما هو إسلامي فيما عُرف بظاهرة «الإسلاموفوبيا»، فكما يقولون لكل فعل رد فعل مساوٍ له في القوة ومضادٌ له في الاتجاه، .
وهذا ما يفسر تنامي اليمين المتطرف في الغرب كرد فعل طبيعي على الإرهاب الإسلاموي بعد 11 سبتمبر.
ولم ينتهِ الأمر عند احتلال العراق في مارس 2003م، وإنما كان لهذا الاحتلال آثار كبيرة على استقرار المنطقة العربية برمتها من ناحية، وهيء المناخ لظهور تنظيمات إرهابية أشد دموية وعنفًا من «القاعدة» مثل تنظيم «داعش» الإرهابي،.
الذي وجد في حالة الفوضى والفراغ الكبير الذي عاشه العراق بعد الإطاحة بصدام حسين، بيئة مناسبة للنمو والتمدد، فانتقل العالم من الحرب ضد «القاعدة» إلى الحرب ضد «داعش»، الذي يتنافس مع نظيره على زعامة الإرهاب في العالم.
أسقطت الهجمات هيبة الولايات المتحدة عالميًا، مثلما أفقدت ثقة مواطنيها في قدرة الدولة على حمايتهم من مخاطر الإرهاب الذي أصبح يتهددهم بشكل مباشر، بعد أن كانت مسارح العمليات مقتصرة على بلدان بعيدة عن الداخل الأمريكي، كما منحت هذه التفجيرات التنظيمات الإرهابية وزنًا أكبر مما كان متوقعًا لدى أجهزة الاستخبارات العالمية،.
ما دفع الأخيرة إلى إعادة حساباتها، ومراجعة الأوزان النسبية لتلك التنظيمات مرةً أخرى.
قبل هذه الأحداث كانت الولايات المتحدة تدعم تنظيم القاعدة في أفغانستان فيما عرف عربيًا بـ«الجهاد الأفغاني» ضد السوفييت،.
وكان الهدف السياسي الأكبر لأمريكا هو القضاء على الاتحاد السوفييتي ودول روسيا الاتحادية، من خلال ما بات يعرف بالحرب بالوكالة، بحيث يقاتل التنظيم نيابة عن الجنود الأمريكان، ولكن سرعان ما انقلب السحر الأمريكي على صاحبه،.
ليستدير التنظيم الإرهابي ويولي وجهه شطر الولايات المتحدة، التي لا تقل خطورة في نظره عن الاتحاد السوفييتي، ولكنه كان يرتب أولوياته فقط.
في تقديري أن الولايات المتحدة لم تتعلم الدرس رغم قساوته، فلا تزال تتمسك بازدواجية المعايير في التعامل مع الإرهاب، فهي تعلن محاربته وتتحالف مع الدول التي تحاربه وتضع يدها اليمنى معهم، بينما تضع اليسرى مع التنظيمات الإرهابية كداعش وغيره.
وتمدهم بالسلاح والأموال من أجل تحقيق مصالح أمريكية تتعلق بمشروع «الشرق الأوسط الكبير» أو «الشرق الأوسط الجديد» والفوضى الخلاقة المزعومة التي أعلنت عنها عام 2005م كوندليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك.