بعد استضافتها مركز التعريب والترجمة .. مسقط عاصمة للثقافية العربية والخليجية
تعتبر استضافة سلطنة عُمان للمقر الدائم لمركز الترجمة والتعريب والاهتمام باللغة العربية لدول مجلس التعاون، خطوة رائعة في إطار تعزيز دور مسقط كعاصمة للثقافة والمعرفة سواء على المستوى الخليجي والإقليمي أو العربي بشكل عام، مع الوضع في الاعتبار أن موضوعات الترجمة والتعريب واللغات عامة صارت من القضايا الحيوية في عالم اليوم، في إطار تجسير المسافات بين الشعوب والأمم والدول، وهي المهمة التي تضطلع بها عملية الثقافة عموما في العالم المعاصر وفي التاريخ على مدى الحقب المتعاقبة.
وقد أشار هيثم بن طارق آل سعيد وزير التراث والثقافة العُماني، خلال الاجتماع الثالث والعشرين الذي عُقد مؤخراً، إلى هذه النقاط في النظر إلى الثقافة الإنسانية الجديدة وأن مرتكزات الهوية لأي شعب أو أمة ترتبط إلى حد كبير بالموضوعات الثقافية.
فالثوابت والقيم والمفاهيم التي تتعلق بأي شعب أو أمة هي دليل على الهوية لهذه المجموعة المعينة، وبالنسبة لشعوب منطقة الخليج العربية، فثمة تشابه في كثير من القيم الثقافية المتوارثة عبر التاريخ منذ أقدم العصور، ما يشكل عنصرا من عناصر اللقاء والإخاء والألفة التي تعضد الوفاق المستقبلي وتعمل على تعزيز الاستقرار والأمن، باعتبار أن الثقافة هنا تشكل مدخلا من المداخل الحيوية للعناصر الأخرى من السياسة إلى الاقتصاد إلى السياحة وغيرها من قطاعات الحياة الراهنة.
من هنا فقد أدركت سلطنة عُمان مبكراً الدور الحيوي والجديد للثقافة والذي يتكامل مع المعطيات السياسية والاقتصادية والتجارب الإنسانية الحاضرة، في ظل اقتصاديات المعرفة والابتكار وغيرها من المعاني.
لقد أشار وزير التراث والثقافة بسلطنة عُمان إلى الحرص المطلوب والمثابرة “على تأصيل وترسيخ كل ما يشكل قيم الاعتزاز بأصالة هويتنا وخصائصها المميزة، لتصبح في صدارة ما نصونه دائما ونحافظ على تكامله وقيمته في مختلف المواقع”، وأكد في هذا الإطار على “مراجعة الذات باستمرار لتحديد نقاط الضعف ومعالجتها ومعرفة جوانب القدرات وتطويرها للوصول إلى الغاية المرجوة لإحداث النهضة الثقافية التي ننشدها جميعا”، حيث تظل هذه العناوين من المطلوبات في هذه المرحلة في ظل التغيرات المتسارعة في العالم الراهن.
يبقى القول أن الطريق إلى المستقبل وفقاً للاستراتيجية العُمانية، يقوم على لواء الثقافة المتجددة التي تعكس الهوية والأصالة وتجسير المسافة، الأمر الذي يتطلب تعزيز الانفتاح والحوار والتكامل من أجل صنع مستقبل أفضل لدول وشعوب المنطقة وبالتالي المساهمة الفاعلة في بناء الحضارة الإنسانية المعاصرة.