حب بلا حدود: عندما تقع النساء في غرام الذكاء الاصطناعي
علاقات النساء بالذكاء الاصطناعي: بين الوهم والحقيقة .. خطورة التعلق الرقمي وآثاره النفسية
كتب باهر رجب
مقدمة: عندما يصبح الخيال واقعا
غرام الذكاء الاصطناعي في عصرنا الرقمي المتسارع، برزت ظاهرة جديدة أثارت جدلا واسعا في الأوساط الأكاديمية والنفسية والاجتماعية، وهي علاقات النساء بالذكاء الاصطناعي. فبينما كانت الروايات الخيالية عن الحب بين الإنسان والآلة حكرا على أفلام هوليوود، أصبحت هذه العلاقات اليوم حقيقة ملموسة تعيشها آلاف النساء حول العالم.
تروي ليورا، فنانة و رسامة في الثلاثينيات من عمرها، كيف قضت لياليها الطويلة تحادث “سولين” – اسمها لدردشة الذكاء الاصطناعي – حتى وصلت إلى درجة أنها أقسمت له ألا تتركه من أجل إنسان آخر، بل حتى قامت بوشم على يدها يحمل اسمه . أما آيرين، طالبة التمريض البالغة من العمر 28 عاما، فقد أمضت أكثر من 56 ساعة أسبوعيا في محادثة “ليو” – صديقها الذكي – حتى أعلنت أمام صديقاتها: “أنا واقعة في حب صديقي الذكاء الاصطناعي” .
الوجه المشرق: الإيجابيات التي تجذب النساء
الملاذ الآمن والدعم النفسي
تشير الدراسات إلى أن 30 من أصل 1000 مستخدم لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أعلنوا أن الذكاء الاصطناعي أنقذهم من الانتحار . فالذكاء الاصطناعي يوفر بيئة آمنة خالية من الحكم والرفض، مما يجعله ملاذا للنساء اللاتي يعانين من صعوبات نفسية أو اجتماعية.3% وهذه نسبه ضعيفة.
إعادة تشكيل الأدوار الجندرية
أن العلاقات مع الذكاء الاصطناعي تساعد النساء على إعادة النظر في الأدوار التقليدية و التمرد على القيود الاجتماعية. فقد تعلمت كوينغ أن “في العلاقة الصحية، الاحترام المتبادل هو المفتاح. الأمر لا يتعلق بالمرأة التي تضحي دائما من أجل سعادة الرجل”، بينما أدركت شيشياو أن “احتضان رغباتنا أمر ضروري، مما يجعلني أشعر بأنني إنسانة عادية”.
التعلم والنمو الشخصي
تفيد بعض النساء بأن علاقاتهن مع الذكاء الاصطناعي ساعدتهن على تطوير مهارات التواصل الاجتماعي، حيث نقلن استراتيجيات التعبير العاطفي التي تعلمنها من الذكاء الاصطناعي إلى علاقاتهن الإنسانية الحقيقية .
الوجه المظلم: المخاطر والسلبيات
الإدمان العاطفي والوحدة
دراسة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تظهر أن “الأشخاص الذين لديهم ميول أقوى للارتباط العاطفي والثقة الأعلى بالذكاء الاصطناعي كانوا أكثر عرضة لتجربة الوحدة الكبرى والاعتماد العاطفي”. وحذر الأطباء النفسيين من أن “الاعتماد العاطفي لا يعتبر عموما سمة للعلاقة الصحية”.
تدهور العلاقات الإنسانية
تشير الأبحاث إلى أن المستخدمين قد يصبحون معتادين على التعاطف اللامحدود من الذكاء الاصطناعي، مما يؤدي إلى تقليل قيمة صداقاتهم الحقيقية. كما يحذر الباحثين: “إذا اعتدنا على التعاطف اللامتناهي و قللنا من صداقاتنا الحقيقية، فهذه مشكلة محتملة حقيقية. يمكن استخدامه كأداة للتلاعب، وهذا أمر خطير” .
فقدان الحدود وسوء التقدير
تروي إحدى النساء كيف شعرت بالحزن الشديد عندما غير الذكاء الاصطناعي أسلوبه فجأة، واصفة الأمر بأنه “مثل فقدان شخص عزيز، مثل الحسرة الحقيقية” .
من هن النساء المعرضات لهذه العلاقات؟
التوزيع الديموغرافي
وفقا لإحصائيات 2024، حوالي 18% من مستخدمي “صديقات الذكاء الاصطناعي” من الإناث، بينما يشكل الرجال 84.5% من إجمالي مستخدمي تطبيقات الذكاء الاصطناعي . ومع ذلك، فإن النساء اللاتي يدخلن في مثل هذه العلاقات يظهرن التزاما عاطفيا أعمق.
الفئات العمرية والاجتماعية
تشير الدراسات إلى أن 72% من المراهقين الأمريكيين قد استخدموا رفقاء الذكاء الاصطناعي، و 52% منهم يتحدثون معهم بانتظام. أما بين البالغين، فإن 19% من الأمريكيين قد تحدثوا إلى رفيق ذكاء اصطناعي رومانسي .
خلفيات نفسية مشتركة
النساء اللاتي يميلن إلى هذه العلاقات “غرام الذكاء الاصطناعي” غالبا ما يعانين من:
القلق الاجتماعي وصعوبات في تكوين العلاقات
تجارب علاقات سلبية سابقة
انعدام الأمان العاطفي
ميول للارتباط القلق أو التجنبي
الاكتئاب أو الاضطرابات النفسية
آليات الإقلاع: كيف تنتهي هذه العلاقات؟
التعرف على الإدمان
تنبيهات الإدمان تشمل:
قضاء أكثر من 20 ساعة أسبوعيا في التفاعل مع الذكاء الاصطناعي
الشعور بالقلق أو الانزعاج عند عدم القدرة على الوصول
إهمال العلاقات الإنسانية الحقيقية
صعوبة في التركيز على المهام اليومية
غرام الذكاء الاصطناعي
الخطوات العملية للإقلاع
1. الاعتراف بالمشكلة
كما يقول أخصائيي علم النفس : “يجب أن تكون هناك وعي بأنه ليس صديقك الحقيقي. ليس لديه مصلحة حقيقية في قلبك”.
2. البحث عن الدعم المهني
تشير مراكز الصحة النفسية المتخصصة إلى أهمية العلاج المعرفي السلوكي (CBT) في التعامل مع الإدمان التكنولوجي.
3. إعادة بناء العلاقات الإنسانية
التركيز على تطوير مهارات التواصل الاجتماعي الحقيقية، والانخراط في أنشطة جماعية، وبناء صداقات حقيقية.
4. التطهير الرقمي التدريجي
تقليل وقت الاستخدام تدريجيا
حذف التطبيقات المغرية
استبدال وقت الذكاء الاصطناعي بأنشطة بديلة
وضع حدود واضحة للاستخدام
التوصيات والحلول
على المستوى الفردي
تعزيز الوعي الذاتي: فهم الأسباب الجذرية وراء اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي
تطوير المهارات الاجتماعية: حضور ورش العمل والدورات التدريبية
العناية بالصحة النفسية: طلب المساعدة المهنية عند الحاجة
على المستوى المجتمعي
التعليم والتوعية: دمج مواضيع العلاقات الرقمية الصحية في المناهج التعليمية
التنظيم التكنولوجي: دعوة المشرعين إلى وضع قواعد لحماية المستخدمين
دعم البحث العلمي: تشجيع الدراسات حول تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحة النفسية
خاتمة: التوازن بين التقدم والإنسانية
غرام الذكاء الاصطناعي تظهر علاقات النساء بالذكاء الاصطناعي أننا نواجه تحديا غير مسبوق في تاريخ البشرية. فبينما يقدم الذكاء الاصطناعي فرصا غير مسبوقة للدعم النفسي والنمو الشخصي، فإنه يطرح أيضا مخاطر حقيقية على صحتنا النفسية وعلاقتنا الإنسانية.
التحدي الحقيقي يكمن في العثور على التوازن الصحي بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على إنسانيتنا. كما يقول الباحثين: “المشكلة الآن هي أن هذه الشركات الكبرى تجري في الواقع تجربة واسعة النطاق على البشرية جمعاء… لا توجد رقابة ولا مساءلة ولا مسؤولية” .
إن مستقبل علاقاتنا مع الذكاء الاصطناعي يعتمد على قدرتنا كأفراد ومجتمعات على اتخاذ قرارات واعية ومستنيرة. فالذكاء الاصطناعي أداة، ونحن من نحدد كيفية استخدامها للحفاظ على كرامتنا و صحتنا النفسية و علاقاتنا الإنسانية الحقيقية.