ديسكورد: المنصة الرقمية التي أحدثت ثورة في التواصل عبر الإنترنت

كتب باهر رجب

في عالم اليوم الرقمي السريع التطور، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي أداة أساسية لربط الأفراد حول العالم، خاصة في مجال الألعاب والمجتمعات الافتراضية. من بين هذه المنصات، يبرز “ديسكورد” كواحد من أبرز اللاعبين، حيث تحول من أداة بسيطة للدردشة أثناء اللعب إلى منصة شاملة تخدم ملايين المستخدمين يوميا. مع أكثر من 231 مليون مستخدم نشط شهريا في بداية عام 2025، يستمر ديسكورد في النمو والتوسع، مدعوما بميزات مبتكرة وتركيز قوي على تجربة المستخدم.

تاريخ التأسيس والتطور

بدأت قصة ديسكورد في أبريل 2012، عندما أسس جيسون سيترون استوديو “فينيكس غيلد” بهدف جمع الناس حول الألعاب. انضم إليه ستانيسلاف فيشنيفسكي في أبريل 2013، و معا طورا لعبة “فيتس فوريفر”، وهي لعبة موبايل متعددة اللاعبين على الهواتف المحمولة. خلال تطوير هذه اللعبة، اكتشفا حاجة ماسة لأداة تواصل موثوقة أثناء اللعب عبر الإنترنت، مما دفع إلى إعادة تسمية الاستوديو إلى “هامر أند تشيزل” في صيف 2014.

في مايو 2015، أطلق سيترون وفيشنيفسكي النسخة الأولى من ديسكورد كتطبيق دردشة مخصص للألعاب على الحواسيب والأجهزة المحمولة. كان الهدف الرئيسي حل مشكلة التواصل غير الموثوق أثناء الألعاب الجماعية عبر الإنترنت. سرعان ما شهدت المنصة تطورات سريعة: في ربيع 2016، أضيفت خاصية التراكب داخل اللعبة للحواسيب، وقائمة الأصدقاء، والواجهة البرمجية الرسمية (API) التي سمحت بتطوير تطبيقات خارجية. في صيف 2016، تم إضافة مكالمات الصوت في الرسائل المباشرة والمجموعات، بالإضافة إلى رفع الإيموجي المخصص.

مع مرور السنوات، تطورت ديسكورد لتشمل ميزات متقدمة مثل “ديسكورد نايترو” في بداية 2017، وهي خدمة اشتراك مدفوعة توفر مزايا مثل استخدام الإيموجي المخصص في أي مكان والصور الرمزية المتحركة. في خريف 2017، أضيفت دردشة الفيديو ومشاركة الشاشة في الرسائل المباشرة. وفي صيف 2019، جاءت خاصية “غو لايف” للبث المباشر للألعاب داخل السيرفرات، و”سيرفر بوستينغ” لتحسين السيرفرات من خلال دعم المجتمع.

خلال جائحة كوفيد-19، شهد ديسكورد نموا هائلا حيث تحول إلى أداة للتعليم عن بعد والعمل الجماعي، مما زاد من قاعدة مستخدميه إلى أكثر من 200 مليون مستخدم نشط شهريا.

الميزات الرئيسية التي تميز ديسكورد

يتميز ديسكورد بمجموعة واسعة من الميزات التي تجعله مثاليا للتواصل الجماعي. يعتمد النظام على “السيرفرات”، وهي مساحات افتراضية يمكن إنشاؤها مجانا لتجميع الأصدقاء أو المجتمعات حول اهتمامات مشتركة. داخل كل سيرفر، توجد “القنوات” للدردشة النصية أو الصوتية، مما يسمح بتنظيم المحادثات بشكل فعال.

 

من أبرز الميزات:

– الدردشة الصوتية والفيديو عالية الجودة، مع دعم لمشاركة الشاشة أثناء المكالمات.

– الإيموجي المخصص والصور الرمزية المتحركة عبر خدمة نايترو.

– البوتات الآلية التي يمكن برمجتها لإدارة السيرفرات، مثل تشغيل الموسيقى أو إدارة الأحداث.

– دعم للأنشطة داخل التطبيق، مثل لعب الألعاب مباشرة داخل ديسكورد.

– تكامل مع منصات أخرى مثل بلاي ستيشن، حيث يمكن ربط الحسابات لعرض نشاط اللعب على PS5.

في عام 2025، أضيفت ميزات جديدة مثل “شانلز بلاس” لتنظيم المحتوى بشكل أفضل مشابها لمنصات مثل سلاك أو تيمز، ودعم للخيوط التي تصل إلى 10,000 رسالة.

كما يدعم ديسكورد الآن الدردشة الصوتية داخل الألعاب لعناوين مثل “باكس دي” و”أوميغا سترايكرز”.

النمو والاستخدامات الواسعة

شهد ديسكورد نموا مذهلا، حيث بلغ عدد السيرفرات أكثر من 30 مليونا، مع إرسال أكثر من 1.1 مليار رسالة يوميا.

بدأ كمنصة للاعبين، حيث يلعب أكثر من 90% من مستخدميه الألعاب، مسجلين 1.9 مليار ساعة لعب جماعية.

ومع ذلك، توسع استخدامه إلى مجالات أخرى مثل التعليم، حيث يستخدمه الطلاب للدراسة الجماعية، والعمل المهني للاجتماعات الافتراضية، والمجتمعات الثقافية والفنية.

في عام 2023، بلغ عدد المستخدمين النشطين شهريا 200 مليون، مع زيادة بنسبة 14.2% عن العام السابق، ومن المتوقع نمو بنسبة 18.86% في المستخدمين حتى 2025.

أما الإيرادات، فقد بلغت إيرادات التطبيق المحمول حوالي 31 مليون دولار أمريكي في فترة معينة، مع زيادة بنسبة 6%.

التحديات والتركيز على الأمان

رغم نجاحه، واجه ديسكورد تحديات مثل انتشار التحرش. والمحتوى غير المناسب، خاصة في المجتمعات الكبيرة. لمواجهة ذلك، عزز المنصة أدوات الإشراف، مثل تقارير المستخدمين والذكاء الاصطناعي لكشف المخالفات. كما يؤكد ديسكورد على الخصوصية، مع تشفير الرسائل وخيارات التحكم في الخصوصية.

التطورات الأخيرة والاتجاهات المستقبلية

في ربيع 2025، شهد ديسكورد تغييرا كبيرا في القيادة. حيث تنحى جيسون سيترون عن منصب الرئيس التنفيذي ليصبح عضوا في مجلس الإدارة و مستشارا. وتم تعيين هيومام ساخنيني كرئيس تنفيذي جديد. مستفيدا من خبرته في شركات مثل أكتيفيجن بليزارد وكينغ.

يركز ديسكورد الآن على تحسين الموثوقية عبر الأجهزة المختلفة. بما في ذلك الحواسيب، الهواتف، و الكونسولز، مع خطط لتوسيع الميزات إلى مستويات جديدة. ربما تشمل ميزات بين الكواكب في المستقبل!

في الختام، يمثل ديسكورد نموذجا ناجحا لكيفية تحول فكرة بسيطة إلى إمبراطورية رقمية. مع تركيزه على التواصل السلس والمجتمعات النشطة. يبدو أن مستقبله مشرق، خاصة في عصر يعتمد على الاتصال الافتراضي أكثر من أي وقت مضى. سواء كنت لاعبا أو محترفا أو مجرد شخص يبحث عن مكان للدردشة. فإن ديسكورد يقدم تجربة فريدة تجمع بين المتعة والكفاءة.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.