هل ذات الشاعر متعددة ام ذاتا جمعية
هل ذات الشاعر متعددة ام ذاتا جمعية
الخرطوم.. رانيا بخاري
يقال أن الشعر شكل من أشكال الإسقاط النفسي ويقول بيكاسو أن الفن وسيله لغسل الروح من تراب الحياة اليومية
وعندما يغسل الشاعر روحه أو ذاته الشاعرة فهل تتشظى ذاته لعدة ذوات مخاطبة الذات الجمعية أم تبقى ذاته فردية تعبر عن ما يمور بداخل الشاعر بمنأى عن الجماعة
ذاتي عشرة عملي
الشاعر المصري طارق سعيد احمد طرحنا عليه سؤال مفاده
هل ذات الشاعر متعددة أم ذاتا جمعية؟
أجابنا بقوله هذا هو السؤال، كثيرا ما طفى من حيث يسكن في هدوء إلى ماكينة الذهن، ولم أصل إلى إجابة شافية أرتكز فيها على منطق ما يتسع بدلالاته حين نلقي به في سياق، وذلك يحدث حينما نقف في الأماكن الحدودية بين العلوم، وهذا السؤال تحديدا يقع على المناطق الحدودية بين أكثر من علم، هنا تكمن صعوبة الرد عليه بجزم أو بحزم.
وأوضح قائلاً
وأردف أكتب الشعر وأنا شبه منفصل عن الواقع بينما ذاتي متصلة بجسد سحابة عابرة من فوق النص أو متماهية مع جذر شجرة أو مراقبة لسلوك عين تراقب المطر من خلف زجاج خربشه الزمن هكذا تتشابك ذاتي مع الأشياء بوشائج صلبة وأخرى مرنة وتتنافر مع أشياء أخري في احايين كثيرة، أرصد هنا تعددها
لكن بمجرد الانتهاء من كتابة نص والبدء في التعلم منه بصفتي المستخدم الأول للمادة الإبداعية، أجد أنه موجة في بحر الشعر سبقها ولحقها أمواج أخري هكذا خلق البحر أمواج تلاحق أمواج، أشعر من هذا الشهد المتكرر أن ذاتي عشرة عمري لم تغادر هذا البحر وهي مقيم دائم مثلها مثل ذوات أخري تكتشف وتصنع مملكة الشعر الكبرى، أتأكد أنها ذات جمعية أصيلة.
ميوعة المعنى
تلك الميوعة في فهم هذه المنطقة تزعجني وتستميل بي إلى ناحية المتفرج على حيل الذات في التقاط الشعر من الشارع العالم وأقول لنفسي: أأمن لك أن لا تجيب على هذا السؤال
هل مازال الشاعر لسان قومه ام انه بات يحاكى ذاته الفردية بعيدا عن قضايا مجتمعه.
ذات بحجم الوطن
الشاعر والقاص أحمد فضل شبلول قال لنا حول الموضوع مثار نقاشنا :
الشاعر هو ضمير مجتمعه وأمته، ولسان حالها، والمعبر عن أفراحها وأتراحها، وهو حينما يتحدث عن نفسه فإنما يتحدث عن الوطن وقضاياه، وليس شرطا أن تكون قضايا سياسية،
وعليه فإن ذات الشاعر تصبح ذواتا بحجم الوطن وحجم المجتمع.
ويؤكد شبلول أن تتعدد الذات الشاعرة تبعا لما يحيط به من مستجدات واحداث تلعب دورا في توحد تلكم الذات فتغدو ذاتا جمعية لان الشاعر لا يستطيع الانفصال عن مجتمعه معبرا عن الامهم ومورخا لأحداث أمته
باتجاه الآخر .
الشاعر السعودي عباس عملي عسكر
متحدثا عن الموضوع من وجهه نظره الابداعية فقال : الذات الشاعرة الابداعية اعتقد انها يجب ان تكون منفتحة على الجهات الاربع تستقي تجاربها ومنها تحيك ابداعها وتصوغ فنها، ومن ثمة تنطلق بحكاية الشعر سواء عن الانا او باتجاه الاخر والذي قد يكون فردا او جماعة، وخلاصة الحديث فان التقوقع او الانحسار ضمن لون او طيف واحد يحرم الذات الشاعرة الانطلاق في افق الابداع والجمال ومن ثم حرمان المجتمع من ابداعها المتنوع
نحتاج إلى دراسة سيكولوجية لسبر غور الذات الشاعرة لمعرفة متى تتشظى ومتى تتوحد ذاتا جمعية تعبر عن الجماعة
الشاعر العراقي كاظم الوحيد قال
اي ممكن نقول ذات الشاعر
ذات الفنان
ذات الانسان
…
تعدد الذات
الشاعرة السورية نبوغ اسعد ارجعت الموضوع الي تعدد الذات إلى تربية الشاعر وحاضانتة الاجتماعية أي
إن ذات الشاعر تعتمد على الانفعال الوجداني الذي يمر بإحساسه وهذا الانفعال تلعب التربية البيتية والثقافية والاجتماعية دورا كبيرا في صياغته فان كانت التربية صحيحة كما هو عند أمل دنقل ونزار قباني وكمال ناصر فتكون قد وصلت إلى الجمعية وإن كانت التربية مغلوطة فيصاب هذا الانفعال بالقلق وتتشتت الذهنية الشعرية فيتبع الشاعر مصلحته وبالتالي يقف امام مسؤولية التاريخ والنقد والإنسان
الحالة الالهامية
الشاعرة نرجس عمران
تعتقد أن الموضوع مختلف من حالة شاعرية إلى حالة أخرى ومن موهبة إل موهبة أخرى ومن شاعر إلى شاعر أخر تبعا لاختلاف درجة الإحساس وعمق الشعور والحالة الإلهامية لديه وأيضا هناك عاملا مهما وهو مقدار ارتباطه بالمحيط حوله من أشخاص ومن أشياء لأن لهذا الارتباط دورا مهما في تماهي الذات الشاعرية مع ذوات الأخرين في تعددها سواء التلاقي الطبيعي العفوي الرباني أم تجسيدا لذوات جمعية .
ذات قابلة للإنصهار
فالشاعر في حالات كثيرة وأغلب المواقع الحياتية الشعورية تجد لديه ذاتا قابلة للانصهار بذوات الأخرين على اختلافها وتباينها وتعدد سماتها والوصول إلى عمقها ومحاكتها وهذه سمة تخص ذات الشاعر الحقيقي المبدع فنرى لديه المقدرة على الاندماج والتعاطي والاحساس والتعبير عن ذوات الأخرين بكل سماتها معقدة مركبة حزينة سعيدة .
في حين نرى لدى البعض الأخر من الشعراء ذاتا مستقلة خاصة به لكنه قادر على تطويعها بحسب ذوات الأخرين كي يلبي الغرض الشعري المطلوب والغاية الادبية الخاصة به المرافقة له.
الموضوع نسبي
وتضيف نرجس لذلك أنا أرى أن الموضوع نسبي مختلف باختلاف الشعراء فبعضهم خلق وهو على درج عال من مواكبة ذوات الأخرين دون تكلف والبعض يعمل على تطويع ذاته بمواكبة ذوات الاخرين وتقمص حالاتهم الشعورية فكما أن البعض قادرا على الاحساس ببرد طفل في ملجأ فيكتب من وحي احساسه ما قادته إليه ذاته الشعرية والشعورية فإننا نجد أن البعض الأخر يحتاج إلى الذهاب إلى ملجأ لاقتباس الاحساس وبالتالي محاكاته شعريا … وأيضا نجد أن البعض قد يسطره شعريا بما تملي عليه ذاته دون الرجوع إلى إحساس وشعور حقيقي متأصل أو دون محاولة جلبه حتى …