زواج القاصرات عبث بمستقبل الأطفال بقلم زينب النجار

كتبت / زينب النجار

لم يكن ذلك اليوم كالأيام العادية على أحدى قرى أرياف مصر ، أنتشروا الأطفال بين الحقول القاحلة للعب واللهو، وفي ذلك الوقت كانت أغاني الفرح والزغاريد ونساء القرية يرددن التهانى للأهل الدار، وأمام الدار طفلات صغيرات يلعبن. فسألت إحداهن الأخريات زفاف من يابنات؟
فقالت أحدهن الفرح في دار الخال جابر أبو جميلة.

جميلة طفلة بريئة تجلس وتلعب معهن، ولا تعلم شيئاَ عن الزفاف الذي في بيت أبيها، ولا حتى تعرف لماذا نساء القرية يرددن الأغاني والزغاريد في دارهم.

وفي منزل جابر أبو جميلة إستكمال استعداداته لليلة الزفاف
النساء داخل الدار لم ينشغلن بتحضيرات الزفاف، بل كانوا يتساءلن عن حجم الأموال التي ستحصل عليها الأسرة من العريس الثرى، والمستوى المعيشي الذي ستعيشه جميلة، فكل واحدة من النساء تتمنى زواج مثل زوج جميلة.

فقالت أحداهن العريس كبير يقارب الخمسين سنة حرام، لكن يمتلك الكثير من المال وهو مغترب بقاله سنين.

وأخري قالت إزاي يتجوز جميلة دي عمرها ١٢ سنة ولسه بتدرس
وهو في عمر أبوها.

فضحكت أخرى وقالت التعليم مابيفتحش بيت سيبي البنت تشوف عزها وسعدها وإلا أنتي زعلانة أن العريس مش لمنال بنتك.

وتحدثت أخرى وقالت سمعت العريس جالس مع الخال جابر أبو العروسة ويتحدث معه عنه أمواله وهيدفع كام مهراَ، وشقة في القاهرة وشقه في القرية ورصيد في البنك، طبعا ده عريس لقطه أنا لو جه لبنتي هوافق من غير تردد بلا صغيرة بلا كبيرة خلونا نعيش بقا .

وقالت أخرى أيه رأيك يا أم جميلة انتي موافقة على جواز جميلة من الراجل الكبير ده

قالت هعمل أيه أنا ماليش كلمة وجابر هددني بالطلاق وطردي من الدار، لو رفضت زواجها وزي ما أنتوا عارفين أنا معايا خمس بنات أكبرهم جميلة وأمي ميتة وأبويا كمان، وأخواني كل واحد عنده ولاده وداره مين هيشليني، ولما قولتله البنت صغيرة جاب أخواتي وشهدهم عليا، وكلهم قالولي أسمعي كلام جابر ده أبوها وعارف مصلحتها فين.

جميلة بكره تعيش في عز وتهنيكي.

جميلة طفلة بريئة كغيرها من بنات قرى مصر، لم يعرفن معنى اللعب والترفيه ولم يعشن طفولتهن ، إلا أنها كانت محظوظة لألتحاقها بمدرسة القرية.

والغريب أنها لم تدرك ماذا يحدث في دارها ولا تدرك إلى أين ستذهب، ولم تكن تعلم ماهو جواز القاصرات، ولم تكن تعلم بخبر وفاة طفلة تكبرها بعام في محافظة مجاورة لها، نتيجة تهتك رحمها، ولم تكن تعلم بزواج أخرى في نفس المحافظة وحملها بطفل صغير وتحملها المسئولية وحرمانها من طفولتها وكثيرات غيرها في الأرياف والمناطق النائية لا يحصلن على إنقاذهم أو مساعدتهم على أنهاء أو إبطال مراسم زواجهن والعبث بطفولتهن حتى يعدن إلى مدارسهن يستكملوا مشوار طفولتهن .

فزواج القاصرات جريمة في حق الطفولة، فالطفلة التي مازالت بحاجة إلى الإهتمام والتعليم والرعاية، فجاءة تتحمل مسئولية زوج وأسرة كاملة لأن الأهل قرروا زوجها لمرجعيات ثقافية تمثلت في العادات والتقاليد وللأسباب إقتصادية للأسرة فهذه أطماعاَ فردية للآباء قرروا زوج أطفالهم لمجرد الحصول على بعض المال.
فهذه الأسباب عنف موجه ضد الطفولة وأنتهاك لحرية الأطفال

أن المسئولية كاملة تقع علي الأهل بالدرجة الأولى، فيجب

وعي الأسرة بالمخاطر الصحية علي فتياتهم، فإن الأمر هنا يتطلب دور مؤسسات الدولة المختلفة في التوعية والإرشاد

فالأعلام له دور بأنتاج أفلام تسجيلية وأعمال درامية وأفلام كرتونية أو فيديوهات على منصات التواصل الإجتماعي يتم توجيهها إلى جميع شرائح المجتمع حتى تصل إلى الفقراء والأغنياء في الريف وإلى كل محافظات مصر، وذلك بالتوعية بالآثار الجسدية والنفسية والسلبية للطفل دون سن ١٨ سنة.

ويوجد أماكن كثيرة لا تصل إليها جهود أجهزة الإعلام والصحافة ولا منصات التواصل الأجتماعي في التوعية بمخاطر زواج القاصرات، نظراَ لأنها مناطق نائية، كما أن أغلب المواطنين يعانون من الأمية، فيجب تضافر الجهود من حملات قومية من قبل وزارة الصحة والمؤسسات الدينية والإعلام والتعليم والثقافة، وكافة أجهزة الدولة. لتحقيق الأهداف الاستراتيجية علي مستوى أرجاء الوطن.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.