سلطنة عُمان: ذكرى المولد النبوي الشريف.. مـيلاد العدل الذي أوصـد الظـلم بقيوده
أكد سلطان بن سعيد الهنائي المدير العام للوعظ والإرشاد بسلطنة عُمان، أن الاحتفاء بذكرى المولد النبوي الشريف ليس على سبيل التسلية والترفيه، ولا على صورة المفاخرة والمباهاة بشخصيةٍ كبرى من عظماء هذه الأمة، ولكنه احتفالٌ؛ يهدف إلى تحقيق الذكرى التي أمر الله تعالى بها (وذكّر فإن الذكرى تنفع المؤمنين)، فهي تذكيرٌ، بأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو القوة الفاعلة في حياة المسلمين، وهو مصدر الهداية للناس إلى يوم الدين، وهو القطب الذي تلوذُ به الأمة لتدور في فلك مرضاة الله تعالى، وهو الضياء الذي تتبصرُ به مجتمعاتُنا الإسلامية شؤون حياتها، وهو الشخصية الكاملة التي يستأنف بها المسلمُ حياتَه بعد الإفراط أو التفريط، وهو مصدر الرحمة الكبرى التي توحد صفوفنا وتؤلف قلوبنا وتحمي أُخوَّتَنا، وهو داعي الإيمان والحق والعدل والعلم والأخلاق، التي تستقيم بها أمتُنا إلى يوم الدين.
ودعا الهنائي إلى تعظيم هذه المناسبة لأن ميلاده صلى الله عليه وسلم ليس ولادة فرد من أفراد الآدميين فحسب، وإنما هو مولد للإنسانية مجددا بعدما فقدت معاني الإنسانية، وهو ميلاد للبشرية جميعا حينما وئدت سمات البشرية من البشر، وهو ميلاد للضمير الحي بعدما حكم على الضمير النابض بالرحمة بالإعدام، وهو ميلاد للحق الذي قض مضاجعَ الباطل الذي تمادى مستعليا في شتى صور الحياة، وهو ميلاد للعلم الذي بدد ظلماتِ الجهلِ المتراكمة في العقول، وهو ميلاد للإيمان الذي أزاح مظاهرَ الكفر والشرك المسيطرة على القلوب، هو ميلاد للتوحيد الذي هيمن على العبودية المنحرفة، وهو ميلاد للرحمة والألفة والوِحدة التي شتت صورَ القسوةِ والبغضاء والفُرْقة، وهو ميلاد للعدل الذي أوصد الظلمَ بقيود العدالة وموازينِ الإنصاف، وهو ميلاد للأخلاق التي سادت بمعانيها وذوقها ورُقِيها على ألوان الانحراف والفساد، ميلاد يجدد في أجيال هذه الأمة شيبِها وشبابِها رجالِها ونسائها صغارِها وكبارِها ليشهدوا بالحق والصدق أن محمدا رسول الله.
جاء ذلك خلال احتفال وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام، وذلك بقاعة المحاضرات بجامع السلطان قابوس الأكبر بولاية بوشر تحت رعاية علي بن خلفان الجابري وكيل وزارة الإعلام. واشتمل الحفل على مجموعة من الفقرات الدينية والأناشيد والقصائد التي تمجـّد هذه المناسبة الغالية، وعلى فقرات معبرة عن عظم هذه المناسبة في قلوب المسلمين.
يأتي هذا الحفل ضمن الفعاليات التي تشارك بها السلطنة العالم الإسلامي وذلك من أجل ترسيخ سيرة المصطفى الكريم في نفوس المسلمين ولأجل استيعاب الدروس والعظات التي تستدعي الوقوف والتأمل والاعتبار.