كريم الخطيري يكتب: المِهَنية “دعاء صلاح” التي أصبحت ضحية لـ”صحافة الفضائح” وفبركة العناوين

اذا لم تكن حذراً؛ “الصحف”، ستجعلك تكره الناس المضطهدين، وتحب الناس الذين يمارسون الإضطهاد .. مالكوم إكس

أصبح مفهوم الصحافة لدينا كمصريين خاطيء تماماً، فالصحافة تحولت من المادة الحقيقية التي من خلالها تحمي الفضيلة والإحترام وتُبين الحقيقة للشارع والمسؤولين، وتبني المجتمعات وتنشر كل ماهو عظيم لرفعة وشأن البلاد، إلي أداة مسخ فاضحة، سهمُ قاتلٌ يصيبُ كل مختلفٍ عنا، ويُهينُ كل مانريده أن يُهان، فبعدنا تماما عن مصداقيتنا وأصبحنا أشبه برعاة البقر، لانحترم مهنيتنا، ولا نحترم قسم قلمنا الذي تعاهدنا من خلاله ان ننشر كل ماهو صالح وحقيقي، لا كل ماهو كاذب وفاضح والتعدي علي خصوصيات الناس.

لا يوجد مايسمي بـ”الإعلامي”، في أي مكان في العالم، هناك شيئ واحدا فقط وهو لقب “صحفي”، وتعددت مفاهيمه، فهناك صحفي”تليفزيوني ويُطلق علي مقدم البرامج التليفزيونيه، وصحفي راديو وهو مقدم البرامج الإذاعية، وصحفي الجرائد والمجلات، والصحفي دائما وأبدا ليس له اي رأي شخصي، فرأيه ممنوع تماماً وهدفه من عرض مادته سواء كانت تليفزيونية او كتابية، هو فهم الناس وتوصيل لهم معلومة حقيقه تفيدهم في حياتهم، والصحفي الشاطر هو من يتحدث عن المواضيع الشائكة الي اختلفت مفاهيمها وهناك فئات كثيرة لا يعلمونها ولا يعرفون عنها اي شيء، ولكن يعرضها في ثياق المهنية وبإسلوب مبسط يصل للجميع، وفي اعتقادي الشخصي هذا مافعلته الزميلة”دعاء صلاح”، فقد تحدثت عن موضوع شائك جدا ولكنه حقيقي ويحدث في كل العالم وتكلمت عنه بطريقه مهنية واستطاعت ان تجذب عددا كبيرا من المشاهدين، واستخدمت في حلقتها رونق التحقيق شكلاً وموضوعاً، فأطلت علي المشاهدين بإطلالة ذكيه ارتدت من خلالها زي فتاة حامل، قد اعترض معها في هذه النقطه ولكنها أرادت ان تكون مختلفه، وهذا ليس جديد عليها، فهي دائما ماترتدي شكل ماتريد ان تتحدث عنه في حلقتها، فارتدت زي المحجبات في حلقة الحجاب وهكذا.

قد تكون مختلفة عندما تري أول 4 دقائق من حلقتها لانك تستعجب شكلها ولبسها الذي قد يفاجئك ويجعلك تبني عليها أفكاراً وأراءاً ظالمة، ولكنني أعدك إن أكملت الحلقة للنهايه فانك ستُعجب بمهنيتها ومدي مصدقيتها في عملها.

بغد ثورة بركان لم يخمد بعد؛ انتشرت علي كل وسائط السوشيال ميديا ومواقعها بعد حلقة السينجل مازر.. “شوف فضيحة دعاء وعدم اعترافها بزوجها، اعلاميه مشهوره تريد ان تكون سينجل مازر ولا تريد الزواج، شاهد صحفيه تريد ان تنشر الفاحشة بين المجتمع” وهكذا من العناوين التي تعمل علي اجتذاب القطيع، فنحن لا تحركنا إلي المفرقعات الصحفية والفضائح والجنس والعري،كيف لا وهذه الأخبار والعناوين تبيع اكثر واكثر وتعمل مشاهدات عالية وتصبح تريند عالمي، وطاقة نور ورزق لكثير من الصحفيين الذين يبنوا كل كتاباتهم علي الكذب والفضيحة وتغيير العناوين الواهية التي تجذب كل التافهيين، فـ”السوشيال ميديا”، مجتمع عريض أصبح الاعجاب والتعليق والمشاركة اذرار ذهبيه ترفع كل متدني وهائم لا قيمة له، وقد لاحظتم مؤخرا كيف بفيديو كليب لا يتعدي 4 دقائق من مغنيه مغموره وكلام غير لائق يراه الملايين ويحصد أعلي المشاهدات.

مثلي كمثل اي شخص أردتُ ان أري ما الذي فعلته”دعاء صلاح”، حتي تكون حديث الساعة، دخلت مُسرعاً علي موقع الفيديوهات “يوتيوب”، لأري ماقالته هذه الزميله، وجدتُ فيديوهات لا تتعدي ال4 دقائق وعنوانها اول فضيحة للمذيعة المشهوره، لما تستطيع هذه العنواين المفبركه ان تجتذبني فتعودتُ ان أري المضمون كاملا حتي استطيع أن ابني رأيي، تمكنت من ان اري الحلقه كامله وتفاجئت بما قدمته الصحفية المشهوره واستعجبت أكثر مما قيل عنها، فوجدتها تتحدث عن موضوع هام جدا ذُكر من حوالي سنتين وحدث فعليا مع فتاة مصريه وانتشرت علي السوشيال ميديا، وبعدها بأعوام، جسدته الفنانه نيلي كريم في فيلم”بشتري راجل”، وجدت الزميلة المهنيه، تتحدث عن الموضوع بكل أخلاقية، فقدمت رأي الشارع” وقدمت تقريرا لتري أراء الناس، وايضاً قدمت رأي الدين فأحضرت الداعية المشهور”شريف شحاته”، والتي تحدث عن الموضوع من الناحية “الشرعيه والدينيه” ومدي قذارة هذا الفعل وانه لا يمثل الإسلام ولا الإنسانية لانه ظالماُ جدا للأبناء، حيث تعجب وقال” كيف بمثل انثي ان تحمل عن طريق رجل لا تعرفه، وهذا ماهو الا زنا ونحن نريد ان نغير اسمه حتي نبعد عنا قلق الضمير المُتعب بحجة أخر صيحات الموضه والأوبين ماينديد”، وبعده قدمت “دعاء” رأي الطب النفسي أيضاً، وأحضرت طبيب وطبيبه ليتحدثوا عن ملابسات هذه القضيه، وانا شخصيا كمتفرج استفدت كثيراً، حالي مثل حال الكثيريين، الذين اهتموا بمتن ومحتوي التحقيق وليس فقط بالعناوين الكاذبة والمفقرعات

ليتنا نعلم ونعي جيداً ان الصحافة هي مهنة الشرف والأخلاق قبل كل شيء، فلا يجوز لنا فضح اي احد بدون وجه حق، وليتنا نتعلم جيدا ونفهم ان كل كتاباتنا معروضة لأمد الدهر كله

“فلا كاتب إلا سيفني ويبقي الدهر ماكتبت يداه، فلا تكتب بيدك غير شيء تود يوم القيامة أن تراه”  .. الإمام الشافعي رحمه الله

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.