كسر الثوابت في رواية خراف تأكل الذئاب … بقلم: عبده حسين إمام

كسر الثوابت في رواية خراف تأكل الذئاب

للكاتب محمود زيدان حافظ           
قراءة نقدية بقلم: عبده حسين إمام  

استطاع الكاتب في روايته ابتكار منطقا داخليا للرواية من خلاله تم كسر الكثير من الثوابت وفق ما يتفق مع الخلفية المعرفية للقارئ.
وما الكسر إلا تجليا للبناء وإبداع النص من خلال آليات اسلوبية تحمل رؤى جديدة وتصورات مغايرة للمألوف.
وتجاوز كسر الثوابت فكرة الرواية والحبكة التقدمية بها إلى تشكيل جديد للنص الأدبي حيث امتزج النص ما بين الفقرة السردية في الرواية وصوت الضمير والمعادل الموضوعي في الرواية الموازية داخل الرواية الأصلية والمزج مع المشهد المسرحي في المسرح سواء أدبا مكتوبا أو فنا مشخصا.
مع التناص مع التراث وإحيائه متجددا من خلف أستار ألف ليلة وليلة والحكم من حكايا كليلة ودمنة والمأثور في التراث العربي في شخصية عنترة.
فنرى التقمص واضحا بحيث يتلبس الإنسان قناعا حيوانيا وتنطق الحيوانات بمنطق الإنسان في انعكاس للأحداث الدولية والعلاقات المعقدة بين قضايا سياسية كبرى ودور الإعلام الساقط في تزييف الوعي والتواطؤ المخل من القوى الكبرى من خلال قدرة الكاتب على صناعة مشهد مسرحي عمَّق الحوار الفكري والرمزي بناء هذا المشهد مما سنراه ونقراه لاحقا في درستنا.
تداخلت الأزمنة تحمل على أجنحتها أصداء الفكرة التي تلح على مسلمات الكاتب الفكرية والإنسانية وتصوراته من أجل الحرية وإعلاء قيمة الإنسان وترسيخ مفهوم العدالة فتارة يحملنا السرد إلى رؤى مستقبلية تستشرف المؤامرات الكونية والهيمنة المؤدلجة على أقاليم العالم وتارة ينطلق السرد في إطار زمني نستشعر فيه أصالة الفكرة وقيمية التوجيه.
برغم الظهور الخافت والسريع لحدث تاريخي معلوم ومحدد يلوح من حين لآخر إبان فترة الاستعداد لطرد الاحتلال ودحره ومن بعده العبور ثم الانفتاح وآثاره الاقتصادية والاجتماعية فكانت جل الأحداث في فترة زمنية حرجة من عمر الوطن والإنسان وما يعتريها من مشاعر يأس وانهزامية وأيضا بصيص من طموح. وبالطبع بدون التصريح بأسماء قيادات ورؤساء بالرغم من تأثيرهم القوي في الأحداث مثل الإفراج على جميع مسجوني الرأي بعد وفاة السيد الرئيس وكان من المفرج عنهم شخصية زكريا المحورية في الرواية.
كسر ثابت المرجعية الفكرية لدلالة الأسماء وتفاصيل الشخصيات
* شخصية عنتر (أبو الفوارس عنترة) في تشخيص مفاجئ في سياق زمن الرواية ومعطياته من نكسة عسكرية وقمع لأصحاب الرأي وتكميم للأفواه ومحاصرة الكلمة بالتوازي مع فكرة الكاتب وتلويحه الدائم بقيمة العدالة والكرامة الإنسانية تطل علينا شخصية عنتر في هيئة الشاب المنبطح المهزوم أمام آلة الظلم والفساد الإداري الذي أحال طالب علم حاصل على رسائل دكتوراه وماجستير إلى عاطل؛ قبل أن يبحث عن عمل بكل مرارة وخزي يبحث أيضا عن اللقمة التي تسد جوعه وتجاوز الكاتب الوصف الإنساني للانبطاح ليتم تصوير المشهد أنك تشاهد كلبا أمام محل الجزار.
* شخصية الشحاذ التي ربما رأيناها فنيا وأدبيا كثيرا يتغنى ببعض الكلمات المنظومة والأدعية المنغمة ولكن تعميق الشخصية صعد الى مستوى فكري راق جدا شحاذ مثقف يردد أشعاره
“يا فلسطينية والبندقاني رفاكو.. بالصهيونية تقتل حمامكم في حداكو
يا فلسطينية وانا بدي أسافر حداكو .. ناري في إيديا وإيديا تزل معاكو..
على راس الحية وتموت شريعة هولاكو”
بينما تتقاطع أشعاره مع أشعار أحمد فؤاد نجم
“شيد قصورك على المزارع، من كدنا وعمل إيدينا
والخمارات جنب المصانع، والسجن مطرح الجنينة
وأطلق كلابك في الشوارع، واقفل زنازينك علينا”
يتغنى بها شاب على المقهى في مشهدية مسرحية متقنة جمعت الشحاذ والصديقين والجزار بركاني.
* شخصية القرد داخل الرواية الموازية “حدائق الإنسان” لم نره يتسلق الأشجار ويلهو أمام الحيوانات المفترسة مضحكا عابثا مهرجا؛ بل ظهر كقناع لمن يقود دفة الإعلام وبث الحقائق المشوهة المغلوطة بغرض إعلاء فصيل على حساب فصيل آخر.
* شخصية المرياع وكما هو معروف هو خروف يتم عزله وإخصاؤه وإرضاعه من حمار فيزداد حجمه ويعلق في رقبته جرس وعادة ما يتم اتخاذه قناعا للقيادة الحمقاء المنتفشة بلا فكر أو تخطيط ولكن في الرواية ارتقى الكاتب بالمرياع صانعا منه بوقا ثوريا للحشد والتوعية.

كسر ثابت الشكل السردي للرواية
حيث السرد يتنامى مع الشخصيات الرئيسية للرواية بأصداء الفكرة التي تتقارب غالبا مع مستوياتهم جميعا زكريا، عادل، محمود ثم في مستوى آخر لشخصية شقنقيري المحامي الكبير الذي صنع له الكاتب هالة كبيرة ووضعا مختلفا.
من خلال عادل الكاتب والأديب بتأليفه لعمله الروائي الذي ارتأى أن يُعنون باسم قصة قصيرة قديمة كتبها بعنوان (حدائق الإنسان) فكانت مرآة للرواية الأصلية وساحة واسعة لعرض الأقنعة في غابة كبرى تشبه الحياة الإنسانية الأسد، الذئاب، الخراف، الضباع، النعجة، المرياع.
والإفصاح عن كل المسكوت عنه فيتحول المتخيل المنوط به الإفصاح إلى أداة تتناص مع الواقع وأدواته باسترجاعه وعرضه في مرارة واضحة كما ورد في الرواية
” ظهرت نتائج البحث عن الهيكل المزعوم في شرق الغابة” صفحة 44.
“وقف ممثل جامعة الحيوانات المستأنسة ليشجب ويدين ما يحدث في شرق الغابة من تجويع وترويع لأهل الأرض”
“وهنا يقف القرد معترضا على كلمة أهل الأرض، ليؤكد أن الأرض أرض الذئاب” صفحة 49.
“ورغم تلك المذابح الدامية إلا أن الذئاب خرجوا يتباكون” صفحة82
وكأن القارئ بين سطور الرواية يقرأ في تهكم مرير العناوين الرئيسية لبعض الصحف اليومية الصادرة في يومنا هذا.
وينتقل أحيانا السرد إلى حوار تتكامل فيه الصورة المسرحية حيث مشهد الخريطة يعد ذروة تبلور الفكرة
“قام بفتح حقيبته ليخرج منها ورقتين كبيرتي الحجم مطويتين بعناية والجميع يتعجب لقدم الورقتان”
“يفض طياتها الواحدة تلو الأخرى فأصبحت ذات حجم كبير رسمت عليه خريطة تشبه الأرض وقاراتها إلا أن بها الكثير من المناطق غير المعلومة في الوقت الحالي والجميع يتعجب من هذا الرسم ويتساءلون عن سبب رسم خريطة بوجود أراض أخرى غير متعارف عليها في ذلك العصر”
ليبدأ الحوار يلقي بظلال الفكرة من خلال أسئلة وجودية قلقة تبرز حجم ما يحاك للعالم بأكمله من مؤامرات من قلة تريد حكم العالم والاستئثار بموارده وثرواته وحدها دون التصريح عن هوية هذه الأقليات وفلسفاتها ومعتقداتها الفكرية والدينية والروحية.
“زكريا: هناك من يريدون لأنفسهم حق إدارة هذا الكون…….
لهذا كان القرار تحجيم العقل البشري، فأصبحنا نتعلم ما يفرضون علينا ونقلد ما يصنعون دون تمييز أو تفكير.
محمود: كيفية درء هذه المفاسد؟
جليلة: أن نرد للأصل في حين نفكر، نسأل أنفسنا هل فكرنا خالص لله، أم أن هناك شائبة تشوبه؟
عادل: هدم القيم والأخلاق وانحدار الذوق العام وهدم الأسرة، ذلك ما يخططون له.
وقفة مع العتبات النصية في الرواية
وحسب ما عرفه الناقد الفرنسي جيرار جينيت “تعد العتبات النصية كعلامة سيميائية وتعتبر الحد الفاصل بين النص وخارجه للقارئ كما أنها تفتح أمام المتلقي وتشحنه بالرغبة للولوج إلى أعماقه. فمن جملة وظائف العتبات تقديم فكرة جامعة وشاملة عن النص الأدب فتجعل القارئ أو المتلقي يدرك بعض غياباته من ناحية الموضوع، قبل أن يقرأه”
العنوان
يأخذنا العنوان إلى أجواء الواقعية السحرية لما به من تجاوز للمنطق المعتاد ليدهشنا النص أنه ليس سحريا بقدر ما هو واقع مرير صادم يتغيا النص سحريته في صوره المؤلمة ولا تقف وظيفة العنوان كمدخل للرواية بل يمتد ليكون عتبة لعوالم عديدة شملتها الرواية وخاضت في صراعاتها وتشظي أحداثها وشخصياتها.
وحسب وظيفة العنوان – كتاب عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر/ يوسف الإدريسي.
“أما بخصوص العنوان في الرواية الحديثة، فيلاحظ أن علاقته بالنص لم تعد –
كما هو الشأن في الكتابة القديمة -علاقة سؤال بجواب، بقدر ما صارت علاقة
سؤال يمتد من العنوان إلى النص ومن النص إلى العنوان، بل وأيضا إلى خارج النص
في علاقاته بالمحيط الاجتماعي والثقافي والحضاري العام، ولم يعد العنوان هو المعنى
الوحيد الذي يحدد النص، بل إن النص صار يساهم في خلق معان متعددة
للعنوان”
“فنجد أن وظيفة العنونة مرتبطة جدلا فيها
بوظيفة الملصق (AFFICHE) وبالصورة التي يحملها، والتي يمكن اعتبارها عنوانا
بصريا، بينما يبقى العنوان الآخر صورة لغوية”
الغلاف كمكون تفاعلي مع العنوان
حقق الغلاف العنونة البصرية للرواية، إن مشهد الخروف الذي تمتزج في نظراته مشاعر الفزع مع مشاعر الانتقام مع شعور بالكبرياء والقوة أيضا مع التوجس والقلق يحيل المشاهد/ القارئ إلى حالة من استقراء المضمون والمحتوى الروائي، نظرة الذئب المنكسرة وانفراجة فمه باستغاثة مخنوقة تبرز حجم الغضب والانتقام لدى الخرفان واستسلام الذئب لأمر واقع، دلالة الألوان على رأس الذئب قد تلتبس مع بعض أعلام الدول الكبرى التي طالما تجاهلت نصرة الحقوق المسلوبة للشعوب المستضعفة لينتقل الغلاف من رواية إلى غلاف يمثل العالم المضطرب في موازين العدالة والحقوق.
الغلاف الخلفي الذي عادة يكون اقتباسا مع صورة الكاتب جاء الغلاف تأكيدا عن حالة الصراع المستعر بين العالمين الخراف والذئاب بما في نظراتهم من غضب مكتوم وما بالخلفية من نيران موقدة فهل أتى الغلاف ليبين أن الصراع لم ينته بعد. في إصرار من الكاتب والناشر أيضا على إبراز الفكرة والتحليق بالقارئ لأقصى حدود التفاعل مع النص مع اقتباس على لسان فارس الكلمة زكريا.
الإهداء – الاقتباس -المقدمة
الإهداء: -شخصي يبرز عناء الكاتب في استعادة الشغف والوصول بهذا النص إلى حالة الرضا والاكتمال الفني.
الاقتباس (المقتبسة): -الآية القرآنية الكريمة ( ن والقلم وما يسطرون ) والاقتباس عتبة هامة عن مرتكز الرواية الأساسي وهو الكلمة ومن ثم الفكرة وما لاقاه أصحاب الكلمة والفكرة من عناء وتنكيل.
المقدمة: -من خلال ثلاثة توقيعات والموقع “أنا” وقد تكون الأنا كعتبة نصية صوتا للكاتب أو صدى لفكرته ولكن يكتمل مفهوم هذا الأنا مع قراءة الرواية والإلمام بشخوصها وخيوطها المتشابكة
التوقيع الأول
هموم وأثقال تتكدس فوق رأسي، أكاد من فرط الثقل أفقد عقلي؛ فما عاد يجدي قولي
التوقيع
أنا
التوقيع الثاني
منذ أمد بعيد وانا ههنا، أواري حديثي وأخفي كلماتي، فليست هناك بارقة أمل، فإن قلت فهل هناك من يسمع؟ وإن سمعوا، فهل هناك من سيفكر فيما قيل؟
التوقيع
أنا

التوقيع الثالث
عهد
سأقول
سمعوا أو لم يسمعوا
ما عاد يجدي القول والسامعون أجساد خاوية
وإن كنا اليوم أمواتا
فغدا سينبت من أجسادنا سامعون ومدركون
الويل لنا نحن الصامتون العاجزون.
التوقيع
أنا

إننا من خلال هذه التوقيعات الثلاثة نستقرئ فضاءً رحبا لمكنون الرواية؛ فكرة ورسالة وشخوصا وأحداثا.

صورة
صورة

الأركان الإبداعية في الرواية
سرد الرواية
– المشهدية في المشهد الاستهلالي للرواية
“قاعة محكمة والمتهم شاب في مقتبل العمر”
تعددت صور القهر في المقدمة ما بين القفص، القضبان الحديدية، السوط، السجانين
وما تم عرضه من تعذيب وانتهاك مقابل كلمة
“فيسأله الضابط عن تهمته فيجيبه زكريا: الكلمة. أنا هنا حبيس الكلمة”
ويترنح زكريا حبيس الكلمة ما بين سلطة السجان النظامية وسلطة بلطجية السجن التي تصطك أجنحته في صلف بليالي الزنازين السوداء.
أما عن مشهد الخاتمة يمتزج الحواري مع الغنائي في المشهد المسرحي الذي يبرع الكاتب في المراوغة الكتابية به إن جاز لنا هذا التعبير.
“وصدح المطرب بأغنية وطنية
أخي قم إلى قبلة المشرقين
تفتح من أرض الغابة بأكملها بوابات الأنفاق والممرات وينس منها الخراف.
لنحيي الكنيسة والمسجدا”
-اللغة الرصينة غلبت على السرد بلا تقعر، وكثيرا ما يميل السرد إلى الرمزية والإحالات اللفظية والتداعي في استدعاء الكلمات ومغزاها بدون تصريح مباشر.
– الفانتازيا أحيانا نقرأها بين الشخصيات الرئيسية فضلا عن حضورها في شخصيات الغابة مما تفتح للقارئ أفقا للمزج الواقع مع الخيال واكتمال التماهي بين مجتمعات الرواية المتعددة ونرى ذلك في القفرة التي تم وصف محمود فيها بالذئب صفحة 35
– تطعيم السرد بفواصل شعرية من أجواء الحدث سواء عاطفية أو واقعية أو ثورية مما أضفى ما يشبه استراحة ذهنية لمواصلة القراء، ولم يشر الكاتب لمصدر الأشعار المدرجة بفواصل الرواية والتي يبدو أنها أيضا من تأليف الكاتب نفسه مثل صفحة 26
يا للي من لوعة شوقي واشتياقي— والحزن يدمي قلبي ويكسر فؤادي
ألا زلت تذكرني دوما يا ملاكي —- وإني نرمينتك الأبدية يا سر سهادي
– استلهام النص القرآني كان حاضرا في كثير من المواضع وفق ما يقتضيه السياق مثل قوله تعالى( من الأجداث ينسلون) و (كالهشيم تذروه الرياح) وكذلك من السنة الشريفة (اذهبوا فأنتم الطلقاء) وذلك في مواضع عديدة وسياقات مختلفة.
– يؤخذ تكرار بعض الصيغ مع اختلاف الشخصيات ومع السارد نفسه مثل جملة (في الأخير).
– كان لا بد في بعض الصفحات من وضع فواصل للفقرات بحيث يلتبس على القارئ أحيانا أن الفقرة قد انتهت وبالأخص عند الانتقال من شخصيات الرواية إلى شخصيات الرواية الموازية كمثال في صفحات 18و43و44و76.

الحوار
– كان الحوار هو الوتد الذي شيد عليه الكاتب جماليات النص وأفكاره واستحوذ على مساحة كبيرة من النص الروائي (خراف تأكل الذئاب) أو الرواية المرآة والقناع (حدائق الإنسان) ومن ثم المشاهد المسرحية التي قوامها بالطبع الحوار.
– الحوار بالفصحى صفحات 14و23و22و28 ثم يتحول الحوار الى عامية باللهجة المصرية في صفحات 38و39 بدون مبرر فني حيث أن شخصية الشحاذ نفسها في هذه الصفحات مما يسبب إرباك للقارئ وقد يستخدم الكاتب مستويات للحوار حسب فكر الشخصية مستواها العلمي والثقافي ولكن في سياق واحد فصحى أو عامية.
– الحوار الداخلي (Monology) كان واضحا في ظل صراعات نفسية شهدتها بعض الشخصيات وبالأخص زكريا وما يحتويه من ألغام من الأفكار والتحديات وأيضا محمود وما يعانيه من اضطهاد اجتماعي رغم حضوره الطاغي ونبل سريرته.
الحبكة
– حبكة تصاعدية تضافرت فيها الشخصيات مع الأحداث مع الأفكار ومن خلال رسم الشخصيات وتعميق تصوراتها الفكرية تصاعدت الأحداث وفي سياق مواز من حشد المرياع للخراف في إطار ثوري توعوي بين العدالة المضطربة في الغابة حتى حدثت ثورة الخراف وتحرير أرضهم ودحض أباطيل المحتل.

الشخصيات
– لا يمكن فصل الشخصيات الرئيسية زكريا، عادل، محمود حيث حملوا معا معظم أحداث الرواية وافكارها وتقاطعوا فيما بينهم وأيضا مع بقية الشخصيات في دينامية متشابكة.
– الكاتب يحرص على بث إضاءات تضفي بعض الجمال على الواقع بقبحه وظلمه وشخصية ضابط الشرطة في السجن خير دليل على وجود من يحملون راية الحق حتى لو كان ثمنها العمر.
– بعض الشخصيات تعمد الكاتب إضفاء الغموض على بعض سماتها الشخصية ليتاح للقارئ المشاركة في إعمال فكره وتشاركه في الحدث الروائي مثل شخصية شاب 1وشاب 2 رفقاء عنتر في الانكسار والذل، وشخصية الباشا صاحب الفيلا الذي يأوي فيه الشباب وتصويرهم في فانتازيا موجعة على هيئة كلاب في حلبة مصارعة.
بكل ما تشير إليه شخصية الباشا من دلالات هل هي شخصية قائد صاحب نفوذ أم رأسمالي متسلق أم الكثير من النماذج السلبية الموجودة بالمجتمع.
– تنامي وتصاعد الشخصيات لنا فيها وقفة مع شخصية عنتر وشخصية الشحاذ
* الشحاذ شخصية ثرية جدا فكريا وتصاعدت بحرفية وفق التحولات الشديدة في مستوياتها الشخصية والاجتماعية من شخصية هامشية عابرة إلى شخصية مركزية محورية قادت الأحداث في مساحة كبيرة من الرواية.
* شخصية عنتر في بداية الرواية مبشرة أنها تحتمل كثير من الرمزية والتفاعل تحققت الرمزية بحرفية عالية ومشهدية دقيقة إلا أنه قد تم بتر الشخصية لاحقا من الرواية ولم يتحقق فيها النمو المرجو أو حتى (القفلة) المناسبة لانسحاب الشخصية وغيابها الملحوظ في بقية أحداث الرواية ونقطة أخرى في تحول الشخصية من كلب جائع لاهث خلف عظمة إلى رأسمالي يلهث خلف استلاب الناس بيوتهم وأراضيهم كتمثيل للرأسمالية المجردة من القيم كيف حدثت نلك التحولات في الشخصية؟ حيث لم تظهر المبررات لذلك التحول مما أثر على الحبكة.
– شخصية جليلة هل هي شخصية غريبة الأطوار؟ أم أنها كانت تحتاج إلى مزيد من التفاصيل حيث أن تحولاتها مع زوجها الأديب عادل وكذلك رؤاها الفكرية ووصف سماتها الظاهرية أحيانا تكون غير متسقة.

صورة
صورة

المكان
– الفضاء الروائي كان عاملا متداخلا مع جوهر الحدث وانعكاس لما تكتنزه نفوس الشخصيات والمكان بوصفه وأيضا بتفاصيله المعيشية والاجرائية ولأثر النفسي والاجتماعي له وعليه، السجن بجميع مفرداته؛ الزنزانة بتركيبتها الظلامية والهرم الإنساني الذي يفرضه المجرمون بوضع سجناء الفكر في أدنى درجاته والتنكيل بهم والتحرش الجنسي بهم؛ العروسة والكرباج، السجانون والمأمور. وأفادت الخلفية القانونية للكاتب من دقة الوصف للمكان.
– المقهى حقق فضاء روائيا/مسرحيا رحبا بالشخوص والأفكار فكان متنفسا صدح به الثوار والحكاؤون وأصحاب الفكر بما يؤرق عقولهم ووجدانهم ووفق الكاتب في تكثيف المشهد وإبراز صراع الفكر وكمثال واحد مشهد المقهى صفحة 38 الذي جمع بركاني الجزار المتعجرف والذي لاسمه وشخصه ما لا حصر له من الدلالات في موجهة عنتر بصورته الانهزامية المزرية يتقاطع الحوار مع مرور الشحاذ إذ يلقي أشعارا تهكمية ساخرة مؤلمة وفي الخلفية زكريا وعادل يراقبان في استهجان الحدث كأنهما يريان وطنا بأكمله وليس جزارا جشعا وشابا مهزوما.

الزمان
– أشار الكاتب إلى فترة ما بين النكسة والعبور ثم الانفتاح بإشارات عابرة لم تحجم من وضوح أصداء مستقبلية عن المؤامرات الدولية والهيمنة وتداعيات العولمة وصراع الكبار بين قوى العالم.
– وفي إطار الفترة الزمنية المشار إليها بعاليه حافظ الكاتب على مفردات هذا الزمن من استخدام الهاتف المنزلي بالقرص الدوار والآلة الكاتبة والراديو قبل استخدام الحاسوب والهاتف النقال.

اقتباسات من الرواية
* وللمفارقة أن الراشي والمرتشي كلاهما بالفعل داخل القاعة.
* أن يكون هناك تباعد اجتماعي ليسهل عليهم السيطرة على البشر.
* لم يكن في الحسبان عودة الخراف بكل هذه الشراسة والقوة.

المراجع
كتاب لطائف نقدية في الكتابات السردية ريم أبو الفضل.
كتاب عتبات النص في التراث العربي والخطاب النقدي المعاصر/ يوسف الإدريسي.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

تعليق 1
  1. محمود زيدان حافظ يقول

    قراءة ممتعة وبحق
    تثري العقول وتشعل الأذهان
    كل الشكر والتقدير لحضرتك باشمهندس عبده