مــــاذا بـــــعـــد ؟؟؟
مــــاذا بـــــعـــد ؟؟؟
كـــتــب : د / حــــســـام الــــشـــرقــــاوى
السادة الأفاضل الأعزاء متابعينى المميزين والمتميزين .
كل عام وحضراتكم جميعا بكل الخير والصحة والسعادة
وكل الأمة الإسلامية بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم . والذى نسأل الله تعالى أن يجعله شاهدا لنا لا علينا . وأن يرزقنا من فيض كرمه وعطاياه ونفحات هذا الشهر الكريم .
لقد خلقنا الله ويعلم ما فى أنفسنا وما سوف نفعله وما نفكر فى فعله . يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور . ورغم ذلك بعضا منا ينسى أو يتناسى هذا الأمر أو يتغافل عنه . أو يرسل الله عليه الغفلة والطمس على العين والقلب حتى يتمادى فى ما يفعله من عصيان ومعاصى .
لا يوجد على وجه هذه الأرض إنسان بلا ذنب أو خطيئة . ولا حتى سيئة بسيطة أو ذنب صغير
وهذا قول الصادق المصدوق المعصوم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الذى قال
((( كل ابن أدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))) صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروى فى الإنجيل عن المسيح سيدنا عيسى بن مريم ( عليه السلام ) وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام والتسليم . عندما أتى إليه قومه بإمرأة فعلت الفاحشة وأرادوا إحراجه بأن يشارك فى رجمها . أو أن يعترض على شريعة سيدنا موسى ( عليه السلام ) . فنظر إليهم نظرة ثاقبة ورأى منهم التعالى والتعامل بقسوة وغلظة فقال لهم هذه العبارة الشهيرة ((( من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر ))) .
فرجعوا ولم يرجمها أحد لأنهم حدثوا أنفسهم وقالوا من منا بلا خطيئة فنحن ننعم بستر الله علينا .
وكان هذا الموقف أيضا فى عهد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والجميع يعلم هذه القصة والذى قال الرسول الكريم فى حق هذه المرأة حين رجمت حتى الموت بأنها تابت توبة نصوح لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم .
أجد أحد القراء يقول لى الأخطاء كثيرة والذنوب والمعاصى أكثر لما ذكرت الزنا وعقوبته . أقول لك أخى الكريم لأن هذا الذنب من أعظم الذنوب والمعاصى وله أثار وخيمة وعظيمة تتبعه ورغم ذلك الله سبحانه وتعالى يغفر بل يعفو ويصلح الأمر والحال والأحوال لمن تاب وأناب .
وبعد ما تعرضنا لهذه المقدمة القصيرة والمختصرة
أقول لنفسى قبلكم حتى أنبهها لما تسير إليه وتخطوا نحوه أو تنجرف لأهوائها وملذاتها وتغوص فى الملذات التى تؤدى للمعاصى والذنوب بل والكبائر حفظنا الله وإياكم منها .
أذكركم ونفسى بالتوبة والعودة للصواب والهداية وطريق الرشد . والتوبة لرب العالمين الذى بيده مقاليد الأمور كلها وإليه المرجع وإليه المصير .
تتفاوت الذنوب والمعاصى والكبائر من شخص لأخر . ومن عقلية لأخرى . وذلك حسب درجة إيمان هذا الشخص ودرجة خوفه من الله . أو حبه إلى الله فكلاهما يحبهما الله سواء كان العبد يخافه من عقابه أو يحبه لرحمته . ولكن الله يحب أكثر العبد الذى يحبه ( فمن أحب لقاء الله . أحب الله لقائه ) .
فنجد منا من يرتكب الذنب أو المعصية بإرادته وأحيانا أخرى يرتكبها وهو مجبر عليها إجبارا كليا أو جزئيا . أو يرتكب ذلك تحت ضغوط قوية جدا وتكون خارجة عن إرادته .
وأيا كانت الأسباب لذلك فلم ولن نكون قضاة عليه بل نترك ذلك لقاضى السماء الذى لا يظلم عنده أحد من العباد فقد قال الله ( لقد حرمت الظلم على نفسى وكذلك حرمته بين عبادى ) .
فنجد البعض منا ينصب نفسه قاضيا وجلادا على شخص من الجائز أنه برئ ولكن الظالم الجبار صور للجميع وبشهود زور وأدلة كاذبة بأن هذا الشخص الذى أمامكم ظالم وجاحد .
وللأسف ما أكثر هؤلاء البشر فى هذه الدنيا التى نعيشها ونسأل الله تعالى أن يخرجنا منها على خير وإياكم .
فقد رأيت بنفسى قصة حقا عجيبة وغريبة وملابساتها أغرب منها وصاحب هذه القصة شخص أثق فيه جدا وأعلم عنه الصدق والأدب والأخلاق والإحترام .
فقد أخبرنى بأنه كان يمر بأزمة شديدة جدا لظرف عائلى خاص وكان فى زيارته أحد الأشخاص وعلم بهذه الظروف منه كما علم أيضا بأمر عمل يقوم بتحضيره وهذا العمل سوف يكون له شأن كبير وعلم أيضا بعض تفاصيله على أساس أنه سوف يتعاون معه ويوفر له الأموال اللازمة للبدء فى هذا العمل الضخم ليكون على أرض الواقع . وبعد عدة أيام إتصل به هذا الشخص وطلب منه أن يحضر ويقابله فى مكان ما ليعطيه مبلغ من المال يساعده فى هذا الظرف العصيب الذى يمر به . ففرح صديقى وبالفعل ذهب واستبشر خيرا من موقف هذا الشخص النبيل وأخذ المبلغ ولم يتفق معه على ميعاد للسداد مما جعل صديقى يستشعر بالخير الكثير وأنه سيمر من الأزمة وبعدها يبدأ المشروع ولما لا وقد وعده هذا الشخص بتوفير المال وأيضا لم يأخذ عليه إيصال أمانة ولا أى شئ ولم يحدد حتى ميعاد للسداد أليس هذا شئ طيب ويبشر بكل الخير .
ومرت فترة من الوقت قارب الشهرين وحدث أمر جلل لصديقى هذا وتوفى شخص عزيز جدا عليه مما أفقده توازنه لفتره . والغريب والعجيب بالفعل بل أغرب من الخيال يرسل له هذا الشخص رسالة يريد ماله وذلك بعد حادث الوفاة بثلاثة أيام وفى عز الحزن والألم والحسرة مما جعل صديقى هذا يصدم من هذا الموقف ولم يرد على الرسالة .
ومر حوالى شهر تقريبا وتأتيه رسالة أخرى ولكن بها تهديد ووعيد وهدم وضياع وتشتيت له ولمستقبله . أتتخيل عزيزى القارئ بأن هذا الأمر حدث بالفعل والأغرب بأن المبلغ الذى أقرضه له سيان على سبيل المثال ( خمسة قروش ) بعد عدة شهور أصبح وبقدرة قادر ( مائة ألف قرش ) وهناك أيضا شهود على هذا الأمر والشهود شخصيات للأسف معروفة جدا . مع العلم عندما أخذ صديقى من هذا الشخص ( الخمسة قروش ) لم يكونوا موجودين . وأيضا لم يكتب على نفسه أى شئ .
ولصدق القصة وحتى أتأكد رأيت الرسائل المرسلة لصديقى بالمبلغ الأصلى الحقيقى . والرسالة الأخرى بالمبلغ المزيف لكسره وتدميره . وأسماء شهداء الزور .
لقد أثرت هذه القصة لأنها من الواقع المرير الذى نعيشه وحدثت منذ عدة شهور بسيطة قبل رمضان شهر الرحمة والمغفرة . وأعلم بأن هناك أفظع من ذلك يحدث .
وهناك أمور جلل تحدث بين العباد بعضهم البعض وقطيعة الرحم بسبب الميراث . وشياطين الإنس الذين يسعون فسادا وإفسادا بين العباد .
ولم يحرمنا الله تبارك وتعالى من العودة إليه ولم يغلق أبدا باب التوبة وقد وعد عباده بالعفو والغفران والتوبة من أى ذنب وأى معصية وأى كبيرة ولكنه لا يغفر أبدا ( الشرك به )
وقوله تعالى فى سورة النساء
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
((( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَىٰ إِثْمًا عَظِيمًا ))) . صدق الله العظيم . الأية رقم (48)
وباب التوبة دوما وأبدا مفتوح ولا يغلق . وقد أتت فرصة أغلى من الذهب والماس
بل هى لا تقدر بثمن على الإطلاق لما تحمل من نفحات وكرامات وشفاعات
لقد أتى شهر رمضان
شهر غسل الذنوب ومحو السيئات وغفران المعاصى والعفو عن الكبائر .
شهر العودة إلى الله العلى القدير ونعترف له بتقصيرنا وضعفنا وإنكسارنا .
شهر التوبة والخشوع والخضوع لله الواحد القهار والتذلل له ليرحمنا ويعفوا عنا .
شهر التكبير والتهليل والتحميد والتسبيح وقراءة القرءان حتى ننال رضا الرحمن .
شهر فيه ليلة القدر ليلة خيرا من ألف شهر من يدركها فقد فاز فوزا عظيما وأدرك مقعده فى الجنة .
فهل نستغل هذه الفرصة ونستثمرها جيدا وندخرها للأخرة ونحصد جوائز هذا الشهر الفضيل والذى يتكرر مرة واحدة كل عام .
ومن يقرأ هذه المقال فقد أنعم الله عليه سبحانه وتعالى بأن يدرك هذه الفرصة العظيمة ولا نعلم هل سندركها العام القادم أم لا . ونسأل الله تبارك وتعالى أن يتقبلنا ويرحمنا ويعفو عنا .
ولـــــــكـــــن ؟؟؟؟؟؟؟
مـــــــــــاذا بـــــــعــــــد رمــــــــضــــــان
هل ستعود ريما لعادتها القديمة وأفعالها المريرة وطقوسها الشريرة وأقوالها الكريهة
هل ستعود الأقوال المأثورة فى طعن الأعراض والأنساب وتلويث السمعة للأبرياء
هل ستعود المكائد وتصيد الأخطاء وشهادة الزور لظلم الأبرياء لمجرد أنهم الأفضل
هل ستعود الأكاذيب والإشاعات وتسديد الطعنات من الخلف لإفشال الأفضل منكم
هل ستعود القلوب السوداء المليئة بالغل والحسد والأحقاد لمحاربة الشرفاء الأبرياء
هل ستعود ؟؟؟ هل ستعود ؟؟؟ هل ستعود ؟؟؟ هل ستعود ؟؟؟؟؟؟؟
هل ستعود أمور كثيرة وغريبة وعجيبة بل هى أشد وأعظم من المصيبة ذاتها ولكنى ذكرت بعض الأمور الشائعة بيننا إن لم تكن هى أخطرها على الإطلاق .
فــــــــــهـــــــــل…
نستغل هذا الشهر الفضيل ونفحاته وكراماته ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من الفائزين برحمته وعفوه وغفرانه ومن عتقائه من النار . وأن يجعلنا نتعرض لنفحاته .
وأن يرزقنا بالتوفيق لليلة القدر والذى أسأل الله العلى القدير أن يبلغنا وإياكم ليلة القدر لنكون من الفائزين بها والمنعمين فى جنات النعيم ((( أليست ليلة القدر خيرا من ألف شهر ))) .
أسأل الله العلى القدير
اللهم اجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
اللهم ارحمنا برحمتك وارزقنا عفوك وكرمك وشفاعتك
اللهم اجعلنا من التائبين والعابدين والحامدين لك يا رب العالمين
اللهم يسر أمرنا وأصلح أحوالنا وانصرنا على أعدائنا فى كل حين
اللهم ارزقنا الثبات على الحق وثبت أقدامنا على طريق العلم والإيمان
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا إتباعه .
وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه
اللهم كن معنا ولا تكن علينا . وانصرنا ولا تنصر علينا . وأصلح أمرنا كله
اللهم أنر قلوبنا بنور الإيمان . واشرح صدورنا ببركة القرءان . وأرنا منازلنا
اللهم فرج كربنا . ويسر أمرنا . وأصلح حالنا وأحوالنا .
وأزح عنا كل ما أهمنا
إنك ياربى على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم
أترككم فى رعاية الله تعالى وأمنه