“نحو حياة إيجابية” محاضرة المستشار خالد المنصوري بجمعية الإمارات للتنمية المجتمعية
كتبت لمياء زكي. .
أقامت جمعية الإمارات للتنمية المجتمعية بدولة الإمارات العربية المتحدة -إمارة رأس الخيمة – الظيت الشمالي ، محاضرة بعنوان ” نحو حياة إيجابية ” قدمها المستشار خالد المنصوري مدرب معتمد في تطوير الذات و تطوير الموارد البشرية
بدأ المنصوري في تقديم المحاضرة بطرح جديد و ممتع في نفس الوقت حيث فضّل مشاركة الحضور بالموضوع الذي أثار فضولهم لمعرفة كيفية الطريق نحو حياة أكثر إيجابية من خلال الحوار و المناقشة المفعمة بالحماس و الإيجابية
و استهل المنصوري حديثه عن الإيجابية بآيات من القرءان الكريم في قوله تعالى
” : ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا
بِأَنْفُسِهِمْ﴾
” ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ۙ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ”
ثم قام بطرح سؤالين لهما أهمية كبيرة في الحديث عن الإيجابية ألا و هما ، هل يمكن أن للإنسان أن يتغير و كيف يمكنه أن يحدث هذا التغير ؟!
و السؤال الثاني هو : ما هو الفرق بين الآيات ؟!
أجابنا المنصوري على الأسئلة بإبتساماته المعهودة و التي ألفنا عليها منذ بداية المحاضرة حيث قال : يجب أولاً إحترام الرأي و الرأي الآخر فإذا أحب الإنسان الذهاب إلى مكان ما ما المشكلة !؟ إذا كان المكان يدعو إلى الفضيلة و الراحة و الطمأنينة و لا يدعو إلى الرزيلة فلا وجود لمشكلة في ذلك .
و أكد المنصوري أن التغير حينما يحدث يحدث أولاً بداخلنا و يبدأ بأنفسنا فحينما يريد الإنسان أن يغير من حياته يجب عليه أولاً أن ينطلق نحو التغير بإيجابية في تصرفاته و سلوكياته دون التفكير في تغير المجتمع بل ابدأ بنفسي أولاً .
ثم أخبرنا المنصوري عن الفرق بين الآيات بإن الأولى تعتمد على ( أنا ) ذاتي في محاولة التغير ، حث أيضاً الحضو. على أهمية و ضرورة قرءاة القرآن بتدبر و تمعن و أيضاً تأمل حتى نتدبر و نفهم معنى الآيات جيدا
كما أوضح المعنى المراد من الأية الثانية ألا هو أن التغير الذي نسعى إليه يجب أن يكون تغير نحو الإيجابية و ليس نحو السلبية فهناك تغيير سلبي يوصل الإنسان إلى ما هو اسؤ و بالتالي ليس كل تغيير محموداً ، ويجب على الإنسان معرفة متى يستطيع أن يتغير و من أين يبدأ التغير فإذا كان التغير نحو الأفضل بشكل يتوافق مع قيمنا و سلوكياتنا الإيجابية و ايضاً عادتنا و تقاليدنا التي تربينا عليها .
و اقتبس المستشار المنصوري من كتاب ” تأملات في السعادة و الإيجابية ” لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة و رئيس مجلس الوزراء ، حاكم دبي – رعاه الله- مقولة حيث قاله سموه
” الإيجابية هي طريقة تفكير و السعادة هي اسلوب حياة ، ليس ما تمتلكه أو ما تفعله هو ما يجعلك سعيداً بل كيفية تفكيرك بكل ذلك ”
و أضاف المنصوري في حديثه عن الإيجابية قائلاً الإيجابية و السعادة هي اسلوب حياة ، فالسعادة تأتي من الداخل ، من داخل نفسي و ذاتي و حينما امتلك التوازن النفسي فالرضا هو قمة السعادة و ليس ما تمتلكه ، و الدليل على ذلك أن هناك اشخاص مشهورين حول العالم و بالرغم من ذلك نجدهم اتعس الناس و نجدهم أكثر الناس احباطاً مثلما نجد في دولة اليابان و هي الدولة التي تمتلك شعباً أكثر شعب عملي يسعى في تقدم دائماً و لكن يمتلك أيضاً أعلى نسبة انتحار في العالم، لذلك فإن السعادة تأتي من الداخل من الطمأنينة و الإيمان بالله فالحياة في الدنيا ليست حياة استقرار بل هي حياة عبور .
واصل المنصوري المحاضرة و الحديث عن التغير الإيجابي أن العامل الرئيسي و المهم في التغير الإيجابي و في السعي نحو حياة إيجابية هو ” الأستعداد ” فلا فائدة دون استعداد
و طرح لنا مثال على ذلك ، فإذا كان هناك شاب يتمنى أن يكتسب جسمه مهارة اللياقة البدنية ويتمتع أيضاً بجسم و عضلات قوية فيذهب إلى حضور محاضرات تتحدث عن أهمية اللياقة البدنية و لكن في المقابل لا يطبق ما يسمعه أو يتعلمه في المحاضرات بذهابه إلى صالات الرياضة لتأدية التدريبات الرياضية التي تقوي الجسم و تكسبه اللياقة البدنية فلا فائدة من المحاضرات
هل لديك الاستعداد !؟.
أكد المنصوري لنا أن عملية التغير نحو الإيجابية يلزمها” الأستعداد” فإن معالجة أي قضية مع أيدشخص يحتاج إلى استعدادي أنا لتقبل فترة التغير و ما قبلها أو التأقلم على مراحل التغير فهل لديك مهارة الأستعداد!؟
عناصر التغير
طرح لنا المنصوري سؤال هام جداا ألا و هو : كيف يكون لدينا مهارة التغير على اسس سليمة !؟
ثم وضع لنا خريطة ذهنية و نقاط و عناصر هامة جدااا لأسس التغير الإيجابي و هي :
مع من /. من اين / لماذا / ماذا لو / متى / كيف /
أي مع من سيبدأ التغير !؟ و من اين يبدأ هذا التغير ؟! و لماذا قررت أن اغير حياتي نحو الإيجابية !؟ و متى ابدأ التغير ؟! و كيف يكون اسلوبي نحو التغير الإيجابي
و لكي أكون مُلم بكل هذه العناصر و النقاط الهامة يجب أن امتلك مهارة السيطرة و التحكم في مجريات الأمور الكبيرة و الصغيرة ، و أشار أيضاً أن مؤشر الإبتكار لدى دولة الإمارات العربية المتحدة يأخذ المؤشر التصاعدي و ذلك بفضل كل مواطن على أرض دولة الإمارات العربية المتحدة
ثم روى لنا المنصوري قصة ملهمة نحو التغير الإيجابي
” لا تغير العالم ….. ابدأ بنفسك “
يحكى أن ملكاً كان يحكم دولة واسعة جداً ، قام يوماً برحلة طويلة ، و خلال عودته وجد أن أقدامه تورمت لكثرة ما مشى في الطرق الوعرة ، فأصدر مرسوماً يقضي بتغطية كل شوارع المملكة بالجلد و لكن أحد مستشاريه أشار عليه برأي أفضل ، و هو عمل قطعة جلد صغيرة تحت قدمي الملك فقط فكانت هذه هي بداية انتعال الأحذية
لذلك نقول لا تغير العالم ….. أبدأ بنفسك
الإغراء ممتع لكنه ( مزعج ).
قال المنصوري أن في التغلب على المغربات و الإغراء مصلحة كبيرة لمن يمتلك تلك المهارة و أكد كلامه بتجربه تعبر عن ذلك قام بها ” والتر مشيل ” عالم النفس الجريبي الذي قام بتجربه قبل اربعة عقود
حيث احضر اربعة اطفال في عمر الأربعة أعوام و احضر لهم حلوى من النوع الذي يفضلونه و الذي سيصمد و لا يأكل الحلوى سيكافىء
يا تُرى مَنْ مِنْ الأطفال الذين صمدوا !؟ و كيف وجدنا حياتهم بعد ذلك !؟
فإن أغلب الأطفال هم الذين اكلوا الحلويات و البعض القليل منهم لم يستجب للإغراء بالطعام و الحلوى لم يتجاوزوا ال 5% ، وبعد مرور اربعين عاماً نظر الخبراء لحياة هؤلاء الأطفال وجدوا أن الأطفال الذين صمدوا يمتلكون دخل مادي عالي و صاروا مدراء بخلاف الذين اكلوا الحلوى و لم يصمدوا
قانون الفشل
وضع لنا المنصوري أثناء المحاضرة خريطة توضيحية بعنوان ” قانون الفشل ” ثم طرح علينا سؤال حفز على التفكير و إعمال العقل ألا و هو
ما هو قانون الفشل ؟!
الإحساس. / الالم / الإرادة / فعل / الشك / الفخ / الفشل
وضح لنا المنصوري ما هو ” قانون الفشل ”
الذي يظهر أحياناً في حياتنا اليومية بشكل واضح
فقال مفسراً الخريطة الذهنية” لقانون الفشل ”
يبدأ الفشل ” بالإحساس ” و هو إحساس الشخص بتصرفه الخطأ و على سبيل المثال إذا استيقظ الشخص إلى الساعات المتأخرة من اليل كالساعة 3 ليلاً سيشعر حينها ب ” الآلم ” و الشعور بالكسل و الخمول و أنه أصبح إنسان غير حيوي و نشيط فتأتيه ” الإرادة ” و لكي يغير ما شعر به من فشل و نتج عنه الآلم و ترجم الإرادة إلى ” فعل ” الذي يساعده على ذاك يم يدخل في ذهنه ” الشك ” بقدراته و اموره بالرغم من هذا التصرف بالنسبة للآخرين ” شربة ماء ” أي أنه أمر يسير جداً ، و بمجرد ما يدخل الشك في ذهنه يأتيه ( الفخ ) ليقع فيه ليصل إلى ” الفشل ” مرة أخرى
و إن قانون النجاح عكسه ، فإذا مررت بمراحل النجاح ستجد نفسك أمام جمل تحفز على النجاح و التغير مثل
أنا أستطيع ، أنا أقدر أنا أثق بنفسي و حتى تمر بهذه المراحل يجب أن ابدأ بالتغير أولاً بنفسي ذاتي نحو الإيجابية و يجب أيضاً تغير الثقافات السلبية لكي تكون ثقافات إيجابية و إذا كانت إيجابية يجب أن نعززها و ندعمها
سماع الأغاني
ذكر لنا المنصوري مثال على التغير ألا و هو سماع الأغاني ، فإذا وجدنا انفسنا نكثر من سماع الأغاني بشكل مبالغ فيه ، و أنها أصبحت مشكلة كبيرة و سلوك قارب لأن يكون سلبي ، فنحن نحتاج إلى تغيره
و هذا التغير يتطلب كيفية التعامل مع المشكلة و مواجهتها من الناحية الشرعية و السلوكية و من حيث إيجابيتها و سلبيتها و عندها سيظهر لي الهدف المرجو المراد الوصول إليه ” التغير و حل مشكلة سماع الأغاني ” و ستظهر أيضاً عندي القناعة
حل المشكلة ” سماع الأغاني ” و معالجتها اجتماعياً
إذا كان هناك بعض الأصدقاء يستمعون للأغاني معظم و غالبية الوقت فعلي أن أبحث عن بديل لهم لتغير هذا السلوك ،. لأن الصاحب ساحب و إن طريق السعادة واضح أمامنا ، ولكن ما هي اختيارتنا فكل واحد منا منفصل عن غيره في هذا العالم أي أن لكل إنسان احلامه و افكاره و اخلاقه و آماله الذي يحلُم بها ، حتى الكواكب مختلفة عن بعضها و الأمطار أيضاً تختلف من مكان لمكان ، و النجوم في السماء أيضاً مختلفة ، لذلك يجب أن يكون لك بصمتك المختلفة التي تميزك عم غيرك و إن الإرادك دائماً خداعة إن لم تقترن بفعل و هنا وجب معرفة الثواب و العقاب من الله تعالى حتى تكون الإرادك قوية
تأثير البيئة في سلوكياتنا
قصة المتوكل
امتعنا المنصوري حينما روى لنا قصة المتوكل و كيف أن للبيئة تأثير قوي في سلوكياتنا و مشاعرنا و تعاملنا و كيف نتأثر بالبيئة المحيطة
” علي بن الجهم كان بدوياً جافياً ، فقدم على المتوكل العباسي فأنشده قصيدة ، منها :
أنت كالكلب في حفاظك للود
و كالشمس في قراع الخطوب
أنت كالدلو ، لا عد مناك دلواً
من كبار الدلا كثير الذنوب
فعرف المتوكل مقصده و خشونة لفظه ، لعدم المحافظة و ملازمة البادة ، فأمر له بدار حسنة على شاطيء دجلة ، و الأدباء يتعاهدون مجالسته و محاضراته
ثم استدعاه الخليفة بعد مدة لينشده ، فحضر و انشده :
عيون المها بين الرصافة و الجسر
جلبن الهوى من حبثأدري و لا أدري
أعدن لي الشوق القديم و لم أكن
سلوت و لكن زدت جمرا على جمر
فقال المتوكل : لقد خشيت عليه أن يذوب رقة و لطافة
متى تكون أنت النقطة الرئيسية !؟
You Are Center Point !?
تناول المنصوري نقطة مهمة جدااا و محورية في حياة الإنسان و طرح سؤال قد يخطأ البعض في إيجابته ، هل نحن نقطة رئيسية باستمرار!؟
اعتقد بعض الحضور المشارك بالمحاضرة يجب على الإنسان أن يكون نقطة رئيسية طول فترة حياته و هذا فهم خاطيء
و أجابنا المنصوري بعد سماع الإجابات و الأراء من المشاركين بالمحاضرة و تفضل و قال : أن النفطة الرئيسة ليست مرحلة مستمرة ، وهناك من يستمتع بكونه نقطة رئيسية و يحرص أيضاً على ذلك و لكن في المقابل تواجهه ضغوط كثييرة
الإنسان قد يكون في مرحلة عمرية ما ” نقطك رئيسية ” و لكن بعد ذلك تتغير الظروف و تتغير الأدوار و هذا ليس تهميش أو تجاهل بل هو مسايرة للواقع
مثلاً الأم … تكون ” نقطة رئيسية ” في حياة اولادها و ذلك في مرحلة معينة من حياته و لكن بعد ذاك يصبح الأصدقاء بعد ذلك هم “النقطة الرئيسية ” و صارت الأم لا تشكل النقطة الرئيسية من حيث الأهتمام و ليس البر بالعكس يصبح الأبناء في تلك المرحلة” نقطة رئيسية ” في حياة الأم
واصل المنصوري حديثه ” نحو حياة إيجابية ” لينتقل بنا إلى الحديث عن ” الحواجز ” التي تزيد من الفجوة بين العلاقات الإجتماعية و قال : أن لكل إنسان عالمه الخاص به و هذا ما يزيد من الفجوة فهناك زوجات تسافر بالشهور دوت الإلتفات لأهمية الأهتمام بزوجها و أولادها و العكس أحياناً يسافر الزوج بالشهور و لا يدرك ما يفعله من فجوة يحدثها بإبتعاده عن زوجته و اسرته
البديل ” التفكير المنطقي “
أشار المنصوري خلال المحاضرة إلى كتاب ” العادات السبع ” للكاتب .. ستيفين آر . كوفي
الذي يتحدثه فيه الكاتب عن ” البديل الثالث” و هو المنطق الذي يجمع بين الأشخاص و بعضهم البعض فإن كلاً منا يحتاج إلى التفكير المنطقي للأمور و مجرياتها الذي يتبلور في الأتفاق على مبدأ مشترك دون أن يفقد ملاً منا ذاته
و تطرق المتصوري بإحترافية بالغة في الحديث عن كيفية معاملة الأطفال داخل الأسرة و طرح أيضاً سؤال هام حول كيفية التربية من خلال العدل و المساواة
هل التعامل مع الأطفال يحتاج إلى عدل أم يحتاج إلى مساواة!؟
و بعد الحوار للمشاركين و طرح الأراء و ذكر الأمثلة عليها أجابنا المستشار خالدالمنصوري و كأنه يضع قواعد للتربية بشكل فيه إيجابية حيث قال :
إن العدل بين الأبناء لا يكون بالمثل و إنما يوزع وفق معايير معينة بحسب الفروق الفردية و بحسب إختلاف اهتماماتهم و احتياجاتهم
و أكد المنصوري يجب معاملة الأطفال وفق ملامح شخصياتهم و طموحاتهم و رغباتهم في بناء مستقبلهم و فق أيضاً امكانياتهم و قدراتهم فليس من الصحيح إطلاقاً أن الأب الدكتور أو المهندس بالضرورى أن يصبح أبناءه أطباء و مهندسين ، بل يجب أن نترك له جزء من مساحته و جزء من مساحة الأب ففي النهاية الطفل إنسان خلقه الله سبحانه و تعالى لعبدته و ليس لعبادة آي من البشر
و طلب المنصوري من السادة الحضور من خلال تمرين لتفريغ الطاقات و هو عمل اشكال بالصلصال و فيه تعبير عن مشاعرهم و ما يجول بخاطرهم و أفكارهم
ثم بعد ذلك قام الحضور أيضاً بعمل تمرين بالألوان و التلوين على ورقة بيضاء وكانت أجواء المحاضرة حيث الجمال و الهدوء و المتعة و الإفادة و السكينة لسماع أبيات شعرية أطل بيها علينا المستشار خالد المنصوري في وقت التلوين كانت هذه الأبيات التي قالها المنصوري غاية في الروعة لقد ألقت بظلالها علينا التفاؤل و الإيجابية و الحب للحياة و لتعايش الإنسان فيها
و قدمت جمعية الإمارات للتنمية المجتمعية ممثلة في سعادة الأستاذ / خلف سالم اسماعيل بن عنبر رئيس جمعية الإمارات – و المدير العام للجمعية درع الجمعية و شهادة شكر و تقدير متمنين باستمرار التعاون و المشاركة
لمياء زكي