هالة المهدى وروايتها بائعة المريمية … بقلم: الأستاذ الدكتور/عوض الغبارى
هالة المهدى وروايتها
بائعة المريمية
بقلم: الأستاذ الدكتور/عوض الغبارى
تهدى القاصة الشاعرة “هالة المهدى” روايتها “بائعة المريمية” إلى ذاتها عزيزة أبية ورثت العزة والكرامة عن أبيها وجدها، وتتمناه لأولادها وأحفادها.
وهالة المهدى باحثة عن المعرفة، وعن الحق والعدل والحرية، وعن النصر والبقاء لأحرار العالم، والخلاص من قسوة العالم ومن القهر والجمود.
وتفتتح الروائية “هالة المهدى” كل فصل من الرواية بما يعد عتبة من عتباتها مشتملة على الأقوال المأثورة لمشاهير الكُتَّاب شرقا وغربا؛ قديما وحديثا.
وعتبة الرواية، كذلك، هى “التغريبة” التى وُصفت بها فصول الرواية من التغريبة 1، إلى التغريبة الأخيرة 15 مشيرة إلى الحنين للعودة إلى الوطن، وما أشده خاصة لدى الفلسطينيين الذين لا يزالون يحملون مفاتيح بيوتهم فى شتات الغربة، ويأملون فى الحياة بأمن وسلام للذين يعيشون منهم فى فلسطين تحت وطأة الاحتلال الغاشم.
تعبر تغريبة (1) عن ذلك بقول “هالة المهدى” : “غريب هو حال الذكريات … تبكينا أجملها… وتضحكنا أقساها ألما”.
وتبدأ الرواية بقولها “غريبة تلك الصباحات المتكررة… غريبة تلك البدايات اليومية فما هى سوى تكرار لأيام ثقال لا بد أن نحياها”. وهنا – وفى سائر الرواية- يتجلى الأسلوب الشعرى المؤثر فى عباراتها.
وتتجلى الحسرة المتبدية فى الرواية خلال سرد حياة بطلتها الفلسطينية التى تعانى من الاحتلال الغاشم، ويحدوها الأمل فى تحرير المسجد الأقصى منه.
والعيش فى هذه الظروف القاسية تجعل الفلسطينيين يتعيشون من بيع الزيتون، و”المريمية”، وهى نبات عشبى شائع فى فلسطين والشام، ولا يفى الدخل القليل من ذلك، بنفقات الأسرة الفقيرة، كما صوَّرته التغريبة الأولى بالرواية.
ورجال فلسطين إما شهداء أو جرحى أو رهن الاعتقال الذى يجعل مصيرهم مجهولاً، وأسرهم فى معاناة من الفقر والهوان، وسيطرة المحتل على أراضيهم وبيوتهم، ودماؤهم تسيل هم والأطفال والنساء فى أكبر مجزرة بشرية يشهدها العالم ويندى لها جبين البشرية بلا رادع للمعتدى المحتل، ولا عون لمن يواجه الموت وهدم الديار من ضحايا غزة “ليل نهار”.
يواجه الفلسطينيون العيش بمرارة، والمستوطنات الإسرائيلية تبتلع أراضيهم يوما بعد يوم، وتعمل قوات الاحتلال على تهجيرهم من وطنهم. وقد نجحت الروائية “هالة المهدى” فى نقل الصور الدامية لحياة الفلسطينيين القاسية بأداء روائى فنى صادق التعبير عن هذه المأساة من خلال رسم أحداثها ووصف شخصياتها وأدوات سردها المتقن. وتمضى قصة حب بين شاب فلسطينى وشابة فلسطينية فى هذا الجو الأليم الذى لا يزيد الفلسطينيين إلا إصرارا على الصمود والتصدى للاحتلال المدجج بالسلاح فى مواجهة شعب أعزل يتسم بالبطولة فى مواجهة العدو رغم ذلك.
ومع عيش الفلسطينيين تحت الحصار فى خيام لا تقيهم من الحر أو البرد فإنهم قادرون على انتزاع الفرح فى عرس بسيط للشابين المتحابين.
لكن الفرحة تزول بتلفيق العدو تهمة قتل مستوطن محتل للعروس والمقايضة على ما تبقى من قطعة أرض مزروعة أمام بيت الفلسطينيين لإسقاط هذه التهمة والاستيلاء على كامل ممتلكاتهم.
وتحفل الرواية بصور نادرة لبطولة الشعب الفلسطينى، والتصميم على الثأر والانتقام من العدو الغاصب. وما أروع تقديم تغريبة (5) بقول جلال الدين الرومي: :هكذا أحزاننا كبيرة… ماذا يعنى الصبر… إنه يعنى أن تنظر إلى الشوكة وترى الوردة”. إنه يحمل الدلالة على جوهر الرواية فى الأمل بالسلام فى ظل الحرب.
والمرأة الفلسطينية الصامدة لا تقل بطولة عن الرجل الفلسطينى فهى أنثى “لكنها فى عقلها وقلبها رجل يفكر.. ويقرر.. يقود.. يحلم.. يحزن.. يرى.. يعمل.. يشعر.. يحب.. يكره” على حد تصوير “هالة المهدى”.
وتتوالى فصول الرواية ساردة صنوفا من القتل والتشريد والقمع والتنكيل والاعتقال لأجيال قرية فلسطينية لتكون مثالا مصغرا لكافة قرى فلسطين ومدنها. حتى أطفال الحجارة لم يسلموا من اعتقال الاحتلال، وأصبحت الأم الفلسطينية تعانى من فقد الابن والأخ والزوج، وأصبح الفلسطينيون يتطلعون آمادا بعيدة للإفراج عن معتقليهم إذا لم يستشهدوا من أثر التعذيب فى السجون.
وتملك هالة المهدى من حرفية القص ما يجعل القارئ مشدودا إلى الأحداث التى تجرى من أفراد القرية الأبطال الذين يستطيعون أن ينفذوا علميات ضد العدو مع ما يحيط بهم من مراقبة وتجسس مستمر على تفاصيل حركاتهم. فالإثارة فى سرد هذه الأعمال الفدائية البطولية تحبس الأنفاس، وتمثل عصب الرواية شكلاً ومضموناً. وتصور الرواية خواء العدو، ورعب المستوطنين من مقاومة الفلسطينيين، وافتقادهم للجنة التى تصوروها فى أرض الميعاد التى تبعث على الخوف الشديد وعدم الاطمئنان إلى سلامة الإقامة فيها.

وتنتهى الرواية بأحداث 7 أكتوبر 2023، واقتحام مقاتلى غزة لحصون العدو، وأسر بعضهم ليستشهد جراء ذلك عشرات الآلاف من أهل غزة ويُصاب عشرات الآلاف، ويعانى حوالى مليونين من التشرد بين أطلال البيوت التى دمرها العدو ، لكن هذه الشهادة تحمل مغزى الأمل الذي ينبثق من رحم الألم ؛ الأمل فى استرداد الوطن والعزة والنصر والكرامة ، والألم ترحما على شعب غزة شهيدا أو ينتظر .
وقد أجادت “هالة مهدى” التعبير عن هذا المعنى فى رواية تعد وثيقة لمأساة فلسطين مستحقة الشكر على تقديمها لهذه الرواية بعاطفة جياشة وصدق فنى وإنسانى نبيل .
الشاعرة والكاتبة هالة المهدي
كاتبه مصرية
شاعرة عاميه وكاتبة روايه
عضو نادي ادب المطرية
صدر لها
ثلاث دراوين شعر عامي
شكة إبرة _عكس اتجاه الحلم _مابين الضمة والتنوين
روايتين
أون سفر الشمس
بائعة المريميه
تحت الطبع
ديوان شعر عامي منين اجيب ناس
روايه 731
رواية أون سفر الشمس الجزء التاني
لها قراءات نقدية نشر بعضها في بعض الصحف الورقية العربية
أثرت الحياة الثقافية بإدارة وتنظيم العديد من الندوات الأدبية والثقافية