هدايا الصغار لأمهاتهم.. حب طفولي مخربش على ورق الذاكرة

الأم تكبر ولا تعتق، والطفل يكبر وفي نظر أمه يبقى طفلا، لا يحلّ عيد الأم كأي عيد آخر، فلا شيء يماثل الأمومة والأم، ومن يملك أمّاً، يملك كل شيء.
صغارا وكبارا نحمل هدايانا المتواضعة أمام جميل صنيعهن، لكن وفي حنايا ذاكرتهن، تبقى أجمل هدية تلك التي صنعها الصغار ببراءة وعفوية، فتنسى الأمهات اللباس والعطور وغيرها، ويحتفظن بأشياء صغيرة كانت “الثروة ” التي قدمها طفلها يوما ما.
في زاوية خزانة عتيقة، داخل صندوق خشبي متقشر، تحتفظ أم وضاح بأوراق اصفرّ بعضها وبهت، وغابت بعض الأحرف الطفولية عن بعضها الآخر، هي الهدايا الأولى التي قدمها لها صغارها منذ أكثر من عشرين عام.
الأوراق الباهتة، لاتزال تجتذب ضحكة من القلب من السيدة الستينية، وهي تستعرضها ربما للمرة الألف، وتقول ” احتفظ بكل ورقة قدمها لي أحد أطفالي في عيد الأم، وفي كل عيد وعند اجتماعهم، أخرجها من الخزانة لأقرأها من جديد، ونتذكر تلك الأيام الجميلة”.
وأضافت أم وضاح” في عيد الأم الماضي أهداني أحد أبنائي موبايل حديث، أجد هذه الأوراق البسيطة أجمل وهي أعز وأقرب إلى قلبي، رغم أن الموبايل بيلزمني لأحكي معو ومع أخواتو المسافرين”.
أم وضاح، أم لثلاث أولاد، يعيش الثلاثة في محافظة أخرى، ويجتمعون دائما في عيد الام، وتقول ” الحمد لله لساتون بيجو بعيد الأم، كل سنة، وهي أحلى هدية عندي “.
وتعقب سماهر، ” أمي يا ملاكي، أحبك كثيرا يا ماما، وغيرها من العبارات كنا نكتبها على بطاقات صغيرة ملونة، ونزينها بالقلوب والورود، ونتنافس أنا وأخواتي من هي صاحبة الكرت الأجمل، يوم عيد الأم”.
وتضيف ” اليوم أنا أم، ويهديني أولادي بطاقات مشابهة ورسائل في عيد الأم، وفي بعض الأحيان دون مناسبة، وأحتفظ بها كلها، حتى يكبروا “.
ومع أن الآباء عادة هم من يجلبون الهدايا إذا كان الأطفال صغارا، لكن يحرص الصغار وخاصة الفتيات على هدية من صنعهن يقدمنها بفخر ومحبة.
تقول يارا ذات الأربعة عشر عاما” أول هدية قدمتا لأمي من صنع يدي، كانت كرتونة ألصقت عليها صورة لها، و صنعت لها إطارا من العيدان الملونة، ورسمت حولها فراشات ، أذكر كم كانت فرحة أمي كبيرة، وكم كنت فخورة بما صنعت”.
وتتابع ” كان عمري وقتها 6 سنوات، ولازالت الكرتونة معلقة حتى الآن في غرفة أمي، وأذكر أنها عرضتها على كل قريباتنا متباهية، كأنني أحضرت لها عقد ألماس”.
وتروي، إلهام، ذات الواحد والعشرين عاما، بدورها “في السنة الماضية، جلب أخوي الصغيران كل منهما 200 ليرة وقالا هذه لتشتري لنا هدية لأمنا في عيد الأم”.
وتكمل ضاحكة ” لم أعرف ماذا أقول لهما، وكيف أشرح لطفلين في السابعة أنه لا يمكن شراء شيء بهذا المبلغ، والذي حصل أنني أحضرت هديتي وأفهمتهما أنها هدية مشتركة منا نحن الثلاثة”.
وتتابع ” الأمر أسعدهما كثيرا، لكنه لم ينته هنا، ففي كل يوم يذكرانني بأنهما دفعا معي ثمن هدية أمي “.
ليست كل الأمهات السوريات محظوظات بوجود أبناءهن إلى جانبهن هذا العيد، الحرب فرقت بالمسافة وبالموت عائلات كثيرة، وليس الجميع محظوظا بوجود أمه إلى جانبه، فتبقى في البال غصة لا شيء يعوض فقدها.
“أيا أمي.. أيا أمي.. أنا الولد الذي أبحر وما زالت بخاطره تعيش عروسة السكر”، يقول نزار قباني، نهديها التعب والهموم، وتهدينا حياتنا وحياتها .. للأم السورية حب لا ينتهي .

الخبر

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.