أحاديث ما بعد الزلزال … سعيد إبراهيم زعلوك

أحاديث ما بعد الزلزال         

سعيد إبراهيم زعلوك

حدثتني طفلة
عن الأرض التي اهتزت بهم ليلاً وهم نائمون
عن بيتهم الذي صار حطاماً في الزلزال
وعن أهلها الذين قضوا نحبهم جميعاً
أمها، وأباها، وأختها، وأخواها
وجدتهم ذات الثمانين خريف
وكيف نجوا جميعاً من الحياة
وماتت هي
وهى تتجول بين خيمة، خيمة
ورصيف، ورصيف
وجرح غائر في الجسد، ونزيف
حدثتني أم عن موت أبنها الوحيد
وعن قلبها المتعب الحزين، الشريد
وعن الليل الأسود الذي لا ينتهي من أيامها
وقطار العمر الذي أخذ منها قلبها السعيد
حدثتني، وهي تنتحب
وتقول يا رب، يا رب تعبت
لا أبتغي من الوجع المزيد
حدثتني عجوز،
عن أعوامها الثمانين
عن التعب الذي ملء القلب، والعقل، والعيون
عن رموشها التي ابيضت فيها الشعرات، والجفون
وكيف مات الأحبة كلهم
وهى لا تزال على قيد الحياة
تشتهي المنون.
يحدثني صديقي الذي كان غائبا عن المدينة أثناء الزلزال
يقول ماتت رفيقة الدرب
ومات معها كل الحب
وماتت الحياة الجميلة
ومات الفرح
أصبحت منسيا هنا دونها
كيف طاوعت قدمي على رحلتها الأخيرة
لما تركت المدينة، وتركت حبيبة القلب
حدثتني صبية، بهية
قد اسودت عيونها من البكاء
حبيبها مات
ومات الفرح بعمرها
تقول بعد اليوم لن استمع لغناء
لن يجد الفرح طريق قلبي
فقد أغلقته،
قلبي اصبح يشبه ريشة
في مهب الهواء
لم يعد لي أحبة، ولا رفاق
حبيبي سكن التراب
وصرت وحدي في العراء
حدثتني نخلة شامخة،
كيف تهاوت المنازل العالية
وكيف صارت الأرض حطاما خاوية
وكيف أصبحت الأشياء بالية
وهى وحدها شامخة
تنظر لهذه الدنيا الفانية.
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.