أمجد زاهر يكتب “جعفر العمدة”حالة فريدة من التقمص بين الجمهور والشخصية الدرامية

أمجد زاهر 

منذ بدء عرض مسلسل (جعفر العمدة) في شهر رمضان المبارك،

حدث لفت انتباه حول حجم التفاعل الجماهيرى مع البطل الذي يقوم بدوره النجم محمد رمضان.

لم يكن الجمهور مجرد مشاهدين للمسلسل، بل أصبحوا شركاء فيه، يشاركون جعفر مشاعره وأفعاله، يتأثرون بمواقفه ويتأقلمون مع طريقته في التعامل مع الحياة.

لقد تحول جعفر من شخصية درامية إلى شخصية شعبية، ومحورية فى الشارع المصرى .

هذه الظاهرة ليست جديدة في تاريخ الدراما التليفزيونية،

فقد حدثت فى اعوام سابقة مع أعمال درامية أخرى، كانت قادرة على خلق حالة من التقمص بين الجمهور والشخصيات الدرامية.

فمثلا في الستينيات، عندما عرض مسلسل (هارب من الأيام)، كان الجمهور يتعاطف مع البطل عبدالله غيث، ويتمنى له الخلاص من مصيره المؤلم.

وفي نفس المرحلة الزمنية، عندما عرض مسلسل (لا تطفئ الشمس)، وتوفي بطل المسلسل ضمن الأحداث صلاح السعدنى، انهارت مصر في حزن عام، وكأنه فقدت ابنًا من أبنائها.

وفي المرحلة التالية، كان هناك مسلسل (ليالي الحلمية)، الذي اخترق أبطاله الثلاثة يحيى الفخراني (سليم البدري) وصلاح السعدني (سليمان الغانم) وصفية العمري (نازك السلحدار) جدار الشاشة ليصبحوا جزء من حواديت الشارع المصرى.

وفي فترة أخرى، كان هناك مسلسل (رأفت الهجان)، الذى أبهر الجمهور بقصة الجاسوس المصرى الذي تسلل إلى إسرائيل، وأدى دوره النجم الراحل محمود عبد العزيز ببراعة. كان هذا المسلسل قادرًا على إثارة مشاعر الوطنية والفخر والانتماء لدى الجمهور، وخاصة الشباب، الذين تقلدوا طريقة حلاقة شعر رأفت الهجان، وارتدوا ملابسه وإكسسواراته.

وايضا منذ عدة اعوام ، كان هناك مسلسل (يتربى في عزو)، الذي أحبه الجمهور بشدة، وتعاطف مع شخصية (ماما نونة) التي قامت بها الفنانة الراحلة “كريمة مختار”، والتي رحلت في الحلقات الأخيرة من المسلسل. كان هذا المسلسل قادرًا على إظهار قيمة الأمومة والعائلة فى المجتمع المصرى.

وهذا ما حدث ايضا ؛ مع مسلسل “الحج متولى” ذو الشعبية المتفشية فى الشارع المصرى  للنجم الراحل نور الشريف.

وفي رمضان هذا العام، كان هناك مسلسل (جعفر العمدة)، الذي حقق نجاحًا باهرًا، وأصبح حديث الناس في كل مكان.

هذا المسلسل يجمع بين عدة عناصر تجذب انتباه الجمهور، منها: التشويق والكوميديا والرومانسية والإنسانية.

كما يستخدم المخرج والكاتب محمد سامي بعض التقنيات الدرامية التي تزيد من تأثير المسلسل على المشاهدين،

مثل: المونولوج والحوارات الحادة والصدف فى الدراما.

كما يستفيد المسلسل من أداء محمد رمضان، الذي يبرز شخصية جعفر بطلاً، يجمع بين قوة الشخصية وحساسية المشاعر.

ولكن هذا لا يعني أن المسلسل  خالى من العيوب أو النقائص الفنية، فهناك بعض الملاحظات التي لا يمكن الاغفال عنها فيما يخص السيناريو بصفة عامة .

وايضا هناك بعض الانتقادات على مستوى الرسالة والقيمة التي يحملها المسلسل، ومدى مسؤوليته تجاه المجتمع والشباب.

ولذلك، يجب أن ننظر إلى مسلسل (جعفر العمدة) بعين نقدية وموضوعية، وأن نحلله من جميع الجوانب،

وأن نقارنه بأعمال درامية أخرى، من حيث الجودة والإبداع والرسالة. فلا يكفي أن نحكم على المسلسل بناءً على شعبيته أو نجاحه،

بل يجب أن نرى ما هي الأسباب والعوامل التي أدت إلى هذا النجاح، وما هي الآثار والتداعيات التي قد يخلفها هذا المسلسل على المستوى المجتمعى.

في الختام، نستطيع أن نقول أن مسلسل (جعفر العمدة) هو مسلسل فاق حدود النجاح ، يطرح موضوعًا هامًا في دراسة الدراما وتأثيرها على المجتمع.

هو مسلسل يستحق المشاهدة والتقدير بالفعل ، لكن بشرط أن نكون حريصين على تمييز بين الخيال والحقيقة، وبين الترفيه والتثقيف.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.