إياك والظلم…بقلم/سلوى عبد الستار الشامي

إياك والظلم 

بقلم/سلوى عبد الستار الشامي

الظلم صفة دنيئة عواقبها وخيمة ، ولهذا حرم الله سبحانه وتعالى الظلم على نفسه ، فذلك رسول الله صل الله عليه وسلم يقول عن ربه تبارك وتعالى : أنه قال : ” يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ” .
يقع الظلم بأكل أموال الناس والضرب والشتم والتعدي والإستطالة على الضعفاء ، وعندما يتعرض المظلوم لأي صورة من صور الظلم يلجأ إلى الله بأنين لا يسمعه إلا المولى سبحانه وتعالى فيتنزل في قلب المظلوم إطمينان وسكينة وتيقن بأن الله سينصره ولو بعد حين ، فالمتدبر لكتاب الله تعالى يجد نصوصاً كثيرة قد ذمت الظلم وأهله وحذرت العباد من الظلم وقد ذكر الله تعالى الظلم في مواضع متعددة محذراً منه ، فذلك قول الله سبحانه وتعالى ” ولا تحسبن الله غافلاً عما يفعل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار .مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفءدتهم هواء . وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب .فيقول الذين ظلموا : ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل . أو لم تكونوا أقسمتم من قبل مالكم من زوال . وسكنتم في مساكن الذين ظلموا أنفسهم .وتبين لكم كيف فعلنا بهم وضربنا لكم الأمثال ” ، وقال تعالى ” سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ” .
أما المتأمل في السنة النبوية فيجد فيها الكثير من الأحاديث الشريفة التي تنفر من صفة الظلم الذميمة وكذلك النهي عن الظلم ، فذلك قول رسول الله صل الله عليه وسلم : ” أتدرون من المفلس ؟ قالوا يا رسول الله المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج ، فيأتي وقد شتم هذا ، وأخذ مال هذا . ونبش عن عرض هذا ، وضرب هذا . وسفك دم هذا . فيؤخذ لهذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم طرح في النار ” ، وقال رسول الله صل الله عليه وسلم ” إن الله يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ” .
وفي بعض الكتب يقول الله تعالى : إشتد غضبي على من ظلم من لم يجد له ناصراً غيري ، وأنشد بعضهم :
لا تظلمن إذ ما كنت مقتدراً
فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عيناك والمظلوم منتبه
يدعو عليك وعين الله لم تنم
وعندما حبس الرشيد أبا العتاهية الشاعر فكتب إليه من السجن هذين البيتين :
أما والله إن الظلم شوم
وما زال المسىء هو الظلوم
ستعلم يا ظلوم إذا التقينا
غداً عند المليك من الملوم
وعن عبدالله بن أنيس قال : سمعت رسول الله صل الله عليه وسلم يقول : ” يحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا بهما فيناديهم مناد بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب : أنا الملك الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة أو أحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة أن أقصه حتى اللطمة فيما فوقها ، ولا يظلم ربك أحداً .قلنا : يا رسول كيف وإنما نأتي حفاة عراة . فقال بالحسنات والسيئات جزاء ، ولا يظلم ربك أحداً ” .
وسأذكر في هذا الشأن قصة جميلة ، يذكر أن كسرى إتخذ مؤدباً لولده يعلمه ويؤدبه حتى إذا بلغ الولد الغاية في الفضل والأدب ، استحضره المؤدب يوماً وضربه ضرباً شديدا من غير جرم ولا سبب ، فحقد الولد على المعلم إلى أن كبر ومات أبوه فتولى الملك بعده فاستحضر المعلم وقال له : ما حملك على أن ضربتني في يوم كذا وكذا ضرباً وجيعاً من غير جرم ولا سبب ، فقال المعلم : أعلم أيها الملك أنك لما بلغت الغاية في الفضل والأدب علمت أنك تنال الملك بعد أبيك ، فأردت أن أذيقك ألم الضرب وألم الظلم حتى لا تظلم أحدا ، فقال : جزاك الله خيرا ثم أمر له بجائزة وصرفه .
في الحذر من الدخول على الظلمة ومخالطتهم ومعونتهم ، قال الله تعالى : ” ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ” ، والركون ها هنا السكون إلى الشئ والميل إليه بالمحبة .قال ابن عباس رضي الله عنهما لا يميلو كل الميل في المحبة ولين الكلام والمودة ، وقال السدي وابن زيد : لا تداهنوا الظلمة ، وقال عكرمة هو أن يطيعهم ويودهم ، قال أبو العالية : لا ترضوا بأعمالهم ( فتمسكم النار ) فيصيبكم لفحها ( ومالكم من دون الله من أولياء ) ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما مالكم من مانع يمنعكم من عذاب الله ثم ( لا تنصرون ) لا تمنعون من عذابه .
وقد روي عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال :” أول من يدخل النار يوم القيامة السواطون الذين يكون معهم الأسواط يضربون بها الناس بين يدي الظلمة ” ، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : الجلاوزة والشرط كلاب النار يوم القيامة . الجلاوزة : أعوان الظلمة .
وقد ثبت في الصحيحين عن رسول الله صل الله عليه وسلم أنه قال : ” انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً ، فقال يا رسول الله : أنصره إذا كان مظلوماً فكيف أنصره إذا كان ظالماً ؟ قال : تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره ” .
كن حريص على أن لا تظلم أحد ،بينما من قام بظلم الغير سارع برد المظالم إلى أهلها قبل أن يأتي يوم الهلاك ، ويحك ! أما يؤثر فيك هذا الكلام ؟ .
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.