بعد الفراق…رواية لــ ولاء الدسوقى

بعد الفراق

ولاء الدسوقى

ولقد كانت أعينهما أشجع ما فيهما ..فتبادلا النظر طويلا..وتحادثا وتعاتبا أحيانا…لكن الشجاعة قد خانت ألسنتهما….عقلها الخوف وغلبها الحياء..فأبيا البوح وٱثرا الكتمان …
قد ألفا العذاب والسهد الطويل.. وتعللا لأنفسهما بالظروف..ولو حاولا بنذر يسير لأذعنت لهما الأقدار..
لكنه الخوف الذى كتب النهاية قبل البداية…وسطر الفراق قبل اللقا..
ولكم سألا الله أن يجمعهما… أو يرحم القلب المعذب ويمن عليه بالنسيان…
ثم سار كل منهما في دربه ككل فقد نصفه أو كجسد فقد روحه..فالبين موحش…والجرح غائر..ولقد باحا لغيرهما…فوصفوا لهما الأيام..ومن سواها طبيب؟؟
ولقد أحسنا الإصغاء..وتجلدا للصبر..وعذابات المنام..وتركا أنفسهما للأيام….عساها تسكن الفؤاد..
وطالت تلك الأيام…وخالا الأمر ذهب فما كان..وأثنيا طويلا على الأيام..ووصفاها لمن بثهما البين ..وعذابات الشوق.
..وكلما رأيا هؤلاء..ضحكا طويلا من نفسيهما…وكيف ظنا أن الحياة لن تتسع لهما يوما واحدا وأنها قد ناصبتهما العداء وأبت إلا العذاب …
ولم يكن يخلو ضحك أحدهما وهو لا يدرى أين ذهب صاحبه..من وخز فى القلب…سرعان ما يتحول إلى حزن دفين..يشع فى الروح كٱبة ويطفىء نور الحياة…
ولكنها الأيام بأحداثها مرة أخرى…لا تتركهما للذكرى..فتشغلهما بنشاطها ووافر قوتها..فيسعيان طلبا لسبل العيش..لكن القلب ينبض وطائر الشوق يرفرف من ٱن إلى ٱن..ولم يكن بالمتاح لعليلين مثلهما أن يفتحا باب القلب لغريب يسكنه..وهل شفى الجرح حقا؟؟!
وظلا على عهد الذكرى ردحا غير يسير..إلى أن رقت لحالهما الأيام وجادت عليهما باللقاء…ولم تكن العين لتصدق مرٱها… إذ خالته شيئا من منامات اليقظة..لكن القلب خفق بشدة..
كأنما لم يكن يدق أبدا…فأيقنا أنهما قد التقيا بعد طول شتات…وأبى اللسان عيه وحصره…وتمرد على صمته الطويل..فتحادثا في ٱن واحد.. كأنما اتفقا سرا ..وتعاتبا على البين..وتعاهدا أن يقهرا ذاك الخوف الأبكم..الذى حال حياتهما عذابا مريرا…
ولقد طال الحديث ونسيا ٱلة الزمن..ثم انتبها..وتفكرا فيما يكون من أمرهما بعد ذاك اللقاء..وساد الصمت برهة..ثم أردفا معا وفى عيونهما عزم لم يعهداه…
أنهما قد استناما طويلا للظروف..وتعللا بالأقدار… وتركا المعركة قبل أن تبدأ وقدرا الهزيمة.. فٱثرا البين وأطالا الوجد…بينما لم يجدا في السير حقا…ولم يحزما أمرا…وأنه ما كان ينبغى لهما الهرب من أسباب واهية..حاكها لهما الخوف..ليقعدهما عن المحاولة..ولو حاولا حقا..لربما زال ما تحسبا له طويلا في أذهانهما…
ولكن أنى يفيد الندم؟؟
مضى من العمر أكثره ولم يعد أمامهما سوى مواجهة ما يعترض طريقهما..علهما يلحقان بٱخر عربة من قطار السعادة الذى انتظراه طويلا…
********ا******
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.