مازالت روحي عالقة هناك غادرناه ولم يغادرنا!
بيت الله الحرام
بقلم/دعاء خطاب
منذ ايام شرفني ربي ودعاني لبيته الحرام لأداء مناسك عمرة رجب، أمنية في قلبي ورجاء منذ ٢٨ عاماً منعني عن ادائه ظروف كثيرة خارجة عن إرادتي، وقد كانت احدي مخاوفي اني قد لا استطيع تحمل المشقة المصاحبة لأداء المناسك لظروفي الصحية الحالية، ولكني توكلت علي الله وفي ظني إن ربي دعاني وهو سبحانه يتكفل بي هناك، وقد كان عند ظني به سبحانه وتعالي.
فذهابك الي بيته الحرام لا حيلة للعبد فيه ولا بالمال ولا بالمقدرة ولا شئ سوي نيتك الخالصة لوجهه الكريم وقيامه سبحانه وتعالي بتوجيه الدعوة لك للزيارة وقتما شاءت إرادته سبحانه.
رأيت بنفسي علي ارض المطار البعض ممن منعتهم ظروفهم الصحية في الدقائق الآخيرة من الصعود إلي الطائرة، ولعلهم نالوا أجر نيتهم، رأيت رغم المشقة من يحملون الأطفال الرضع، ومن يدفعون كبار السن علي مقاعدهم المتحركة وسط زحام غير طبيعي، ومن انشغلوا بالإعتناء بوالديهم المرضي وسط صعوبات غير عادية، وشاهدت الآلاف من جميع الجنسيات ممن لا ينطقون العربية ولا يفقهون ما يسمعون ومع ذلك كم من الإخلاص والخشوع وفيض من الدمع تأثراً بوجودهم ضمن هذا المشهد العظيم.
رأيت إناس يكافحون للإستمرار رقم المشقة الكبيرة نظراً للأعداد الغفيرة من المعتمرين، والتزاحم والتدافع اللاإرادي وسط طوفان بشري جم، شعرت وكأنه يوم الحشر العظيم، مسلمون من كل صوب وحدب، وللجميع وجهة واحدا، ورجاء يملأ القلوب ودموع تملأ الأحداق، يجمعهم نفس الشعور والإحساس، وايادي ترتفع بالدعاء المستميت بالعفو والمغفرة، الجميع نسوا أمور دنياهم ولم يشغلهم سوي مولاهم عز وجل.
ساعات من الرجفةْ في قلبي وانا اطوف، شعور مازال يسري بداخلي حتي تلك اللحظة، وأخيراااا وبعد ٢٨ عاماً ها انا هنا علي ارضك وهذا هو بيتك الحرام وها انا أراه بعيني، مهاباً، شريفاً، عظيماً، شامخاً، حقيقة مجسدة امامي، وها هي الأمطار تنهمر لتغسل قلوبنا وقد تكون معها ذنوبنا، يااااا الله علي ذلك المشهد الجلل لن أنساه ما حييت، طوفت سبعاً وسعيت سبعاً واغتسلت بماء المطر حتي النخاع، ومع إنسياب الأمطار إنسابت مني الدعوات بدون وعي او تفكير وإلحاح في الدعاء وذكرني الله بأحباء لا يعلمون حتي بوجودي هناك ولكن شاء ربي ان يجعل لهم نصيب من دعائنا هناك، لأنه سبحانه في مشيئته الإجابة.
ورغم الألم الجسدي والمعاناة وسط الزحام؛ إلا أن قلبي تعلق بذلك المشهد العظيم الذي لا يماثله شئ، مهما شاهدت وعاصرت ومهما طوفت ورأيت؛ يبقي للبيت الحرام وقع في النفس لا يضاهيه شئ مهما عز وغلا.
قابلتها بالدمع وغادرتها بالدمع وتركت قلبي معلقاً هناك وروحي مازالت تطوف ببيتك الحرام يا إلهي.
“أسألك ربي ان تكون عمرتنا مقبولة ودعائنا مستجاب، وأن تعيدها علينا مرات ومرات ومرات حتي لايبقي من العمر شئ وأن ترزق كل مشتاق تعلقت روحه برؤيتها وانت به اعلم”.
“اللهم زد هذا البيتِ تَشْريفًا وَتَعْظِيمًا وَتَكْرِيمًا وَمَهَابَةً، وَزِدْ مِن شَرَّفَهُ وكَرمَهُ مِمَّنْ حَجَّه أو اعْتَمَرَه” تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا وَبِرًّا”.
بيت الله الحرام
مازالت روحي عالقة هناك غادرناه ولم يغادرنا!
دعاء خطاب