ختم الحكومة ؟!! كتبت شاهيناز خفاجى

نقلا عن جريدة " اليوم الدولى" العدد العاشر حاليا بالآسواق

لم يخطى الراحل الساخر جلال عامر حين قال : دخلت مصلحة حكومية مقتنعا أن الحكومة تخدم الشعب، وبعد حصولى على تسعة اختام على اوراقى خرجت مقتنعا أن الحكومة تختم الشعب!!
لقد لخص هذا المبدع العلاقة المأساوية ما بين حكومتنا الرشيدة وبين الشعب بهذه الكلمات الموجزة،
مؤخرا تبنت الحكومة خطة – قالت – عنها انها للإصلاح الاقتصادي واعلنت بصددها عن بعض القرارات كانت مابين فرض ضرائب و زيادة أسعار ، وليست هذه المشكلة فى حد ذاتها ولكن الخطاب الحكومى الرسمى يعتبر أن اى دعم يقدم للمواطن هو بمثابة منحة من المسئولين، ولذلك دائما ما يتم مقارنة اسعار
السلع محليا بالاسعار العالمية، رغم أن هذا الخطاب يتجاهل ذلك تماما عند الحديث عن الاجور فى مصر ومثيلتها فى العالم.
الخطاب الحكومي الرسمي لم يعد يلتفت لإهمية ايصال الدعم الى مستحقيه، ولكنه يعلن صراحة ان الهدف الأساسي هو تقليل عجز الموازنة والذى بلغ (438 مليار جنيه، 8.4 % من إجمالي الناتج المحلي)، ورغم أن الحكومة وسؤ إدارة الموارد هى المسئولة عن هذا العجز ،
الا انها مستمرة فى التلويح الى انها مضطره للاقتراض والغاء الدعم عن كثير من السلع والخدمات، والتى من ضمنها التعليم والصحة والأجور.
ببساطة الحكومة تعتبر انها تدعم المواطن (من جيبها ) فى حين أن أموال الموازنة العامة لاى دولة هي أموال المواطنين لانهم هم أنفسهم دافعى مرتبات هذه الحكومة وهم الممول الوحيد للضرائب وهم دافعى رسوم الخدمات. كما أن الموارد الطبيعية فى اى دولة هى ملك هؤلاء المواطنين وليست ملكا للحكومة ابدا.
وفى هذا السياق اعلنت الحكومة عن خطة الموازنة العامة للعام المالى الحالى ..
وقد التزمت فيها كما أعلنت بالنسب الدستورية المقررة للإنفاق على أهم بندين
بأى موازنة عامة وهما ” الصحة والتعليم”.
الدستور الحالي للدولة ينص في المواد (18-21 ) منه على إن الانفاق على الصحة يجب ان يعادل كحد أدنى 3 % من الناتج المحلي، مع زيادته سنويا حتى يصل الى المعدلات العالمية وهى من (6 الى 7%)، وكذلك التعليم الأساسي -حدد له الدستور- ما قيمته 4 % من الناتج المحلي، والتعليم العالي بنسبة 2%، والبحث العلمي بما يعادل 1% كحد أدنى.
الا أنه وبنظرة موجزة على مضمون هذه الموازنة وبتحليل البيان المالى عنها نجد أن الحكومة قد باعت الوهم للمواطنين واعلنت عن ارقام إجمالية بخصوص هذه البنود هى شكلا وموضوعا مخالفة للحقيقة.
التصريحات الرسمية تقول إن اجمالى ما تم رصده للإنفاق الصحى يبلغ حوالى 105مليار جنيه ، و141 مليار لبند التعليم قبل الجامعى،
مما يعنى أن الحكومة قد التزمت بالنسب المقررة دستوريا.
ورغم ذلك فإن البيان المالى للموازنة مخالف تماما لهذا الإعلان، فالمخصص الفعلى للإنفاق الصحى لا يتجاوز 61مليار ، ولا يتعدى 115 فى اجمالى الانفاق على التعليم .
بما يعنى أن الانفاق الحقيقى على كل من التعليم والصحة هو نصف الانفاق المعلن عنه فعليا ، وهنا تكمن الخدعة الكبرى .. فالحكومة فى سبيل (تضبيط) الموازنة وترتيب النسب الدستورية، قامت بزيارة بعض البنود لإظهار زيادة غير حقيقية فى اجمالى الانفاق العام.
منها مثلا اعتبار بند الانفاق على مياة الشرب والصرف الصحى ضمن الإنفاق الصحى وكذلك الانفاق على مستشفيات الجيش والشرطة والتى تتمتع بميزانيات خاصة، ولم تكتفى الحكومة بهذا “التضبيط” فقررت إضافة بند الدين العام للدولة ضمن بنود الانفاق وقسمت هذا الدين على قطاعات الانفاق ومن ضمنها بالطبع الصحة والتعليم.
فكان نصيب المجال الصحى وحده من هذا الدين نحو 27مليار جنيه يتم تسديدها من بند الانفاق الصحى أيضا،
وبرغم تضارب الارقام المعلنه من قبل الحكومة نفسها إلا أن السادة المسئولين لم يفوتوا فرصة المن على المواطن (المفترررى) الذى لا يعترف ابدا بأن ماتفعله الحكومة سيظل دائما وابدا يصب فى مصلحته.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.