خطاب ناري لأردغان  أمس يتبعه سحب دبلوماسيين.. فهل تنهار علاقات تركيا وإسرائيل ؟

خطاب ناري لأردغان  أمس يتبعه سحب دبلوماسيين.. فهل تنهار علاقات تركيا وإسرائيل ؟

 

انتصار محمد حسين

 

ظهر أمس الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وألقى خطاباً لنصرة فلسطين أمام ملايين من الشعب التركي  في أجواء حماسية شديدة الغضب مما يلاقيه الشعب الفلسطيني من اعتداءات وحشية من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي

وتصاعد القتال في قطاع غزة ينذر بتداعيات واسعة على العلاقات بين تركيا وإسرائيل،

ففي الوقت الذي دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تل أبيب بـ”وقف هذا الجنون فورًا”، أمرت الخارجية الإسرائيلية بعودة الممثلين الدبلوماسيين من أنقرة.

 

خبراء دبلوماسيون يتوقعون

 

توقع خبراء دبلوماسيون ازدياد وتيرة التوتر في العلاقات الدبلوماسية التركية بإسرائيل بسبب ما يدور من مجازر في قطاع غزة

،وتلك المجازر أثرت على مسار التطبيع الراهن بين تركيا وإسرائيل،

فمن المتوقع أن يأخذ مدى زمني أكبر مما كان عليه قبل اندلاع الصراع بين إسرائيل وحماس،

لكنهم شددوا على أن المصالح العسكرية والاقتصادية بين الجانبين لن تصل إلى “حد القطيعة“.

 

بماذا صرح أردوغان في خطابه

 

جاء في خطاب أردوغان  تجاه تطورات الأوضاع في غزة، كل حدة وانذارات متتالية لإسرائيل إن لم تكف عن مجازرها ضد الشعب الفلسطيني

 

حيث قال في تجمع ضمّ مئات الآلاف من أنصاره في إسطنبول، السبت، إن بلاده “تقوم بالتحضيرات اللازمة من أجل إعلان إسرائيل مجرمة حرب أمام العالم”.

 

وأوضح أردوغان أن إسرائيل انزعجت من تصريحه بشكل كبير يفوق توقعاتها من تركيا من أن حماس ليست إرهابية  .

 

واضاف منتقداً أفعال قوات الاحتلال الإسرائيلي  وقال ندين اسرائيل   لأننا لسنا مدينون لها بعكس الدول الغربية“.

 

وأشار إلى أن “الجميع يعلم أن إسرائيل ليست سوى بيدق في المنطقة سيتم التضحية به عندما يحين الوقت”.

 

واكمل  قائلا:

“بالطبع لكل بلد الحق في الدفاع عن نفسه، ولكن أين العدل؟ ما يحصل في غزة ليس دفاعا عن النفس

بل مجزرة القصف الإسرائيلي التي تكثفت مساء الجمعة على غزة استهدفت مجددا نساء وأطفالا

ومدنيين أبرياء وعمقت الأزمة الإنسانية الحالية”.
تابع مخاطباً دول الغرب: “من كانوا يسكبون دموع التماسيح من أجل المدنيين في حرب اوكرانيا اليوم يشاهدون بصمت تام قتل الآلاف من المدنيين في غزة  مدللا بذلك أنه هناك ازدواجية في المعايير.

 

خطاباً أكثر حدة من أردوغان 

 

ويأتي موقف الرئيس التركي أكثر حدّة عن الأيام الأولى لهجمات حماس وما تبعه من رد إسرائيلي،

حيث وصف مراقبون موقف الإدارة التركية في هذا الوقت بأنه اتخذ مسار “التوازن الحذر

في التحركات الدبلوماسية لحل الأزمة ومحاولة لعب دور الوسيط، دون أن تتكبد خسائر سياسية من مواقفها،

خاصة لرغبتها في عدم تعريض التقدم بعلاقتها مع تل أبيب للخطر، وفي نفس الوقت الحفاظ على الدعم للقضية الفلسطينية.

 

لكن ذلك لم يدم كثيرًا، فسرعان ما تحول الأمر إلى انتقادات حادّة للجانب الإسرائيلي،

واتخاذ إجراءات على الأرض، منها إلغاء أردوغان خطط زيارته إلى تل أبيب 

 

قائلًا: “كانت لدينا خطة لزيارة إسرائيل لكنها ألغيت، لن نذهب.. لقد صافحت هذا الرجل (رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو)

كانت لدينا نوايا حسنة لكنه استغلها”.

 

وجاءت العمليات العسكرية الإسرائيلية

في وقت كانت تركيا تعمل فيه على إصلاح علاقاتها مع إسرائيل بعد سنوات من الجفاء.

 

رد فعل اسرائيل بعد الخطاب مباشرةً

سحب الدبلوماسيين الإسرائيليين

 

قال وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين إن حكومة بلاده أمرت بعودة الممثلين الدبلوماسيين من تركيا.

 

صرح وزير الخارجية الإسرائيلي على صفحته 

بمنصة “إكس”

: “على خلفية التصريحات التركية القاسية، أمرت بعودة الممثلين الدبلوماسيين من تركيا من أجل إعادة تقييم العلاقات الإسرائيلية التركية”.

 

كما سبق وأن رفضت تل أبيب تصريحات للرئيس التركي اعتبر فيها حركة حماس بأنها “ليست منظمة إرهابية”،

حيث كتب المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية ليؤور حياط عبر إكس: “إسرائيل ترفض بشدة الكلمات القاسية للرئيس التركي بشأن منظمة حماس الإرهابية”.

 

وأضاف “حتى محاولة الرئيس التركي اردوغان

الدفاع عن المنظمة الإرهابية وكلماته التحريضية لن تغير من الفظائع التي شهدها العالم أجمع”.

بينما قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري يوم الأربعاء: “سمعت ما قاله أردوغان.. حماس أسوأ من كونها منظمة إرهابية”.

 

تغيرات وتحولات الموقف التركي

و أوضح الخبير المتخصص في الشأن التركي، كرم سعيد، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”

، أن الخطاب التركي فيما يتعلق بتطور الأوضاع في غزة

وشهد تحولًا، فبينما كانت تركيا حريصة في بادئ الأمر على تبني خطاب متوازن،

وإعلان استعدادها للقيام بدور وساطة بين طرفي الصراع، جاء تصاعد القصف الإسرائيلي دفع أنقرة  لتغيير خطابها وتبني لغة أكثر تشددًا تجاه إسرائيل.

 

وأوضح مؤكدا   “سعيد” إلى أن خطاب أردوغان مرتبط بالأساس من غضب داخل تركيا ذاتها وخاصة من أنصار حزبه العدالة والتنمية.

 

وبالتالي فهناك رأي عام داخلي ضاغط على حكومته لاتخاذ هذا النهج، وتعزيز الحضور مجددًا في الشارع التركي.

 

و يعتقد الخبير المتخصص في الشأن التركي، أن “هذا الخطاب لا يصل إلى ذروة التشدد

، ففي النهاية هناك حرص تركي على تأمين المصالح مع الجانب الإسرائيلي، خاصة ما يتعلق بقطاع الطاقة والمصالح الاقتصادية”.

 

تقييم العلاقات بعد هذه التصريحات 

 

ولفت سعيد إلى أن خطاب تركيا المتصاعد في شدته إزاء إسرائيل، سيلقي بتداعياته وتأثيره على موقف العلاقات بين البلدين،

لكنها لن تصل إلى “حد القطيعة”، إذ سيكون التوتر هو العنوان الأبرز في تلك المرحلة، بالرغم من مغادرة البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية أنقرة قبيل ساعات .

وشدد على أن تأثير هذا الخلاف قد يتسبب في تأخير تنفيذ بعض مشروعات الطاقة

وعلى مستوى التنسيق السياسي والأمني، لكن في النهاية

فهناك حرص مشترك بين إسرائيل وتركيا على ألا تعود العلاقة لما كانت عليه قبل 2010.

 

مستقبل التطبيع في  العلاقات بين إسرائيل

 

هذا ما أوضحه   الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، بشير عبد الفتاح 

في تصريحاته بأن مسار التطبيع سيتأثر “مرحلياً” نتيجة التصاعد في المجازر الإسرائيلية على غزة وفي القطاع بأكمله .والذي لن يكتب له بأن ينتهي على الاطلاق.

 

وأوضح عبدالفتاح إلى  أن “العلاقات بين تركيا وإسرائيل أكبر من أي تصريحات، لأنها ولدت برعاية أميركية

ولن تسمح واشنطن بتدهورها أو انهيارها، كما أن هناك مساحة من حرية الحركة لدى كل طرف

لإظهار استقلالية أو موقف حاد، لكن دون التأثير على مستقبل العلاقات”.

 

وشدد الخبير المتخصص في الشأن التركي على أنه رغم التناحر الإعلامي الراهن بين أنقرة وتل أبيب 

 

فإن العلاقات الاستخباراتية والعسكرية والاقتصادية تسير بشكل منتظم”، بالنظر إلى أن خصوصية العلاقات الإسرائيلية التركية

أنها تفصل بين التصريحات الإعلامية ومسار العلاقات الفعلي وهذا ما أكدته الأحداث السابقة على مدار سنوات عديدة .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.