دع إنسانيتك تتقبلني
كثيرا ما نقابل أثناء تصفحنا لحوارات المدرجة تحت بعض التقارير والأراء وربما خواطر عامة على صفحات الفيس بوك والواتس آب أراد واضعها أن يعبر عن رأيه الخاص في موضوع ما أو حتى يثير جدلا يعني به الوصول لرأي أو إستطلاع آراء الناس وبالطبع نحن مختلفون وحياتنا أصبحت مليئة بالتفاصيل الكثيرة والمتباينة وكذلك ثقافتنا وإن لم نبرح أماكنا فهل هذا الإنفتاح على العالم وعلى شتى الأفكار والمعتقدات لم نكن مستعدون له بالدرجة الكافية لإستيعاب الآخر وتقبله مع الإحتفاظ بمعتقداتنا وآرائنا الخاصة وتطويرها بما تقتضيه هذه الحالة من الإنفتاح على الآخر.
جدل كبير وحوار مفتوح غرضه أن يبقينا على تواصلنا وحفاظنا على هوياتنا والمزيد من المرونة والإنفتاح على الآخر دون التورط في خلافات ،ومشاجرات عنيفة قد تفقدنا السيطرة على أنفسنا وكيف لنا أن نوازن بين حرياتنا وثقتنا بذواتنا وبآرائنا النابعة من خبراتنا الحياتية ونشأتنا وبين احترام الرأي الآخر وثقافة تقبل الإختلاف ،ولم يكن أمامي خيارا لأعطيكم ردا مناسبا عن تلك الأسئلة المطروحة وبطريقة علمية سوى الإستعانة بالمدربة سارة فريد مدربة حياة واستشاري علاقات أسرية معتمدة من الإتحاد الدولي للتدريب ICF
.أستاذة سارة فريد غالبا مدربين التنمية البشرية والطاقة يعمدون لتعزيز ثقة الفرد بنفسه والإعتزاز برأيه فكيف تتم الموازنة بين ذلك وبين تقبله للرأي الآخر وتقبله للإختلاف؟ هذا من جهة ومن جانب آخر ما هو تفسيرك لإعتبار الرأي الآخر لدى البعض والمخالف لآرائهم يمثل إعتداء عليهم وتهكم مقصود فينطلق مدافعا وبقوة للتصدي له؟
. أجابتنا أستاذة سارة كالتالي : سؤالك مهم جدا وموضوع شيق وشكرا لإختياراتك الرائعة وعشان نجاوب على هذه الأسئلة لابد من تأصيل بعض النقاط :أولا الثقة بالنفس ودور المدربين في تعزيز ثقة الفرد برأيه تعتمد على تقوية صلة الإنسان الحقيقية الفطرية التي فطرها الله على التسامح والسلام والتعاون والسعادة..وأن يتواصل بشكل أعمق الإنسانية والتي تتضمن وجود نقائص وضعف ،وتقبله لهذه النقائص على كونها طبيعة بشرية وليست عيبا أو شيء يخل بكيانه ويشعره بالدونية .فتصالحه مع ذاته وقبوله لهذه الجوانب هي الدافع الأول للتعامل معها بحكمة وليس من الحكمة أن أدعي كمالي وخلوي من العيوب والشعور بأني قادر على أي شيء وكل شيء فهذا خيالي وغير واقعي ،ولكن التجربة والعلم أكدا على كون تقبلي لضعفي والتصالح معه يعزز صلتي وإيماني بنفسي وبقدراتي وبمرونتي في إحتواء كل الظروف وذلك يجعله يتحول تدريجيا ليصبح من سمات الشخص ومميزاته.
أما فكرة رفض الرأي الآخر له حالات فإما أن يكون قد تراءى لي كونه غير صحيح بناء على دلالات معينة أو يكون رفض نابع من رفضي للطرف الآخر (فبرفضه وبرفض كل ما هو متعلق به)وهذا يكون لأسباب كثيرة منها:
أن يكون هذا الشخص يمثل مصدر تهديد بالنسبة لي وأشكال هذا التهديد متباينة فشعوري بالمنافسة منه على مكانة أو أي شيء ذا قيمة بالنسبة لي أو أن يكون الرأي أو الموضوع المطروح يعبر عن تجربة تمسني قد أكون عايشتها وتأذيت منها ولا أزال أعاني منه ويمثل ألما بالنسبة لي فأرفضه أرفض الخوض فيه وهكذا.
أما قبولي الرأي الآخر فهو نابع من إيماني الشخصي بإنسانيته وتقبل فكرة كون لدينا جميعا نقاط من النقص والضعف والتي تجعلنا ننفتح على العالم من حولنا بفضول معرفي يجعلنا نقدر إنسانيتنا وإنسانية من حولنا وننظر إليهم بأنهم كنز من التجارب والخبرات والمعرفة الإنسانية التي لابد من أنهل وأستزيد منها لأثري علاقاتي وخبراتي دون أن ينتقص هذا من قدر نفسي وكلما تبين أن رأيي قد يكون خطأ أو منتقص لا بأس من تصحيحه وتعديله بناء على خبراتي الجديدة والمكتسبه أحيانا كثيرة من خبرات وآراء الآخر.من هنا أستطيع أن أكون شخص واثق من نفسه ومن آرائه وفي نفس الوقت مقدرا لوجود الشخص الآخر بكل ما لديه من خبرات وآراء وهنا تحصل الموازنة.
شكرا أستاذة سارة لخبراتك التي منحتنا قبسا منها وشكرا لتوضيحك المسهب الذي ألفتنا لجانب من الممكن أن يكون كثير منا قد أغفله في نفسه فربما نشعر أحيانا برفض غير مبرر من أو لمن حولنا ولا ندري السبب ولكنا لابد وأن ننتبه أن شعورنا بالتهديد والغيرة والمنافسة قد تكون من الأسباب فلنلتفت ولنحاول أن نلتزم بالتحليل الموضوعي للآراء التي تطرح علينا ونحاول أن نناقش أنفسنا في صمت وبمصداقية في كوننا سنقبلها أو نرفضها ومن أي منطلق ولكن على أساس من التعقل لا التشبث والصرعة.