حين تصفو الحياة.. علامة رضا الله أم بداية غفلة؟

يا صاحب الحياة المثالية، انتبه قبل أن يمر الوقت

كثيراً ما تمر علينا أيام تبدو كأنها نسمة صيفية هادئة، تتفتح فيها أزهار السكينة، وتتدفق النعم بلا حدود، فنعيش في راحة وسلام ونعتقد أن هذا هو منتهى الرضا من الله، وتلك هي نعمة مطلقة، لكنها في الحقيقة قد تكون فتنة دقيقة للقلب واختباراً خفياً للنفس.

بقلم: ريهام طارق 

قد يغدق الله على عباده حياة مثالية، خالية من المتاعب والصعوبات، ولكن خلف هذه المثالية تكمن حكمة عميقة لا يلتقطها إلا المتأمل.

الراحة قد تكون سكينة مؤقتة، والصمت في بعض الأحيان دعوة خفية لمراجعة الروح واستشعار مكان الله في القلب، ليس كل هدوء علامة رضا، بل قد يكون اختباراً يفتح باباً للتساؤل: أين نحن من خالقنا حين تفيض النعم وتتسع الطرق؟

ينسى البعض أن العودة إلى الله ليست فقط في الضيق:

الغفلة قد تكون أقرب إلينا في لحظات الرخاء، المحن و الشدائد تزرع في القلب تذكرة دائمة بالله، تعيد الإنسان لجوهر حاجته، أما حين تغيب الشدائد، قد ينسى البعض أن العودة إلى الله ليست فقط في الضيق، بل أن حب الله ورضاه يتجلى في كل حال، سواء في السراء أو الضراء.

اقرأ أيضاً: أسرار بليغ حمدي بدار إقامة كبار الفنانين .. الحاضر الغائب

إن وجود النعم في حياتنا ينبغي أن يكون سبباً للتأمل، لنفكر إن كانت تلك النعم وسيلة لنعيد ترتيب أولوياتنا، فهل انشغل القلب بما بين يديه أم أنه لا يزال موصولاً بالله؟ علينا أن نراجع أنفسنا في أوقات الرخاء، وألا ننخدع ببريق الراحة، فقد تكون الحياة المثالية هذه باباً يحتاج منا أن نلجأ فيه إلى الله، قبل أن يمر الوقت و نكتشف أننا بعيدون عن درب الحق.

اقرأ أيضاً: محمد سامي يواجه تحدي كبير في الموسم الرمضاني 2025

يا من تنعم بحياة هادئة بلا منغصات، هل فكرت يوماً إن كانت هذه السكينة، سببها بعدك عن الله؟

في رضا الأيام، نسمع همساً خفياً يدعونا للتوبة وإعادة توجيه البوصلة نحو الله، فلا تجعل الراحة باب الغفلة، الله سبحانه يحب عبده أن يكون قريباً منه، يريد منه التضرع دائماً، ولكن حين تعيش في نعيم بلا شائبة، قد تخفي عن نفسك حقيقة أنك بعيد عن دربه، فما أبهى أن يوقظك الله، ولو كانت هذه اليقظة في صورة الآلام وضيق، فكل ألم هو رحمة، وكل ضيق هو رغبة من الله أن تعود إليه.

يبتلى الإنسان لأن الله يحبه:

أحياناً يُبتلى الإنسان لأن الله يحبه، ولأنه يرغب لقلبه أن يمتلئ بالإيمان، وأن يعيش صدق الرجاء والخشوع فـ الابتلاء ليس تضييقاً، بل هو سبيل لإيقاظ شوقك للعودة إلى الرحمن، حتى تصبح ممن يشعرون بـ حاجتهم إلي الله في كل لحظة.

وأحياناً، عندما يرى الله أن عبده قد انصرف قلبه بتعلق بأمر آخر، و اضطرب ايمانه، يبتليه لـ يزيل عنه وهم التعلق ويعيده إلى الحق، فالله سبحانه يغار على قلب عبده، و يريده أن يعود إليه بكل جوارحه، و أن يكون حبه و تعلقه خالصين له وحده؛ فلا ملجأ للعبد إلا إليه، ولا ملاذ إلا برحمته.

إذا، لا تحزن حينما تُبتلى، فالابتلاء ليس بعيداً عن رحمة الله، بل هو رسالته لك، علامة على الحب:

وأنت، يا من لم ترزق بمحنة، وتعيش حياة هادئة خالية من الابتلاء قف وتأمل، هل غياب الشدائد عنك نعمة أم رسالة تدعوك لمراجعة ذاتك؟ أين قلبك من الله؟ فقد يكون هذا السكون ليس علامة رضا، بل اختباراً لخفايا نفسك.

توقف الآن، وابحث في أعماق روحك، فقد يكون الوقت قد شارف على التأخر.

اللهم رضاك ورحمتك بنا يا الله، اللهم امنحنا قلوباً تعود إليك في الرخاء والشدة، و املأ أرواحنا حباً لك في كل حال.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.