كريم عبد السلام يكتب المصالحة الفلسطينية والعدوان الإسرائيلى

ستظل القضية الفلسطينية هى القضية المركزية العربية الأولى بالنسبة لمصر، فالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967، أحد الثوابت بالنسبة للسياسات المصرية منذ عقود، حتى فى أحلك اللحظات التى شهدت انقسامات الفلسطينيين وتآمرهم على قضيتهم الوطنية، وتآمرهم على أمن وسيادة الدول العربية المساندة ومنها مصر.

وفى هذا السياق، تأتى الجهود المصرية لكبح العدوان الإسرائيلى على غزة، ومنع انهيار الأوضاع إلى حرب جديدة، قد يراها نتانياهو حلا للخروج من مأزقه السياسى الداخلى، ولمواجهة ما تحقق على الأرض من مصالحة فلسطينية، فى ظل رغبة المجتمع الدولى فى التوصل لتسوية سياسية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، وفقاً لمقررات الشرعية الدولية، الأمر الذى من شأنه المساهمة بفعالية فى استقرار منطقة الشرق الأوسط وتحقيق الأمن لكل شعوبها.

الموقف المصرى المناصر للحق الفلسطينى فى إقامة الدولة المستقلة وفق مقررات الشرعية الدولية يظل صوتا عاليا ينحاز للعدالة فى وقت تحاول دول كبرى، وفى مقدمتها الولايات المتحدة، فرض قانون الغاب من جديد وتجريف قرارات الشرعية الدولية، وإضفاء شرعية زائفة على الاحتلال الغاشم، بما يعنى مزيدا من العنف وإراقة الدماء فى الشرق الأوسط، وليس صحيحا ما أعلنته نيكى هايلى المندوبة الأمريكية فى الأمم المتحدة من أن الدول العربية لا تبذل الجهود الكافية لدعم عملية السلام فى الشرق الأوسط.

وإذا كانت المندوبة الأمريكية بالأمم المتحدة تظن أن إقرار السلام فى الشرق الأوسط يعنى التسليم بالعدوان الإسرائيلى على الأراضى الفلسطينية، ودعم مشروع الانقسام الفلسطينى إلى رام الله فتح وغزة حماس ومنع أى خطوات على الأرض تسمح بتوحيد القرار الفلسطينى، فإن هذه المقومات الأمريكية للسلام الزائف لا تعنى فى حقيقة الأمر إلا الحرب الدائمة بين الفلسطينيين والعرب من ناحية والإسرائيليين من ناحية أخرى، فالإسرائيليون مهما ظنوا أن ميزان القوى فى المنطقة مائل لصالحهم لن يستطيعوا تحقيق مشروعهم العدوانى بإقامة دولة يهودية دينية على كامل الأراضى الفلسطينية المحتلة، والفلسطينيون من جانبهم لن يستطيعوا إلقاء إسرائيل فى البحر الذى جاءت منه سفن المستوطنين الأوائل.

الحل المصرى يقوم على توحيد الفلسطينيين وتجاوز مرحلة الفصائل والكيانات المتناحرة فى رام الله وغزة، تمهيدا لتشكيل فريق تفاوضى قوى يمكنه الجلوس مع الجانب الإسرائيلى فى أى محادثات مقبلة، تستند إلى قرارات الشرعية الدولية الخاصة بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو 1967.

وفى المقابل تمعن سلطة الاحتلال الإسرائيلى فى تقويض جهود السلام وتواصل ارتكاب الجرائم بحق الفلسطينيين وسط صمت العالم، فقد سرعت وتيرة الاستيطان وطرد الفلسطينيين من الضفة الغربية، ودعت متطرفيها إلى اقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه بانتظام، واحتلال أجزاء منه لإقامة الشعائر اليهودية، بزعم وجود هيكل سليمان أسفل الأقصى.

كما تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلى سياسة التجويع ضد الفلسطينيين الرافضين لقرار ترامب بوحشية ممنهجة، فهى تمنع مراكب الصيد من العمل أمام سواحل غزة، ومن يخالف تطلق النار عليه دون إنذار، بهدف حرمان أهالى القطاع من أحد أهم مصادر الرزق، وتفعيل دعوة وزير الدفاع الإسرائيلى ليبرمان بمقاطعة كل المناطق العربية ومنتجاتها فى الضفة الغربية وعدم الشراء منها، مما يعنى خنقها اقتصاديا وتجويع سكانها.. وللحديث بقية.نقلا عن اليوم السابع

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.