مديحة يسري قبل وفاتها مش خائفة من الموت ومصيري الجنة

جميع الفنانات ينادونها بـ«ماما مديحة» لأنها تمثل لهن جميعًا رمزًا من الزمن الجميل ينير طريقهن في رحلتهن الفنية الحالية بفضل خبراتها الفنية. القوة والقناعة والكبرياء هم حصن الفنانة مديحة يسري خلال مسيرتها الحياتية والسينمائية، استطاعت بها أن تبني نفسها بعد كل صدمة أو محنة كادت أن تعصف بها في رحلة الحياة، وذكاؤها مكنّها من اختيار الوقت المناسب لاعتزال الفن بعد عمل سينمائي ما زال حيًا في وجدان السينما المصرية وهو فيلم «الإرهابي»، وهي منذ فطرتها تمتلك من الروحانيات ما جعلها تتنبأ بما سيحدث فيما بعد، وفقا لاعتراف أحد أزواجها. مديحة يسري أو سمراء النيل كما يلقبها الكثيرين عاشت 97 عاما ورحلت عن عالمنا في مُستشفى المعادي العسكري بعد صراع طويل مع المرض، وكانت الراحلة قد بدأت رحلة علاجها منذ عامين، حينما أصيبت بوعكة صحية، نُقلت على أثرها لأحد المستشفيات الخاصة بالقاهرة، حيث كانت تعاني من أمراض عدة منها التهاب في المثانة وآلام في العظام وجلطة في الساق، بجانب ارتفاع في درجات الحرارة، التي وصلت إلى 40 درجة مئوية في بعض الأحيان، نتيجة تركيب قسطرة، وتورم في الوجه، وتم نقلها قبل أشهر إلى أحد مراكز التأهيل التابعة للجيش لعمل جلسات علاج طبيعي حتى يمكنها الحركة بعدما فقدت القدرة على ذلك. بدأت الراحلة مسيرتها الفنية عام 1940، وأنهتها برغبتها حينما قررت الاعتزال عام 2004، بعدما قدمت أكثر من مائة عمل، تنوعت ما بين الكوميدي والتراجيدي والرومانسي، ورغم أنها ابتعدت عن الأعمال الفنية، فإن حبها ظل في قلبها، فكانت تأمل أن تتحسن حالتها الصحية بعدما أصابتها أمراض الشيخوخة، لتعود مرة أخرى لكتابة المقالات ومذكراتها الفنية لكنها لم تتمكن من ذلك بسبب رحيلها، وكانت القديرة في لقاءاتها الإعلامية لا تخفي عن جمهورها أسرارها الفنية، فكانت تبوح بما لديها من أحداث شخصية وأخرى خاصة بعلاقاتها بزملاء مهنتها. – «ادعولي عشان أفرح» آخر ظهور إعلامي للفنانة الراحلة كان في نوفمبر الماضي من خلال شاشة قناة dmc، وكانت متبسمة راضية بقضاء الله وقدره، ومتمسكة بالحياة، حتى طالبت جمهورها بالدعاء لها، قائلةً: «عاوزة أطمن جمهوري اللي بيحبني وأنا بحبه أكتر، بس يدعولي كدا إني أقدر أقوم وأمشي، عشان لما أقوم أعمل لهم حاجات حلوة، وأكتب لهم مقالات، لما همشي على رجليا هما هيفرحوا وأنا هفرح كمان»، مطالبةً الفنان حسين فهمي بالسؤال عليها، لأنها تحب سماع صوته، وتعتبره صديقا مقربا منها، ولكنه لا يسأل عنها وعن صحتها وقالت له: «وحشتني يا حسين وعايزة أشوفك»، ووجهت الشُكر في نفس الوقت للفنانة يسرا والفنانة نبيلة عبيد لسؤالهما المستمر عليها. – ذكائي دفعني للاعتزال ذكاء مديحة يسري مكنّها من اختيار الوقت المناسب لترك الأضواء والشهرة لغيرها؛ حيث أعلنت اعتزالها الفن قبل أن يشتد عليها المرض، حسبما أوضحت في أحد لقاءاتها الإعلامية، مشيرة إلى أنها اعتزلت الفن وقررت ألا تعود إليه مستقبلًا، خاصة بعد تقديمها فيلم «الإرهاب»، الذي عُرض قبل أكثر من ٢٣ عامًا، موضحةً: «أنا إنسانة عندي ذكائي، وهو قالي إن آخر حاجة أعملها هو الفيلم ده، لأنه بيخدم الدولة وإني مش هعمل حاجة تاني أفضل أو أحسن منه بعد كدا، وتاريخ حياتي لو عاوزينه أنا هقوله في مسلسل سمراء النيل». – «الفن ما بقاش فن» عندما سُئلت مديحة عن تقيمها للوسط الفني، كانت إجابتها أكثر إيضاحًا لما وصل إليه هذا الوسط من تخاذلٍ عن ممارسة دوره في الرقي بالمجتمع، إذ قالت في لقاء إعلامي: «مكسوفة أقول إن الدنيا سيئة، الفن ما بقاش فن، بقى اسمه ناس بتلعب وبتعمل اللي هي عايزاه، مافيش حاجة فيها ثقافة أو كرامة أو نصائح للشباب أو ليها هدف أدبي أو ثقافي، مصر كانت أجمل زمان، فكان فيه احترام للشخصية والصداقة والحب بين الأصدقاء والخوف عليهم، المشاعر دي راحت، ماعدش فيه حب وصداقة زي الأول، فين الانتماء للبلد والثقافة؟ أرجوكم نرجع زي زمان نحترم البنت في الشارع والست في البيت، مافيش فنانين دلوقتي كلهم في بيوتهم، أنا بفتح التليفزيون طول اليوم مش بقدر أقف على محطة إلا لما ألاقي فيلم ليا، بتعصب وبخاف على هذا الجيل ابن مصر اللي لازم يشوف حاجة كويسة في الأجيال اللي فاتت عشان يتعلموها». – هكذا كنت أكتشف خيانة زوجي خاضت الراحلة تجربة الزواج خمس مرات، انتهت بالفشل، لعدة أسباب، كشفت عنها في مارس 2010، خلال لقائها مع الإعلامي محمود سعد، إذ قالت: «كنت زوجة شديدة ومسيطرة جدًا، كنت عشان أكشف إن زوجي بيخوني ولا لأ كنت بلبسه الفانلة بالمقلوب، عشان لما أرجع ألاقيها عدلة أكتشف إنه بيخون، كل أزواجي خانوني مع ثلاث فنانات وأنا عارفاهم، أنا كنت ست قوية ولدي شخصية وعزم»، وأضافت: «قوتي جعلتني لا أغير من أحد سواء من راجل أو ست، أو أزعل من حد، فهذا طبعي، وليس لدي أي نوع من الحقد، ولا عمري اتخانقت مع أزواجي اللي خانوني، وبعد موت زوجي الشيخ إبراهيم سلامة الراضي توقفت عن الزواج». كان لمديحة علاقة قوية بربنا، وفق ما قاله الشيخ إبراهيم سلامة عنها ـأحد أزواجها الخمسة- فكل رؤية أو حلم تراه في منامها يتحقق على أرض الواقع، ولذلك كانت تقول على نفسها: «أنا شخصية مش طبيعية، وقت ما أقول أني عايزة فلوس كانت الفلوس تبقى موجودة». – عقدة أزواجي تعتبر الخيانة هي المدمر الحقيقي لكل قلاع الحب التي شيدتها مديحة لأزواجها، فقد تحدثت عن ذلك في لقاء إعلامي تحدثت فيه عن خيانة زوجها المطرب محمد فوزي، وروت تفاصيل ذلك قائلة: «قلت له خلاص انتهى الموضوع، كنت صابرة عشان أنا بحبه وكان بيعاملني كويس، وكنت بقول دي نزوة من النزوات وهتعدي، ولكن جاءت واحدة من اللي خانوني وقالت لي فوزي كان معايا النهاردة في السويس وأنا اتأكدت من الكلام ده.. وقرار الانفصال كان في منتهى البساطة اللي في الكون، وبعد ما المأذون مشي، عزمت فوزي في الأوبرج، ومازلت أحبه لحد دلوقتي»، مؤكدة أنها لم تندم على أي قرار اتخذته طوال حياتها. – مش خايفة من الموت ومصيري الجنة كانت مديحة تعلم أن خاتمة أعمالها ستكون جيدة وأن مصيرها الحتمي سيكون الجنة، لأنها تقربت إلى ربنا بأداء مناسك الحج أكثر من مرة، وتربية الأيتام وغيرها من أعمال الخير، وقالت ذلك في لقاء إعلامي أجرى معها، إذ أوضحت: «حجيت ست مرات وعملت 17 عمرة، وبربي بنت يتيمة، وابني عمرو 27 سنة صدمته عربية لوري، وراح فيها، والمفتي السابق علي جمعة، قال لي عمرو مستنيكي على باب الجنة بأفعالك، وبالحادثة اللي راح فيها، وأحب لما أروح الجنة أقابل كل اللي بحبهم». – أحمد سالم أكثر شخص حبني يعد زوجها أحمد سالم، هو الزوج الوحيد الذي لم يطعنها بـ«سكاكين» الخيانة كما فعل الأربعة الآخرون، ولذلك عند تحدثت عنه قالت: «ماخنيش ولا برمش عينه، ولحد آخر دقيقة في حياته كان ينادي على اسمي.. فالتربية بتفرق أوي، وجميع من تزوجتهم أحبوني». – أسرار أم كلثوم كلها معايا كانت مديحة هي المفتاح الذهبي الذي يغلق على أسرار كثيرة من حياة كوكب الشرق أم كلثوم؛ إذ كانت الأخيرة تحبها بشدة، وخير دليل على ذلك، ما قالته مديحة عنها: «أم كلثوم كانت تحبني كثيرًا، في أحد أعياد ميلادي غنت لي لحد 6 الصبح، كانت بتقولي كل أسرارها حتى العاطفية كمان، لكن أنا مش بحكي عن حياتي لحد.. وكبريائها كان يمنعها أن تستشير أحدا في أغانيها، ولمتها كثيرًا لما اتجوزت من ملحن نظرًا لقيمتها دوليًا، وبعد أسبوع تطلقا». – هكذا بدأت حياتي بعد التأميم تحدثت مديحة عن نفسها، قائلة: «أنا كونت نفسي بنفسي وكرامتي فوق كل حاجة، كان عندي ثقة في نفسي وكل يوم هذه الثقة تزداد عن اليوم اللي قبلها، فيلتي اتأممت واتباعت بـ25 ألفا لرجل أعمال سعودي متزوج من مصرية، وخرجت من الموضوع بدون أي شيء، ولما روحت الفيلا عشان آخد متعلقاتي الشخصية، لم أجد بها أي حاجة سوى صورتي التي رسمها لي صلاح طاهر، ولما أصر الأمير السعوي على منحى أي شيء أريده، طالبته بمصحف يمتلكه، أول صفحة فيه مكتوبة بمية الذهب، فأرسله ليا تاني يوم، وكان عندي شقة كبيرة كنت عملاها مكتب حولتها لبيت وقعدت فيها، وبعت مجوهراتي، وبعدها حضرت مناسبة في سفارة الكويت وبعد ذلك طالبني بتوريد أعمال شركة الأسطوانات إلى دولته، وبعد ذلك بفترة أرسل لي عقدا بـ10 آلاف دينار، وانتشرت أعمالي في باقي الدول العربية». – وفاة ابني كانت صدمة تسببت وفاة عمرو في شبابه بصدمة لمديحة، وعن ذلك قالت: «مررت بأزمات وصدمات كثيرة جدًا ولكن أصعبها هو فقدان ابني وبنتي في حادثة عربية، كان شابا مؤدبا جدًا، لما عرفت خبر موته قولت: (وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)». رحيل سمراء النيل عن حياتنا لا يعني أنها ستكون في ذاكرة النسيان؛ فهي ستظل حاضرة في ذاكرة الشعب المصري بفضل أفلامها التي أثرت بها السينما

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.