مسرح الطليعة: ستون عامًا من التجريب والابتكار فى المسرح المصرى

 مسرح الطليعة: ستون عامًا من التجريب والابتكار فى المسرح المصرى

تغطية و تقرير_أمجد زاهر 

في إطار فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي في دورته الثلاثين، نظم مسرح الطليعة جلسة حوارية تحت عنوان “60 عام من مسرح الطليعة”، لاستعراض تاريخ وإنجازات وتحديات هذا المسرح الفريد من نوعه في الساحة المسرحية المصرية والعربية.

تولى رئاسة الجلسة الدكتور سامح مهران، رئيس مهرجان القاهرة، وأشرف على إدارتها الناقد محمد الروبي، وشارك فيها: الدكتور سيد علي، والناقد محمد علام، والدكتور محمود سعيد، والمخرج عادل حسان، مدير مسرح الطليعة.

 تاريخ مسرح الطليعة

بدأ الناقد محمد علام حديثه بالإشارة إلى أن مسرح الطليعة يعتبر أول مسرح تجريبي في مصر والوطن العربي،

فقد تأسس عام 1957 باسم “مسرح الجيب”، اقتباسًا من تجارب مسارح أوروبية صغيرة تستخدم فضاءات غير تقليدية لإقامة عروضها.

وأضاف أن مسرح الطليعة كان دائمًا يسعى لتقديم سياسية مختلفة في المسرح،

فقد قام بإثارة الجدل بتقديم أعمال صادمة أو كلاسيكية بأسلوب جديد، وكان يتابع باهتمام التطورات المسرحية في أوروبا،

وكان يستضيف كثيرًا من المخرجين والفنانين الأوروبيين لإثراء خبراته.

وأشار إلى أن مسرح الطليعة كان يفضل تقديم أعمال أجنبية على أعمال عربية لفترة طويلة، حتى قام سعد أردش وكرم مطاوع بإدخال التغيير في هذه السياسية بعد عودتهما من بعثات دراسية في أوروبا، حيث قاما بتقديم أول نص عربي على خشبة مسرح الطليعة لكاتب جزائري هو “الزائرون” لإدريس شرايبي، وكان نصًا ثوريًا ضد الاستعمار، وذلك بعد حرب 1967 التي أثرت على الوعي السياسي للفنانين.

 تجارب مسرح الطليعة

وقد تحدث الدكتور محمود سعيد عن بعض التجارب المميزة التي قدمها مسرح الطليعة على مر السنين،

وكيف استخدم الموروث الشعبي كمصدر للإبداع والتجديد في المسرح. وقال: “إن مسرح الطليعة كان يتميز بالتجريب والابتكار، فهو ينطلق من القلق الذي يولد الوعي، وهو يستفيد من الموروث الشعبي الذي يعبر عن حالة إنسانية، وهو يحترم حقوق الكاتب والمخرج والمؤلف في التعبير عن رؤاهم”.

وأضاف: “إذا نظرنا إلى تجربة مسرحية “يا طالع الشجرة”، التي قام بإخراجها سمير العصفوري، نجد أنها تستند إلى أغنية شعبية تحكي عن معاناة الفلاح من الجوع والعطش والفقر، ولكن المخرج قام بتحويل هذه الأغنية إلى رقصة ديسكو،

في محاولة للتعبير عن التفاوت بين طبقات المجتمع، وهذا أثار انتقادات حادة من قبل النقاد، لكنه أظهر جرأة وابتكارًا في التعامل مع المادة المسرحية.

أما تجربة المخرج سمير العصفوري في مسرحية “الزير سالم”، فقد كانت تجربة رائعة في استخدام الموروث الشعبي كمصدر للإلهام، فقد استخدم المخرج عناصر من السامر والصولجان والشعبولة لإضفاء طابع شعبي على المسرحية، وكسر بذلك التقاليد المسرحية المألوفة”.

 

تحديات مسرح الطليعة

وقد تطرق الدكتور سيد علي إلى بعض التحديات التي واجهت مسرح الطليعة على مدار تاريخه، وكيف تغير دوره ومكانته في المشهد المسرحي المصري.

وقال: “إن مسرح الطليعة هو بوتقة التجريب المصري، فهو يضم فنانين من مختلف التوجهات والاتجاهات، وهو يستقبل كثيرًا من التجارب المسرحية من دول أخرى.

لكن هذا لم يمنع أن يتعرض للهجوم من قبل بعض الأطراف، التي اتهمته بأنه يضيع المال العام أو أنه يقدم أعمالًا أجنبية لا تناسب ذوق الجمهور أو أنه يخالف القيم والأخلاق”.

وأضاف: “إن مسرح الطليعة كان يواجه صعوبات في إيجاد فضاءات مناسبة لإقامة عروضه، فقد اضطر في بدايته إلى استخدام حديقة الأزبكية، ثم قام سمير العصفوري بإنشاء قاعة صغيرة داخل المسرح، وسماها باسم صلاح عبد الصبور تكريمًا له،

لكن هذه القاعة كانت تواجه مشاكل في التصميم والترخيص، وكان يجب على المشاهدين أن يتحملوا ازدحام وانتشار الباعة الجائلين في منطقة العتبة للوصول إلى المسرح”.

 مستقبل مسرح الطليعة

وفي ختام حديثه، تحدث المخرج عادل حسان عن رؤيته وخططه لمستقبل مسرح الطليعة، وكيف يسعى لإعادة إحياء روح التجديد والابتكار في هذا المسرح.

وقال: “منذ توليت مسئولية مدير المسرح، كان هدفي جذب الجمهور إلى مسرح الطليعة، وإظهار دوره التثقيفي والفني في المجتمع.

لذلك قمت بإطلاق بعض المبادرات والبرامج التي تستهدف شرائح مختلفة من الجمهور، خاصة الشباب.

من أبرز هذه المبادرات هو إعادة تأسيس نادي مسرح الطليعة، الذي يضم آلاف الشباب المهتمين بالمسرح، والذي يقدم لهم فرص التدريب والتأهيل والمشاركة في عروض مسرحية.

كما قمت بتقديم عدد من العروض المسرحية التي تنوعت بين الكلاسيكية والحديثة والشعبية، والتي تعكس تنوع وثراء مسرح الطليعة.

كما قمت بتنظيم بعض الورش الهامة، مثل ورشة الحكي، التي تهدف إلى تنمية مهارات الإلقاء والتواصل لدى الشباب.

وأخيرًا، أتمنى أن يحل مشكلة الفضاء المسرحي، وأن يجد مسرح الطليعة مكانًا يليق به وبتاريخه وبجمهوره”.

وفي نهاية الجلسة، شكر الدكتور سامح مهران جميع المتحدثين على مشاركتهم في هذا الحوار الهادف، وأثنى على دور مسرح الطليعة في تاريخ المسرح المصري، وأشاد بجهود المخرج عادل حسان في إدارة المسرح وتطويره. وقد لاقت هذه الجلسة اهتمامًا وإقبالًا كبيرين من قبل الجمهور، الذي أبدى تقديره وإعجابه بمسرح الطليعة وتجاربه.

 

أمجد زاهر فى مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ال30
أمجد زاهر فى مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي ال30
قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.