هجرة القُلوب إلىٰ اللّٰه

هجرة القُلوب إلىٰ اللّٰه

 

بقلم: وئام أحمد إمام.

 

وكأن الوقتَ يَمضِي بسُرعَةٍ أكبرُ كُلمَا تقدمنَا فِي العُمر، فتزهُو السنوَات بمَا تحملهُ لنَا مِن خيرٍ وعطَاء ثم ننتقِل بينَ مَحطَات الحيَاة ونحنُ نَرمُق مَا مَضىٰ مِنها..

افتح عَينكَ لِترىٰ وَقَلبكَ لِتُحِب وَعَقلكَ لِتُفكِرَ، كُن أَنْت المِساحَة البيضَاء فِي حَيَاةِ مِن حولِكَ بأخلَاقِكَ، قَدِم بَاقة وَردٍ لمَن تُحِبَ ثُمّ ابتَسِم لَه مِن قَلبِكَ فَهَذَا لَن يُكلِفكَ شَىْء، وتفنَن فِي إسعادِ مَن حَولِكَ ثُمّ حَاوِل أَن تَلحَقَ بالقِطارِ قبلَ مُغادرَةِ المَحَطةِ.

 

لاَ تُقْلقْ….
اذَا قَل العَدل وَكثُرَ الظُلم وعَبِسَت بِوجهِكَ الحَياة، قِف وفتِش بدَاخِلكَ فستَجد نَفسك أكبر مِن أَمْس بَل إنك ليسَ لكَ مَثِيل أوَ نَظِير،
ثم تعرَف عَلىٰ قُدرَاتِ نفسِك بِنفسِكَ واجعَل مِظلة عَقلِكَ مَفتُوحَة دَائِمًا ثم ارسِم لِنفسِكَ طرِيق يَسير عَليهِ الكثِيرُون.

فبرَكةِ العُمر تأتِي مِن حُسن العَمل، ومَع مُرُور الْوَقْت نَكتشفتُ حقِيقة أننا لدينَا يَدَان يَد نسَاعد بهَا أنفسنَا والأخرىٰ نسَاعد بهَا الْآخَرِين،
فلتكُن مُختَلف وأمنَح السَعَادة لِمَن تُحِب وارتَقِي بفكرِكَ كَي لَا تسقُطَ فِي القاعِ وَليَكُن الدُعاءَ هُو حُب دُونَ مُقابِل.

 

حَاول أن تضَع قليلًا مِن العَاطفة عَلىٰ عَقلِكَ كَي يَنضج ثُم يَلين مهما كَان عُمرك ثم ضع قليلًا مِن العقَل عَلىٰ قلبِكَ كَي يَستقِيم مهما كان فِكرك وتذكَر أن مَا بَينَ هَمٍ وسُرُورٍ سَتمضِي بنَا الحيَاة، ثم اجْعَل أنَاقة أخَلاقِكَ وتَنسِيق الحَدِيث أجَمَل وأرقىٰ مِن أنَاقة وتَنسيق شَكْل وَلونَ الرِدَاء فأنتَ قَوىٌ بِذَاتِكَ فإمَا أَنْ تَكُونَ أَوْ لَا تَكُونُ.

 

تعلم فَن التَّأَمُّل فِي كُلِ شَىء يَدُور حَولك،
والحِكمة الْإِلَهِية مِن المِحن التِي هِي فِي واقِع الأمرَ رِزق، فالقَدر يَتغير بالمُنَاجَاة فِي ظُلماتِ اللَّيْل، تَحدث مَع رَبك أخبِره بكلِ مَا يَدور فِي خُلدِك ثم ابعث دَعواتٍ صَادقة لأحبَائِك فهي الإرث الذِي سَيبقىٰ لك بعد رحِيلك بل سَيقُص عليهم مآثِرك وستظَل سِيرتك يُعطِرها المِسك لسنواتٍ وسنوَات فالجَسدُ يَبلىٰ والأثرُ يَبقىٰ.

 

فطُوبىٰ لِمَن يَستطِيع الإحتفَاظ بشبَاب قلبِهِ حتىٰ وإن أصبَح جَسدهُ كهلًا وشُعيرات رَأسه تكَحلت بالشيب، فالعِبرة ليسَت فِي معرِفة النَاس وَلَكِنْ فِي الإحسَاسِ بِهِم، وَألا نُعِير اهتمَامًا بمَا يقُولُون بقدرِ مَا نُلاحِظ أفعَالهم عَن كَثب.

 

تعلم أن تُقدِم عقلك كصَدقةٍ جَارية دُون قيدٍ أَوْ شَرْطٍ، بل وتتَغلب عَلىٰ أوجاعِك بالضَحكِ وبالابتِسَامَةِ تَارة وبالبكاء تارة أُخرىٰ، اصمُت وامتَنِع عَنِ الحدِيث إذَا رَغبت، تحدث إذَا استطعت، المكان الذي لا تجِد نفسك فيه ارحَل مِنه، لا تُجادل السفِيه ولا تُناقش الكذَاب، لا تُبرر لأحد ما تفعله أو ما تقوله فأنت حُر مالم تضُر، ثم عَاتِب مَرتين إذا كَان الشَخص يستحِق وإذا كان الألم مِنه يُرجىٰ شِفاءهُ ولكن إذا خَذلك أو طَعنك أو كسر خاطِرك، فلا تُرهق نفسك بالنظرِ له وفِي أمان اللّه بل افتح لهُ البَاب واغلقهُ بهدوءٍ ثم اجلس واحتسي فنجان القهوه مع قطعة الشوكولا.

 

وتذكر أنني وأنت وهم، غَارِقِين فِي نِعمٍ لَا حَصرَ لهَا فلنُحسِن الظَن باللّه يُنبت لنا مِن قَسَاوةِ الأيامِ وردًا، فالدقِيقَة التِي تَمرُ علينَا دُون ألمٍ نَحمِد اللّه عَليهَا دهرًا فالحَيَاة قصِيرة ولكِنها جَمِيلة بوجُودِ اللّه.
فالعُمر الذهبِي أمَامنَا وَلَيْس ورائنَا، وإن طَال بنَا خرِيفُ الحيَاة فمَا زَال فِينَا رَبيعُ العُمر.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.