وستمضِي بنَا الحيَاة….

وستمضِي بنَا الحيَاة….

 

بقلم: وِئام أحمد إمَام

مَعَ بِدايَةِ كُلَّ يَوْمٍ اِبْتَسَم فكلُ همٍ أَنْتَ فِيهِ زَائِل ثُمَّ اصْنَعْ معروفًا وَلَوْ كَانَ بإبتسَامةٍ بسِيطة فَإِنْ أثَرَ الْمَعْرُوفِ دَينٌ سَيُرد لَك فِي هَذِه الدُّنْيَا التِي تُحب الْمُعَانِدِين لَهَا بل وتهبهُم بِقَدْر عِنادِهم رؤية ثَاقِبة فلكُلِ مُتوقعٍ آت، فَأَنْت تَحْت سَماءٍ يَعْتَلِيهَا الرَّحْمَن الرَّحِيم الرَّزَّاق الْوَهَّاب الْغَفُور فاطمئن.

 

حِين نعتَادُ النِّعَمُ لَا نلحظَها بَل نبحثُ عَمَّا يَنقُصنَا بِنَهمٍ وبشعورٍ بِالنَّقْص لَا شعورٍ بِالرِّضَا؛
فَحَمِدًا لِلَّهِ عَلَىٰ نِعَمِةِ الْبَصِيرَة الَّتِي تَجْعَلْنَا نَرىٰ أَلْوَان الدُّنْيَا ثُمَّ نَحْمَدُ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ مَا منَحنَا إيَّاه لنَستيقِظ غدًا وبِعَوْنِ اللَّهِ نَسعىٰ بِسَعَادَةٍ وَقَنَاعَةٍ وَرَاء أَحْلَامِنَا المُخملِية وَكُلُّنَا يَقِين بِأَنَّهَا سَتَتَحَقق وستمضِي بنَا الحيَاة.

 

دَعَوْنَا نَرىٰ أَنَّ الْيَوْمَ أَجْمَل لَيْس بِمَا يَحدُث فِيهِ بَلْ لِأَنَّك رَفعَت كُلُّ مَا فِي قَلْبِك لَيْلَةِ الْبَارِحَة إلَىٰ اللَّهِ حَتَّىٰ إذَا كَانَ حِملُك ثَقِيل وَلَكِنَّ اللَّهَ لَا يُثقِلهُ حِمَل شىء؛ بَل وَسَأَلْتُهُ عَنْ بَعْضِ الْأُمُورِ وَاستَخرتَه بأُخرىٰ وَشَكَوْت لَهُ بَعْضَ الْهُمُوم؛
فَكَيْف لَا يَكُون الْيَوْمَ أَجْمَل وَقَد وَكَّلَت قَلْبِك لِلَّهِ الَّذِي حَمَلَ الدُّنْيَا كُلُّهَا فَكَيْفَ لَا يَحْمِلُ هَمَّك! ثم انْطَلَقَت مُنْذُ الصَّبَاحِ لتسعىٰ بقلبٍ صافٍ مِنْ الْهُمُومِ وَالْأَوْجَاع.

 

حَاوِلُوا ولو لبُرهةٍ أَنْ تَكُونُوا رحِيمِين مَعَ كُلِّ مِنْ تُقابِلُونهُم
فَهُنَالِك مَعَارِك خَاضَهَا الْأَشْخَاص فِي الْحَيَاةِ قَدْ خَرَجُوا مِنْهَا ببسَالةِ الْإِبْطَال حتىٰ وَصَلَّوْا لِمَرْحَلةٍ مِن الهُدُوء وَالسُّكُون الَّذِي تَرَاهُم عَلَيْه،
ولكِن هُنَالِك مَعَارِك أُخرىٰ يَخُوضُونهَا مَعَ أَنْفُسِهِمْ قَد يُبهِرك إن عَرَفْتُهَا ثَمَّ تَعْلَمُ أَنَّهُم قَادِرُون علىٰ مُقَابلتِك بإبتسَامَهٍ ظَاهِرهَا مُشرِق وبَاطِنها مُبكِي.

 

فُهِمَ مِنْ يَعْتَرِفُون بأخطَائِهم فَلَا يُكابِرُون بِسُوءِ ظَنِّهِم بَل يُؤْمِنُون بِأَن الْبَشَر خَطَائِين وَيَتَرَاجَعُون عَنْ كَلَامِهِمْ لإيمَانِهم بِأَنَّهُمْ لَيْسُوا كُتُب سَمَاوِيَّة حَتىٰ لَا تُحرَف فَقَد أَغْلَقُوا بَابَ سُوء الظَّنِّ بِفَتْحِ بَابِ الْعَتَب وَالِاعْتِذَار بِشَرْط
إلَّا يُنقِص مِن كَرَامَتِهِم بِقَدْرِ مَا يَعْنِيهِم أَنْ يَضَعُوا رُؤُوسَهُم علىٰ وسَائِدهِم لَا يَحْمِلُونَ وِزْر أَحَد، فَهَؤُلَاء عَرَفُوا طَرِيق نَقَاء السَّرِيرَة وَأَنَّ الدُّنْيَا لَيْسَتْ بالحَجمِ الَّذِي نَرَاهُ وَنَحْن علىٰ سَطْحِ الأَرْضِ.

 

فسَلامٌ علىٰ مِن يَعْكِس الْجَمَال مَهْمَا كَانَ مُرهَقًا مِنْ الدَّاخِلِ وسَلامٌ عَلَىٰ مَنْ يَنْشُر طِيَّب كَلَامِه مَهْمَا كَانَ مُثقلًا فِي قَلْبِهِ وسَلامٌ علىٰ مِنْ يُقدِمُون الزَّهْر بأيادٍ مَجْرُوحَة فهم لَا يتعكزون بظروفهم عَلَىٰ الْآخَرِينَ وَلَا يتذَرعُون بأحزَانِهم سببًا لِجُرْح غَيْرِهِمْ بَلْ يسنِدُون أَنْفُسِهِم وَمَنْ حَوْلَهُمْ بالجَبرِ فأُولَئِكَ الَّذِينَ لَا يَنشُرُون إلَّا رَبِيعًا حتىٰ وَإِنْ كَانَ الْخَرِيفُ مِلِئ صُدُورِهِم.

 

أَجْل فَهُم يَفْتَحُون أَعْيُنِهِم كُلِّ صَبَاحٍ عَلَىٰ شَمسٍ لَن تَغْرُب بَل تُشرِق مِن دَاخِلهِم قَبْل الَّتِي تَظْهَرُ فِي السَّمَاءِ لتُخبِرهُم بِأَنَّهُم نورٌ سَاطِعٌ لَن يَنْطَفِئ أبدًا بَلْ أنَّهُمْ مَصدَرٌ لِلْحَيَاةِ وللأملِ فهُم وَاثِقُون بِأَنْفُسِهِم ولديهِم مِن الْأَحْلَام مَا يَكْفِيهِمْ لتَجَاوُزِ كَامِل العَقَبَاتِ الَّتِي تُعَكَّر صَفْو مِزَاجهِم حَتَّىٰ وَإِنْ غَرَبَتْ شَمْس الدُّنْيَا فِي نِهَايَةِ الْيَوْم وَلَكِنْ مَا زَالَ النُّور يشعُ مِن دَاخِلِهِم لأن قُلُوبِهِم لَن تنطفئ أبدًا فَالسَّعَادَة قَرَارهِم مَهْمَا كَانَ.

 

واخيرًا…
أَنْتَ لَا تمتلك كَافَّة الْمَفَاتِيح لِجَمِيع الْأَبْوَابِ الَّتِي تَتَمَنَّىٰ عُبُورهَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَلَكِن كُنّ عَلَىٰ يَقِينٍ أَنَّ رَبَّ الْعِبَادِ سيمنحك الْمِفْتَاح الذَّهَبِيّ لِكُلّ الْأَبْوَاب.

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.