يوميات مهاجر في بلاد الجن والملائكة (6)

 

الزعيم في أول درس فرنساوي …..!!
سألته موظفة الإستقبال عن مدى معرفته بالفرنسية فقال لها : ولا كلمة , لانه كان يعتبر ما تعلمه في المدارس الثانوية لايمت للفرنسية لا من قريب ولا من بعيد , خلطة سرية لايدركها إلا مدرسو اللغة الفرنسية والتي بالطبع لا يفهمون منها شيء .
استخدم صاحبنا تحريك رقبته بالنفي عن صلته المسبقة بتلك اللغة , لدرجة السؤال عن معرفته بالحروف التي نفى معرفته بها نفياً قاطعاً……قال لها جملة واحدة : أنا في الفرنسية أبيض ناصع البياض .
إختارت له السيدة دورة تعلم بنظام السمعي البصري , الدورة 3 شهور 3 ساعات يومياً 5 مرات في الأسبوع .
وحصل على أول بطاقة مكتوبة بالفرنسية مقابل 12 جنيه عدّاً ونقداً للدورة كلها , كل جنيه ينطح جنيه , الأن تجاوزت الألف .
دخلت سيدة طويلة القامة القاعة , شقراء , قصيرة الشعر , نحيفة الجسد , تعلو وجهها إبتسامة , تفحصت وجوه الحضور من كل الأعمار , تلك الوجوه منها من يعرف الفرنسية ومنها من هو (( بلاطة )) مثل صاحبنا , كان بجواره الأستاذ (( إبراهيم )) وكان مديراً للمدرسة الفندقية , جاء يتعلم الفرنسية حتى يدرس أصول الفندقة مستقبلاً في فرنسا .
عرّفت المدرسة نفسها وقالت : أنا مدام بوعمّار أندريا , وطلبت كل واحد منا تعريف نفسه , وبدأ التعارف بيننا
وبدأت في تشغيل فيلم على شاشة عرض في صالة الدراسة .
الدرس كان يتحدث عن حوار بين ولد وبنت , تعرضت البنت للوقوع من على الرصيف , الولد جاء ليساعدها على النهوض , وتبدأ حدوتة التعارف وتستمر إلى ماشاء الله حتى الزواج , مثل الأفلام العربية , خاصة وأن الطلبة كلهم عرب مش أجانب.
كانت الأستاذة ((أندريا )) تطلب من جميع الطلبة تكرارالجمل بالفرنسية , وتطلب بالتأكيد من صاحبنا الذي يحاول أن يمط شفتيه إلى الأمام ويتراجع بظهره للخلف , وتنتفخ عروقه , ويأخذ شهيقاً ومع الزفير يُطلق الجملة
التي غالباً ما تكون خطأ في النطق , في هذا الوقت كانت مسرحية مدرسة المشاغبين لها الشهرة والسطوة على المسرح العربي , بل أن صاحبنا كان في تعلّمه للفرنسية أشبه بالزعيم عادل إمام , مجرد أن يدير شفتيه ويدفعهما للأمام , ينفجر الجميع من الضحك دون أن ينبث ببنت كلمة واحدة , أما الأستاذة (( أندريا )) تقف أمامه مثل الصنم دون أن تتحرك ولا تتركه إلا بعد أن ينطق نطقاً سليماً فتصفق له ويصفق معها الجميع , لم تنطق الأستاذة (( أندريا )) ولو كلمة واحدة بالعربي , كان الحديث مع الجميع بالفرنسية , كله كوم وحديثها مع صاحبنا كوم ثاني .
كانت تسأله فيفتح فاه ويقول : (( الولية ديه بتقول إيه ))….؟ طب حد يقول حاجة …..هو أنا زعيم اونطة ولا إيه …..؟ وينفجر الجميع بالضحك
كانت تصرخ فيه الأستاذة بالفرنسية ممنوع الكلام بالعربي .
كانت الدروس بالنظام السمعي البصري إضافة للمعمل , أقصد معمل الصوتيات لمعرفة كيفية نطق الحروف في بداية الكلمات وأوساطها وأواخرها .
تذكر صاحبنا كتاب اللغة الفرنسية بدون معلم والذي أنفق فيه خمسة قروش على أمل أن يتعلم منه ولو جملة واحدة .
كان صاحبنا عنيد لايستسلم للهزيمة ببساطة .
مازالت درجات السلم الرخام الأبيض تأخذه لحلمه البعيد في رحاب مدينة النور .
كان خفيف الظل , حلو المعشر , سرعان ما طارت شهرته للمركز كله …..فهل تطير شهرته للتفوق ؟
كان عليه أن يقهر صعوبات تلك اللغة …..!!
وفجأة إهتدى لفكرة جُهنمية ساعدته على تعلم الفرنسية .
ماهي تلك الفكرة ؟
هذا ما سوف نعرفه في الحلقة القادمة
إنتظرونا حصريا هنا
دكتور / محمد حسن كامل
رئيس اتحاد الكتاب والمثقفين العرب

قد يعجبك ايضآ
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.